تقارير وحوارات

من مصافي العاصمة عدن عادت شعلة لا تنطفي

تقرير: حسين علي الذييبي

لم تكن عودة شعلة مصافي عدن إلى التوهج مجددًا حدثًا عفويًا، بل جاءت نتيجة جهد سياسي وإداري مكثف، قاد دفته المجلس الانتقالي الجنوبي، وفي مقدمته الرئيس القائد عيدروس بن قاسم الزُبيدي، الذي أولى ملف مصافي عدن اهتمامًا استثنائيًا باعتبارها أحد أعمدة السيادة الاقتصادية للجنوب.

منذ توليه قيادة المجلس، ظل الرئيس الزُبيدي يؤكد في خطاباته ولقاءاته المتكررة على أهمية استعادة وتشغيل المنشآت الحيوية، وعلى رأسها مصافي عدن، كمشروع وطني استراتيجي يعزز من قدرة الجنوب على إدارة موارده واستعادة عافيته الاقتصادية.

وقد عملت قيادة المجلس، بتوجيهات مباشرة من الرئيس الزُبيدي، على إزالة العراقيل التي حالت دون إعادة تشغيل المصافي، وتوفير الظروف الأمنية والسياسية الملائمة لإطلاق مشاريع إعادة التأهيل. كما كان للرئيس القائد دور محوري في دفع الجهات الفنية والهندسية لاستكمال الصيانة، وتأمين الدعم اللوجستي اللازم لإعادة تشغيل الشعلة بعد سنوات من الانطفاء.

فبعد سنوات من التوقف والتحديات، استعادت مصافي عاصمتنا الجنوبية عدن وهجها الصناعي، وعادت الشعلة التاريخية لتتقد من جديد، مُعلنةً بداية مرحلة جديدة من العمل والإنتاج في أحد أقدم وأهم رموز الاقتصاد في وطني الجنوبي .

في مشهد يحمل أبعادًا تاريخية واقتصادية ووطنية، أضاءت شعلة المصافي سماء العاصمة عدن، وسط ترحيب شعبي ورسمي واسع، حيث اعتُبرت هذه العودة مؤشرًا على استعادة جزء من البنية التحتية الحيوية التي عانت من الإهمال والتدمير خلال السنوات الماضية.

تاريخ عريق… وحاضر يتعافى:

تُعد مصافي عدن من أقدم المصافي في المنطقة، حيث تم إنشاؤها في خمسينيات القرن الماضي، ولعبت دورًا محوريًا في رفد السوق المحلي والمحيط الإقليمي بالمشتقات النفطية، كما كانت مصدر دخل هام للوطن ، ومركزًا للتشغيل والصناعات المساندة.

لكن سنوات الحرب والصراع ألقت بظلالها الثقيلة على المنشأة، حيث توقفت عن العمل مرارًا، وتعرضت بنيتها التحتية للتآكل، ما أدى إلى تعثر الإنتاج وغياب الدور الحيوي للمصفاة.

جهود الإحياء والتأهيل:

عادت الحياة إلى مصافي عدن بعد جهود مكثفة لإعادة تأهيل الأجزاء الرئيسية من المصفاة، وصيانة المعدات، وتوفير المواد التشغيلية، بدعم من كفاءات محلية وخبرات هندسية ظلت متمسكة بالأمل رغم الصعاب.

إن “عودة الشعلة تمثل الخطوة الأولى نحو استئناف العمليات التشغيلية بطاقتها الكاملة”، و أن “هناك خططًا مستقبلية لتحديث وتوسعة المصفاة بما يعزز من دورها في تلبية احتياجات السوق المحلي، وتقليل الاعتماد على الاستيراد الخارجي”.

أمل اقتصادي في زمن الحاجة:

عودة شعلة المصافي لا تحمل فقط رمزية فنية أو صناعية، بل تمثل أملًا حقيقيًا للعديد من القطاعات المرتبطة بها، من النقل إلى التوزيع، ومن العمالة المحلية إلى ميزانية الدولة.

وتنظر الأوساط الاقتصادية إلى هذه الخطوة كبداية مشجعة لإحياء بقية المنشآت الاستراتيجية في الوطن ، خاصة في ظل الأزمة الخانقة في الطاقة والوقود، وارتفاع كلفة الاستيراد.

تأكيدنا على أن التحركات السياسية والدبلوماسية التي قادها المجلس الانتقالي الجنوبي ساهمت أيضًا في إعادة تسليط الضوء على أهمية المصفاة إقليميًا، وفتح قنوات للتعاون والدعم في هذا الملف.

إن هذا الإنجاز يُعد محطة مهمة في مسار استعادة الجنوب لمقدراته، ورسالة واضحة بأن الإرادة السياسية عندما تتلاقى مع الرؤية الاستراتيجية والقرار الجريء، فإنها تُعيد الحياة إلى مفاصل الدولة، وتفتح آفاقًا للتنمية والسيادة الاقتصادية.

زر الذهاب إلى الأعلى