تقارير وحوارات

شحير بحضرموت تحتفي بزفاف 44 عريسًا وعروسًا في الزواج الجماعي التاسع

كريترنيوز /تقرير / صبري باداكي

 

في إطار تعزيز قيم التكافل الاجتماعي ودعم الشباب المقبلين على الزواج، احتفلت مدينة شحير التابعة لمديرية غيل باوزير بمحافظة حضرموت، من صباح يوم السبت الثامن والعشرين من شهر يونيو، بالنسخة التاسعة من الزواج الجماعي حتى الختام مساءً، والذي شهد زفاف 44 عريسًا وعروسًا في حفل بهيج جمع الأهالي والمسؤولين والمحبين.

 

ويُعد هذا الحدث مناسبة سنوية تُبرز تقاليد المجتمع المحلي في دعم الزواج، في خطوة جريئة قام بها أهالي شحير لتخفيف الأعباء المادية على الشباب، مما يعكس روح التعاون والفرح التي تميز أبناء المدينة. وجاء الاحتفال بالتنسيق مع الجهات المحلية والجمعيات الخيرية، بتكاتف جهود عقال وشيوخ أهل شحير لإنجاز هذا الحدث الكبير، حيث ضمنت المراسيم تقاليد زفاف تعكس التراث الأصيل للمدينة مع توفير متطلبات الزواج الأساسية للعروسين.

وهذا المشروع الاجتماعي الناجح ليس مجرد حفل عابر، بل رسالة تُكرس معاني التضامن وبناء الأسرة في إطار قيمي واقتصادي مستدام.

 

واليوم نسلط الضوء على مثل هذا الزواج الجماعي الذي يشمل أبناء مدينة شحير، على أمل أن تحذو المديريات والمناطق الأخرى حذو هذه الخطوة الجريئة. وشحير بهذه المناسبة الكبيرة تجدد التزامها برعاية مثل هذه المبادرات الإنسانية، التي تُشكل لبنةً في تماسك المجتمع وفرحة تُضاف إلى تاريخها العريق.

 

“خطوة في الطريق الصحيح”

 

في ظل انهيار قيمة العملة المحلية وارتفاع الأسعار بشكل خيالي في بلادنا، ظهر ما يُعرف بـ”الزواج الجماعي”، خاصة مع غلاء المهور وتكاليف الزواج الباهظة التي تُثقل كاهل الآباء والأمهات، ومدينة شحير برجالها وشبابها وأبنائها عقدت العزم على التخلص من الزواجات الفردية التي ترهق الأسرة بتحمل كافة مصاريف الزواج بمفردها، وقامت بتشكيل لجنة من خيرة أبنائها لترتيب أمور الزواج الجماعي لتخفيف الأعباء عن الشباب وأسرهم، وخرجوا بزواج جماعي بلغ نسخته التاسعة، حيث تم زفاف 44 عريسًا وعروسًا.

 

شهد الحفل مراسيم متنوعة من صباح يوم السبت الثامن والعشرين من يونيو حتى المساء، وتخللته العديد من الألعاب الشعبية وعرض مسرحي كوميدي قدمته فرقة البندر، حيث عاشت المدينة أجواء فرحة وحضورًا رسميًا لشخصيات اجتماعية وثقافية ورياضية بارزة، على رأسهم مدير عام المديرية الأستاذ سالم عبدالله العطيشي. خطوة يستحق عليها أهالي شحير كل الشكر، فقد حققوا إنجازًا غير عادي بجمع أبناء المدينة في آن واحد.

 

“مراسيم متنوعة”

 

في صباح يوم السبت، كان الجميع في استعداد لتجهيز كافة متطلبات هذا الحدث الكبير الذي احتضنته مدينة شحير، حيث عمل كلٌ في مجاله دون كلل أو ملل لإنجاح هذا المشروع المجتمعي الفريد، وفي المساء بدأت أولى خطوات العرسان الزوجية بعقد القرآن في مسجد جامع شحير، حيث كتب الله لهم شركاء حياتهم في الزواج الجماعي التاسع لـ 44 عريسًا وعروسًا، واختلطت دموع الفرح بزغاريد الأمهات، وتعانقت الأيدي لتبارك للعرسان الجدد دخولهم في مرحلة المسؤولية الأسرية، وسط أجواء تراثية من أهازيج “الزامل” ورقصة “العدة”، بتناغم مع دقات القلب وتراث كان حاضرًا بقوة.

