تقارير وحوارات

تشرعن لليمننة وتهمّش القضية الجنوبية..«المرجعيات الثلاث» بوابة الشرعية لتمرير التسويات المشبوهة في الجنوب..!

كريترنيوز/ تقرير

 

رغم مقاطعة الجنوبيين انتخابات صنعاء التي أجريت في العام 2012م، وكان مرشحها التوافقي الوحيد عبد ربه منصور هادي، نجح الحراك السلمي الجنوبي في منع تنظيمها بجميع محافظات الجنوب، واقتصرت عملية انتخاب هادي على المحافظات الشمالية. لذا، فإنه لا شرعية للرئيس هادي في الجنوب، بحسب مختصين.. مشيرين إلى أن الحرب حوثي عفاشية على الجنوب في العام 2015م أسقطت ما تبقى من مرجعيات الحل الثلاث: “المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، وقرار مجلس الأمن 2216”.

 

وبحسب منشور للكاتب هاني سالم مسهور، خطه في وقت سابق قال في بعض منه: في ديسمبر ٢٠١٢ وجهت أمانة مجلس التعاون الخليجي الدعوة للطيف السياسي الجنوبي للقاء في العاصمة السعودية الرياض، فلبى الجنوبيون الدعوة، وأفضى اللقاء لموافقة الجنوببين على المشاركة في مؤتمر الحوار، بشرط عقد مؤتمر جنوبي واسع يفرز قيادة جنوبية موحدة، ووافق مجلس التعاون على المقترح، ليرفضه الرئيس هادي معتبراً أن ما يسمى (مؤتمر شعب الجنوب) هو ممثل القضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني، وبذلك وأدت فرصة مواتية لتشكيل الحامل السياسي للقضية الجنوبية.

 

مضيفاً: كان لاختزال القضية الجنوبية في شخص الرئيس هادي وفريقه، الذي مثل الجنوب في مؤتمر الحوار يعيش على ما فرضته قوى الشمال، يمنح الجنوب وعوداً وهمية تتمثل في مخرجات الحوار الوطني، وسيفاً مسلطاً بتفتيت الجغرافية الجنوبية بما يسمى الأقاليم، في فيدرالية تعزز فرض هيمنة القوى المتنفذة على الجنوب وتكريس احتلالها منذ ١٩٩٤م.

 

من جهته، الدكتور أحمد ياسين السليماني، أستاذ جامعي وناشط سياسي، قدم قراءة في الملامح الرئيسة للقضية الجنوبية في مؤتمر الحوار الوطني،

قال في بعض فقراتها:

ورد في الفقرة (19) في البند (ت) من المبادرة الخليجية “يقف الحوار أمام القضية الجنوبية بما يفضي إلى حل وطني عادل لها يحفظ لليمن وحدته واستقراره وأمنه”، وعلى الرغم من سيل المتناقضات في هذه الفقرة، فإنه أعطى للقضية الجنوبية خصوصية تفرقها عن غيرها من المشكلات، وهو ما يعني وجوباً أن يكون الحوار جنوبي – شمالي، فلا يمكن أن يكون هذا الحل عادلاً إذ انتفت هذه العدالة مبكراً، والتي تبدأ بتحديد طرفين للحوار يتقابلان في مسار حواري واحد.

وفي جزء من هذا البند ما يقرن، أو قل يربط الوحدة بالاستقرار والأمن، فإذا ما تعذر وجود الأمن والاستقرار مع الوحدة، فهل الأولوية ستكون للوحدة على حساب الأمن والاستقرار أو العكس؟ سؤال لا يحتاج إلى إجابة، إذ هي مودوعة في أكنافه، فالأمن والأمان أولاً.

والشيء الآخر، هو أن عبارة “يحفظ لليمن وحدته”، فإن شكل الدولة الاتحادية “الكونفدرالية” أقرب إلى هذه الوصفة، فهي تعطي للوحدة ما تعطي للجنوب، لأن الجنوبيين – وهذا أمر مفروع منه في غالبيتهم وسوادهم الأعظم – لا يحبذون الوحدة، وهم منزوعون الآن نحو فك الارتباط، ولا يؤيدون نظاماً حتى الفيدرالية الذي تجاوزوه وأصبح من الماضي، وتجاوزته الوقائع والأوضاع.

