حدث تاريخي في الرياض يغير قواعد اللعبة لأول مرة.. الرئيس الزُبيدي في مقر مجلس التعاون الخليجي.. ما الرسائل السياسية لهذه الزيارة ؟

كريترنيوز / تقرير
اعتبر ساسة ومفكرون وإعلاميون جنوبيون وعرب، زيارة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي – نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، الرسمية إلى مقر مجلس التعاون الخليجي بالعاصمة السعودية الرياض، يوم الأربعاء 2 يوليو 2025م، سابقة تاريخية لم تحدث من قبل.
زيارة الرئيس الزُبيدي الرسمية إلى مجلس التعاون الخليجي، والتي جاءت تلبية لدعوة الأمين العام للمجلس، معالي جاسم البديوي، يراها إعلاميون ومراقبون أنها تأتي لتؤكد عمق العلاقات وأهمية التنسيق المشترك، وتجسد حرص المجلس الانتقالي الجنوبي على تعزيز وتوثيق علاقته بإخوانه في دول الخليج العربي، وكذا لتثبيت دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة، بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة، قائدة التحالف العربي.
من جهته، أكد الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي – نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي، محورية دور دول مجلس التعاون الخليجي في مسار إحلال السلام وإعادة الأمن والاستقرار إلى بلادنا، وذلك خلال لقائه يوم الأربعاء 2 يوليو 2025م، بمعالي جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، في مقر الأمانة العامة للمجلس في العاصمة السعودية الرياض.
وجرى خلال اللقاء استعراض مستجدات الأوضاع السياسية والإنسانية في بلادنا، والجهود المبذولة من قبل الشركاء الإقليميين والدوليين لإنهاء الصراع، ودعم مسار السلام، وإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة.
كما تطرق اللقاء إلى الأحداث المتسارعة التي شهدتها المنطقة، وانعكاساتها على الوضع الإنساني في بلادنا، والدور الذي تلعبه دول مجلس التعاون الخليجي في دعم مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، ومساندتها لجهود تطبيع الحياة، وإصلاح مسار العمل بمؤسسات الدولة، وتحسين الأوضاع المعيشية والخدمية في المناطق المحررة، لضمان استقرار المنطقة والإقليم.
وفي هذا السياق، أكد معالي الأستاذ جاسم البديوي أن دول مجلس التعاون تدعم كافة الجهود الإغاثية والإنسانية لمساعدة شعبنا، للتغلب على التحديات الاقتصادية والمعيشية، مشيراً إلى أن الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي تتطلع إلى استضافة المؤتمر الدولي للأمن الغذائي في اليمن خلال الفترة القادمة.
حضر اللقاء سرحان المنيخر، رئيس بعثة مجلس التعاون الخليجي لدى بلادنا، ومن جانب مجلس الانتقالي: محمد الغيثي، عضو هيئة الرئاسة – رئيس هيئة التشاور والمصالحة، والدكتور ناصر الخبجي، رئيس الهيئة السياسية بالمجلس – رئيس وحدة شؤون المفاوضات، وعماد محمد، مدير مكتب نائب رئيس مجلس القيادة، وصالح القعيطي، مستشار الرئيس الزُبيدي.
وقالت وسائل إعلام إن هذا اللقاء يأتي بالتزامن مع اختتام زيارة المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إلى العاصمة عدن، والتي التقى خلالها رئيس الوزراء سالم بن بريك، ودعا فيها إلى تشكيل وفد تفاوضي مشترك يمثل المكونات السياسية، استعدادًا لجولة مقبلة من المحادثات.
وشدد غروندبرغ على ضرورة الانتقال من مرحلة (اللاحرب واللاسلم) إلى تسوية دائمة، ترتكز على قيادة يمنية مسؤولة وإجراءات بناء ثقة حقيقية، مؤكدًا أهمية دعم الجهود الإقليمية والدولية لإنجاح أي حل سياسي شامل.
سابقة تاريخية لم تحدث من قبل:
الكاتب والمفكر السياسي الكويتي الأستاذ أنور الرشيد، تساءل في منشور إعلامي: ماذا يعني استقبال الزُبيدي في مقر مجلس التعاون؟ وأردف قائلاً: في سابقة تاريخية لم تحدث من قبل، بحكم متابعتي للملف الجنوبي منذ أكثر من عقد ونصف متابعةً يوميةً، وما يحدث به ويستجد به من أحداث جسام كثيرة وتاريخية، لم أرصد حقيقة حدثًا بمثل هذه الأهمية، أن يستقبل أمين عام مجلس التعاون الخليجي زعيمًا جنوبيًّا تعهَّد أمام جماهير الشعب الجنوبي بمليونيتين بأنه يحمل ملف عودة دولة الجنوب. لقد استقبله أمين عام مجلس التعاون الخليجي في مقر المجلس في العاصمة السعودية الرياض.
وأضاف قائلاً: هذه الخطوة، أعتقد بأنها خطوة تاريخية ومهمة جداً، في إطار ما نسمعه من تقارير تتحدث عن ترتيبات تتم ليس فقط على المستوى الخليجي، وإنما على المستوى الدولي، وذلك لأن اليمن عموماً موجود في ممر مائي دولي غير مستقر، ويهم استقراره كل دول العالم شرقاً وغرباً.