 

وفي المساء كانت وجبة العشاء أولى الفعاليات الختامية، حيث برز الكرم مع استقبال الضيوف الذين توافدوا من كل حدب وصوب لحضور هذه المناسبة العظيمة، وتألقت عروض الأطفال مثل محمد سالم بن محركة وعبدالرحمن الشعيب، إلى جانب الرقصات الشعبية لشباب شحير، وكان ختام الحفل مع فقرات المرح والترفيه التي قدمتها فرقة البندر الكوميدية، حيث حمل كل مشهد قصة ومعاناة حُبكت في سيمفونية من التكافل الاجتماعي.

 

“ترحيب ورقصة العرسان”

 

تخلل الحفل رقصة تراثية بعنوان “أهلاً وسهلاً بالجميع في مدينة شحير أرض الطيبين” نفذها نخبة من شباب المدينة، واستقبلها الحضور بحفاوة بالغة الكلمات والألحان كانت للشاعر محمد جمعان بن حدجة، وبأداء محمد حاج الشعملي وعوض سعيد برعود، وتدريب عبدالله سالم الخلاقي. وكما شهد الحفل فقرة “زفة العرسان” التي ينتظرها كل عريس لتفريغ مشاعره في هذه الليلة الجميلة، حيث دخل العرسان إلى خشبة المسرح وسط إيقاع إنشادي رائع وأجواء بهيجة.

 

“كلمة السلطة المحلية بالمديرية”

 

من أبرز الحاضرين في الزواج الجماعي، بنسخته التاسعة، كان مدير عام مديرية غيل باوزير الأستاذ سالم عبدالله العطيشي، الذي ألقى كلمة هنأ فيها العرسان وأولياء أمورهم، مشيدًا بدور شحير وأهلها في تنظيم هذا الزواج الجماعي، وقدم شكره لكل الداعمين والمساهمين في إنجاح هذا المشروع، متمنيًا استمراره لما حققه من نجاح في تخفيف العبء عن الشباب المقبلين على الزواج، وأثنى على جهود اللجنة الأساسية واللجان الفرعية والفرق التطوعية، داعيًا الله أن يوفقهم ويجعل أعمالهم خالدة في الذاكرة.

 

“لهم الفضل في نجاح المشروع”

 

كان للجنة المنظمة دور فعال في ترتيب وتسهيل أمور الشباب، حيث تحملت سهر الليالي للتخطيط لإنجاح الزواج الجماعي التاسع. وتحدث الدكتور فائز محمد بازار، رئيس اللجنة الأساسية، مرحبًا بالحاضرين وناقلاً تهاني أعضاء اللجنة وأهل شحير للعرسان وأسرهم، وشكر كل من ساهم في إنجاح هذا المشروع المجتمعي، مقدمًا شكره للجنة النسوية والفرق التطوعية والرياضية، داعيًا الله أن يكتب أجرهم.

 

“العرسان هم الحفل نفسهُ”

 

العرسان، الذين كانوا محور هذا المهرجان، عبروا عن فرحتهم وشكرهم لكل من ساهم في إنجاح هذا اليوم. تحدث العريس معتز سالم محمد حميد نيابة عن زملائه العرسان، مهنئًا الجميع بفرحتهم وشاكرًا اللجنة المنظمة على جهودها، سائلاً المولى أن يبارك في حياتهم الزوجية.

 

“رسالة مهمة”

 

خلال متابعتي لفعاليات الزواج الجماعي التاسع بمدينة شحير، وما حمله من رسائل، أتساءل: من أين جاء كل هذا النجاح؟ هل كان سهلاً أم نتاج تعب وعناء؟ أناشد الجهات الحكومية والخيرية دعم مثل هذه المشاريع لتسهيل الزواج على الشباب، فالفكرة رائعة وتخفف الأعباء في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة.

 

“ختامًا”

 

شحير لم تحتفل بزفاف 44 عريسًا وعروسًا فقط، بل احتفلت بحياة جديدة وقلوب متفتحة للمستقبل. وبهذه المناسبة، تجدد المدينة التزامها بمبادرات تعزز التماسك الاجتماعي وتضيف فرحًا إلى تاريخها العريق.

زر الذهاب إلى الأعلى