كل هذه الإشارات تؤكد بوضوح خصوصية القضية الجنوبية، ولذلك يجب أن يكون الحل مرضياً للجنوبيين، وليس لأطراف غيرهم، وليس ثمة حل غير هذه الطريق، على أن حل القضية الجنوبية يأتي من قبل الجنوبيين لا أن يمليه عليهم أحد.

 

وبحسب منشور للدكتور عيدروس النقيب، خطه في وقت سابق، قال في بعض منه: بفضل المبادرة الخليجية حصل المخلوع صالح عفاش (والذين عملوا معه) على صك براءة من كل جرائمهم، كما حصلوا على حق المشاركة في الحياة السياسية، رغم تشبثهم بالحصانة الذي يعني (التشبث) اعترافاً مباشراً بجرمهم، وحملت المبادرة عناصر فشلها في داخلها، وكانت سبباً في وصول الأمور في البلد إلى ما وصلت إليه، دعك عن حقيقة فاقعة، وهي أن المبادرة لم تقل شيئاً فيما يخص القضية الجنوبية التي أقر الجميع بأنها مفتاح الحل في اليمن، والتي جرى اختزالها في تقسيم الجنوب إلى إقليمين، بدلاً من بحث أسباب القضية والمتمثل في تدمير الدولة الجنوبية، وتحويل الجنوب إلى غنيمة حرب بيد شركاء حرب 1994م.

 

وتابع النقيب قائلاً: لم تنجح المبادرة الخليجية في تقديم أي حل للمشكلة اليمنية، ولو في الحدود الدنيا، بل صارت سبباً في تصاعد المشكلة وتشعبها، وليس سراً أن صالح وأنصاره حتى اليوم يصرون على اعتبارها مرجعيتهم في الوقت الراهن والمستقبل، لأنها المنقذ الوحيد لهم من حكم التاريخ على كل جرائمهم، ولأنها تلغي الثورة والحوار والمقاومة، وتعود بالبلد إلى ما قبل 2011م.

 

الحوثي أسقط المرجعيات الثلاث:

 

في السياق، لا تعترف مليشيات الحوثي ولا تقبل بأي حوار أو تسويات سياسية تحت سقف المرجعيات الثلاث، ترفضها الجماعة جملة وتفصيلاً، بدعوى أنها باتت من الماضي وغير صالحة لمواكبة المستجدات، وأن الضرورة تقتضي صياغة مبادرة جديدة أو مقترحات للحل، تقوم على إنهاء عمليات التحالف العربي وانسحابه الكلي من البلد، وتسليم رواتب الموظفين في المناطق الخاضعة لهم، وفتح مطار صنعاء الدولي بشكل كلي، وإعادة إعمار البلد، ودفع تعويضات، وتفكيك التشكيلات المسلحة في الجنوب.

 

ويرى مختصون أن انقلاب الحوثي وقتله حليفه عفاش، واستفراده في حكم صنعاء وبقية محافظات الشمال، أسقط المرجعيات الثلاث تلقائياً، لا سيما تكمن شرعية تلك المرجعيات في استعادة صنعاء، وهذا من سابع المستحيلات.

وباتت المرجعيات مجرد سيف مسلط على رؤوس الجنوبيين، استغلتها الشرعية اليمنية لتمرير مبادرات وتسويات تشرعن وجودها في الجنوب، على حساب تهميش القضية الجنوبية.

 

ولمزيد من الإيضاحات، التقت «سمانيوز» عدداً من الجنوبيين وخرجت بالإفادات أدناه:

 

القشة التي تتمسك بها بقية القوى اليمنية:

 

المحلل السياسي الأستاذ صالح علي الدويل باراس، يرى أن المرجعيات الثلاث القشة التي تتمسك بها بقية القوى اليمنية. وتابع قائلاً: فقدت تلك المرجعيات فعاليتها في صنعاء بعد سيطرة الحوثي عليها، وصار يفرض شروطاً لا علاقة لها بالمرجعيات. ومع ذلك، لا تزال هذه المرجعيات مسلطة على رؤوس الجنوبيين في عدن، وما جعلها مسلطة هو وجود الشرعية المهترئة فيها وإصرار التحالف على بقاء مسماها مهما كان التحلل السياسي فيها.