واستطرد الرشيد قائلاً: إن هذا اللقاء حتماً سيصب في مصلحة الجنوب الذي يشرف على مضيق باب المندب، والقوى التي يمكن الوثوق بها هي القوى الجنوبية تحت قيادة سعادة اللواء عيدروس الزُبيدي، وهذا أمر رائع حقيقةً وفرصة يا سعادة اللواء أن تطرح رؤيتك الواضحة، بأن عودة دولة الجنوب ستحقق أمنًا واستقرارًا ليس لليمن فقط، وإنما للعمق الاستراتيجي الخليجي، وأيضاً للتجارة الدولية، وأرجو من الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي أن يرفع تقريرًا بذلك لقادة مجلس التعاون، مع توصية بضم الجنوب لمنظومة مجلس التعاون، لما لذلك من أهمية استراتيجية تعطي دول الخليج قوةً ليس على الصعيد الإقليمي، وإنما على الصعيد الدولي أيضاً.
وتابع قائلاً: أتمنى أن تتفهم دول الخليج البعد الاستراتيجي بضم الجنوب، بقيادة سعادة اللواء عيدروس الزُبيدي، لمجلس التعاون الخليجي كحاكم موثوق به بعد الاعتراف بعودة دولة الجنوب.. وبالرجوع لبيان مجلس التعاون الخليجي في عام 1994، الذي رفضت به دول الخليج الوحدة بالقوة، خير دليل على أن ضم الجنوب لمجلس التعاون خطوةٌ منسجمةٌ مع دول مجلس التعاون، سياسيًّا وأمنيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا.
وختم منشوره قائلاً: فهل نرى توصيةً من معالي الأمين العام لمجلس التعاون بضم الجنوب لمنظومته؟ هذا ما آمله.
جنوبيون يشيدون بالزيارة وحفاوة الاستقبال:
أشاد ناشطون جنوبيون بالزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، إلى مقر مجلس التعاون الخليجي، مشيرين إلى أن الزُبيدي يتمتع بكاريزما وحنكة دبلوماسية وانفتاح على الجوار العربي، جعله محل إعجاب وقبول أشقائه العرب، شاكرين الأشقاء الخليجيين على حسن وحفاوة الاستقبال.. منوهين إلى أن تحركات الرئيس الزُبيدي عقلانية، تمهد الطريق أمام الاعتراف التدريجي بدولة الجنوب، وصولاً إلى إبرام شراكة استراتيجية تخدم الجنوب ودول الخليج العربي، لا سيما المصالح والمخاطر مشتركة.
ويرى ناشطون أن الزيارة وحفاوة الاستقبال رداً قوياً على تصريحات واعترافات الرئيس الجنوبي الأسبق علي ناصر محمد، واستخفافه بقيادات مجلس التعاون الخليجي. حيث أكد في لقاء متلفز أنه نجح في خداع الخليجيين وأفشل مشروع ضم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إلى مجلس التعاون الخليجي في العام 1989م.
وكان الصحفي ياسر اليافعي قد انتقد تصريحات الرئيس الأسبق علي ناصر محمد، بشأن تعطيله انضمام الجنوب إلى مجلس التعاون الخليجي.
وقال اليافعي في تغريدة خطها على صفحته بموقع “إكس”: ما قاله علي ناصر عن تعطيله انضمام الجنوب لمجلس التعاون لم يكن بدافع وطني، بل بدافع حلمه القديم أن يصبح رئيسًا لكل اليمن.. معتبرًا أن الرجل كان يسعى لكسب اليمنيين الشماليين ولو على حساب قضية الجنوب، تمامًا كمن وصفهم بدعاة اليمن الكبير، الذين يضحون بعدالة القضية الجنوبية مقابل مكاسب شخصية، أو رصيد رقمي على مواقع التواصل.
وأضاف اليافعي: نكبة الجنوب بدأت مع الحزب الاشتراكي اليمني منذ الاستقلال، حين تجاهل قادته اعتراف الأمم المتحدة بدولة الجنوب العربي، وأصرّوا على ربط الجنوب العربي باليمن، فكانت النتيجة كارثية”، مشيرًا إلى أن من حكموا الجنوب آنذاك “مجموعة من الجهلة الذين قرروا مصير شعب بأكمله”، وجعلوا الجنوب يدفع الثمن “دمًا وكرامة ومستقبلًا”.
وختم منشوره قائلاً: حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم، ففي أعناقهم كل ما حلّ بالجنوب من مآسٍ، وما قد يحل بالأجيال القادمة من ويلات بسبب قراراتهم الكارثية.
ختاماً..
هنالك بديهيات وحقائق فرضت نفسها على أرض الواقع، تفرض على الأشقاء الخليجيين ضم الجنوبيين إلى مجلس التعاون الخليجي، تلخصت في:
انسلاخ صنعاء عن الجسد العربي وارتماؤها في أحضان جمهورية إيران الاسلامية الفارسية الشيعية، العدو التاريخي للأمة العربية، زد على ذلك إطلاق الصواريخ الحوثية على الأشقاء في المملكة العربية السعودية.
أصبحت صنعاء خنجراً إيرانياً مسموماً مغروساً في خاصرة الخليج والأمة العربية، وبات من الضرورة بمكان ضم الجنوب إلى مجلس التعاون الخليجي، لمنع التوسع الفارسي بمنطقة جنوب الجزيرة العربية، ولتقليص خطورة صنعاء والحوثيين على منطقة الخليج، وعلى الأمن القومي العربي بشكل عام.