تقارير وحوارات

حضرموت تشهد حراكاً شعبياً واسعاً عبر مظاهرات واحتجاجات تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية وتوفير الخدمات بشكل مستدام

تقرير / صبري باداكي

شهدت محافظة حضرموت، ساحلًا وواديًا، خلال هذه الأسابيع حراكًا شعبيًا واسعًا، عبر مظاهرات واحتجاجات تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية بشكل مستدام، وذلك في ظل تدهور حاد في الوضع الاقتصادي وانهيار متسارع لقيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.

وتأتي هذه المظاهرات في ظل معاناة السكان من نقص حاد في الكهرباء، التي انقطعت لمدة 48 ساعة تقريبًا، والمياه والوقود، بالإضافة إلى تردي الخدمات الصحية والتعليمية، مما يزيد من الأعباء على المواطنين الذين يعانون أصلًا من تدني الدخل وارتفاع الأسعار. وكما تفاقمت الأزمة الاقتصادية بسبب انهيار قيمة العملة المحلية أمام العملات الأجنبية الأخرى مثل الدولار والريال السعودي، مما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء.

ويطالب المتظاهرون في الساحل والوادي السلطات المحلية والحكومة باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه الأزمات، بما في ذلك تحسين الخدمات العامة ودعم القوة الشرائية للمواطنين، وضبط سوق الصرف لوقف التدهور المستمر للعملة المحلية. كما وجهت انتقادات لغياب الحلول الفعلية رغم تكرار الأزمات، مما يزيد من سخط السكان الذين يعبرون عن إحباطهم من تردي الأوضاع المعيشية.

“مكامن المشكلة”

تعود الأوضاع المعيشية الصعبة إلى انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية الأخرى، حيث وصل سعر صرف 1000 ريال سعودي إلى 750 ألف ريال يمني، مما جعل المواطن الغلبان في حيرة دائمة بين احتياجاته وراتبه المتدني. كما شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعًا خياليًا، وانقطاع الكهرباء الذي استمر 48 ساعة تقريبًا في ساحل حضرموت، مما دفع السكان إلى النزول إلى الشوارع في مظاهرات واحتجاجات تطالب بتحسين الأوضاع المعيشية ووقف انهيار العملة المحلية.

وشملت المظاهرات والاحتجاجات معظم مديريات ومناطق حضرموت، ساحلًا وواديًا، مما أدى إلى نتائج أولية تمثلت في عودة التيار الكهربائي إلى بعض مديريات الساحل، وإن لم يكن بشكل مستدام، وتحسن نسبي في قيمة العملة المحلية حيث انخفض سعر صرف 1000 ريال سعودي إلى 425 ألف ريال يمني، إلا أن هذه التحسينات تبقى مؤقتة، وسط مخاوف من عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه، مع استمرار معاناة المواطنين يومًا بعد يوم.

“حياة كريمة للمواطنين”

تمثل انتفاضة الشعب الحضرمي مطالبة بحقوقه المشروعة، حيث تركزت المطالب على تحسين الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصرف الصحي، والتي يعاني منها السكان بشكل حاد، بالإضافة إلى تردي الخدمات الصحية والتعليمية. كما تفاقمت الأزمة الاقتصادية بسبب الانهيار غير المسبوق للعملة المحلية أمام الدولار والريال السعودي، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في الأسعار وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين إلى مستويات خطيرة.

وتتزايد اتهامات المواطنين للسلطات المحلية بعدم الكفاءة، مع مطالبات بمحاسبة المسؤولين عن تدهور الأوضاع. وتعكس هذه الاحتجاجات تفاقم الأزمات في حضرموت رغم أهميتها الاقتصادية كمصدر رئيسي لإنتاج النفط والغاز، وموقعها الاستراتيجي الذي جعلها عرضة للصراعات المحلية والإقليمية. ومع استمرار التدهور الاقتصادي وتراجع الخدمات، قد يشهد الوضع مزيدًا من التصعيد إذا لم تُتخذ إجراءات حقيقية لمعالجة هذه الأزمات.

“حلول جذرية مطلوبة”

في ظل المساعي لإيجاد حلول جذرية، يجب على السلطات المحلية والحكومة:
1. إعلان خطة طوارئ شاملة لتحسين الكهرباء والمياه والخدمات الصحية والتعليمية، تحت إشراف شفاف.
2. تحويل عائدات الثروات النفطية في حضرموت إلى مشاريع خدمية، يشعر بها المواطن مباشرة.
3. تعزيز صلاحيات السلطة المحلية في إدارة الموارد دون عراقيل مركزية.
4. إشراك الكفاءات المحلية في الحلول الفنية والإدارية، والابتعاد عن المحاصصات السياسية.
5. تشكيل لجنة رقابة شعبية لمتابعة تنفيذ الحلول ضمانًا للشفافية.
6. فتح حوار مباشر مع المتظاهرين لسماع مطالبهم وتنفيذ الحلول العاجلة.

“إيضاحات”

في حوار مع المواطنين أفادوا بأن هذه الانتفاضة تمثل وسيلة ضغط مشروعة لتحقيق مطالبهم الأساسية، مؤكدين أنهم خرجوا بعد صبر طويل على الإهمال.
وأكدوا أن المطالب ليست ترفًا، بل حقوقًا أساسية تُذكر الحكومة بمسؤولياتها تجاه مواطنيها. كما عبّروا عن وعيهم بأهمية العيش في بيئة مستقرة ومزدهرة، بعيدًا عن الأزمات المتكررة.

“كلمات توجيهية”

في كلمات لتوجيه المعنى العام لهذه الانتفاضة الشعبية المطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية الصعبة، و توفير الخدمات الأساسية بشكل مستدام، كانت على النحو الآتي.
إلى المتظاهرين:
– حافظوا على سلمية حراككم، فصبركم ووعيكم يصنعان نموذجًا راقيًا للنضال المدني.
– تجنبوا الفوضى أو التخريب أو الاستغلال السياسي، فقوتكم في وحدتكم.

إلى الحكومة:
– حضرموت ليست مجرد رقم في التقارير، بل هي عمق الوطن التاريخي والاقتصادي.
– تأخر الحلول سيزيد الاحتقان، وأبسط أشكال الولاء هو توفير حياة كريمة للمواطنين.

ختاماً..
يبقى الوضع في حضرموت مرتبطًا بالسياق الوطني الأوسع للأزمة في البلاد، مما يجعل حلول الأزمات المحلية بحاجة إلى إصلاحات شاملة.

زر الذهاب إلى الأعلى