ولأنها فاشلة، فقد ظلت المرجعيات القشة التي تتمسك بها بقية القوى اليمنية الفاشلة، وصارت عنواناً لبقائها في المشهد السياسي. ورغم أنها لم تعد فعالة في صنعاء ولا تعكس الواقع الحالي في الجنوب، لكنها حالة صارت قاسماً مشتركاً بين شرعية فاشلة وتحالف يسعى للخروج من المأزق اليمني لتمرير وشرعنة المبادرات الفاشلة. لذلك نجد إصرار التحالف على أحياء رفاث تلك المرجعيات، وتمسّك بقية القوى والتحالف بها، وهي رهانات يمنية وإقليمية في التأثير على الوضع السياسي في الجنوب، وتجييره لصالح قوى اليمننة والمساومة به في الحل.

 

وختم الدويل قائلاً: بقية قوى اليمننة فشلت أن تكون نداً للحوثي، ولم يعد من ورقة إلا الضغط بها في الجنوب، وخلق علاقات مضطربة بين القوى السياسية فيه.

 

بفضلها أصبح الجنوب حقلاً للتجارب السياسية:

 

من جهته، الناشط الإعلامي الأستاذ ياسر محمد السعيدي قال: المرجعيات الثلاث تحكم الجنوب فقط منذ العام 2012م إلى يومنا، فيما تم إسقاطها في صنعاء من قبل جماعة الحوثي.

وتابع قائلاً: للأسف أن تلك المرجعيات كانت سبباً في استقدام الهاربين من صنعاء من بلادهم العربية اليمنية إلى الجنوب، ووفرت لهم بلداً بديلاً لبلدهم المغتصب بالقوة، بل وجعلتهم حكاماً على الجنوب ووكلاء للحوثي فيه من تحت الطاولة.

 

وختم الأستاذ ياسر قائلاً: لقد أصبحت هذه المرجعيات سيفاً مسلطاً على رؤوس الجنوبيين فقط، بفضلها أصبح الجنوب حقلاً للتجارب السياسية الفاشلة، تسويق مبادرات وتسويات غير عادلة ولا منصفة لشعب الجنوب، بل تصب في صالح ترسيخ سلطة الوافد اليمني على الجنوب، وعلينا القبول بهذه المرجعيات أو نكون متمردين، بحكم قرار مجلس الأمن الدولي 2216، ووفق البند السابع سيئ الصيت.

ولكن يستحال استمرار هكذا وضع، فالإرادة الجنوبية هي الأقوى، والأرض تقاتل إلى جانب أهلها، والنصر حليفنا طال الزمن أو قصر..

 

أصبحت من الماضي في ظل المتغيرات:

 

وكان الأستاذ محمد السعدي أبو عادل، عضو مجلس المستشارين بالمجلس الانتقالي الجنوبي، مسك ختام تقريرنا، حيث قال: أعتقد أن موضوع المرجعيات الثلاث قد أصبحت من الماضي، في ظل المتغيرات الجسيمة والأحداث المتلاحقة والحرب الطاحنة، ولم تعد تمتلك أي حضورٍ فعليٍّ أو هاجسٍ في المشهد الراهن. وما أفرزته الحرب من سقوط صنعاء وسيطرة المليشيات الحوثية على الشمال خلق واقعاً جديداً، تعزز بالتخاذل المتعمد من قِبَل ما يُسمى “الشرعية اليمنية”، في تنفيذ قرارات اتفاق الرياض الأول والثاني وآليتهما التنفيذية مع المجلس الانتقالي الجنوبي، والتي تلزمها بسحب قوات المنطقة الأولى من حضرموت والمهرة إلى مأرب، لمحاربة المليشيات الحوثية وإعادة الشرعية إلى صنعاء.

وتابع الأستاذ السعدي قائلاً: كما أن محاولات اجتياح المليشيات الحوثية والعفاشية للجنوب أفرزت واقعاً جديداً آخر، بعد انتصار القوات الجنوبية الباسلة في صد العدوان وتحرير أراضي الجنوب من براثن الاحتلال اليمني والمد الشيعي الفارسي المدعوم إيرانيًّا. وبذلك، أصبح المجلس الانتقالي الجنوبي الحامل السياسي الوحيد، والممثل الشرعي للقضية الجنوبية في استعادة دولة الجنوب، بتفويضٍ جماهيري تحت قيادة الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزبيدي.

زر الذهاب إلى الأعلى