تقارير وحوارات

«العسكرية الأولى».. قوات احتلال تنكل بالجنوبيين في حضرموت الوادي، إلى متى؟

كريترنيوز / تقرير

يقول المثل المصري “يموت الزمار وأصابعه بتلعب”، مات عفاش ولكن أصابعه العفاشية إخوانية حوثية لا تزال تلعب وتعيث فساداً وخراباً في الجنوب.
أغلب الأدوات التي جعلت الجنوب يعيش داخل المربع الأول، مربع العنف والإرهاب وانتهاك الحريات، وقمع الاحتجاجات السلمية منذ العام 1994م وتصاعدت حدتها عقب العام 2007م، قد رحلت عن الجنوب ولم يتبقَ غير المنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت. لم ترحل ولم تخرج من مربع العنف، ولم تترك الناس يعيشون في أمن وسلام.

تساءل مراقبون: ماذا تريد المنطقة العسكرية الأولى من الأرض والإنسان في حضرموت الوادي؟ وإلى متى يستمر مكوثها وتنكيلها بالأهالي المسالمين وهل يظل الأهالي مسالمين إلى ما لا نهاية؟
تدير العسكرية الأولى إرهاباً وعنفاً وانتهاكات تتجدد عند الحاجة دون رادع، بحسب مراقبين.. متسائلين: إلى متى يستمر هكذا وضع مؤسف؟! وإلى متى يبقى أهالي وادي حضرموت رهن المربع اليمني الأول؟!

فيما تساءل محللون : لأي جهة تأتمر المنطقة العسكرية الأولى؟ ولمن ولاؤها؟
وقال الأكاديمي، عضو اللجنة العليا لمكافحة الفساد، الدكتور عبدالله مبارك الغيثي، في تغريدة على منصة “إكس” إن المنطقة العسكرية الأولى لا تخضع لتوجيهات وأوامر وزير الدفاع، مثلما سفراء الشرعية لا يخضعون لوزير الخارجية.. تعرفون لماذا؟ لأن وزيري الدفاع والخارجية، الداعري والزنداني، جنوبيان للأسف.
وأضاف الغيثي في تغريدة أخرى: قوات المنطقة العسكرية الأولى تمارس في صحراء ووادي حضرموت، ما كان يمارسه الأمن المركزي في عدن في عهد عفاش.

وبحسب مغردين: أهالي حضرموت مسالمون، رجال علم وتجارة، ولكن إذا ما فرضت عليهم الحرب فهم أهلها وهم للسلام أقرب.

ويقول جنوبيون: المنطقة العسكرية الأولى قاسم مشترك، يجمع فرقاء اليمن، الإخوان والعفاشيين بمن فيهم العليمي والأطر اليمنية المنخرطة ضمن الرئاسي والحكومة، وكذا الحوثيين. تمثل آخر مسمار يمني في الجنوب، يضمن – بحسب تقديرهم – الآتي:
– منع فك ارتباط الجنوب عن صنعاء.
– استمرار هيمنة صنعاء على منابع النفط في الجنوب.
– ورقة سياسية يمنية ضد التحالف العربي، ولتحقيق مكاسب سياسية في أية مفاوضات.
– عكس صورة مغلوطة للعالم وللمبعوث الأممي، مفادها أن الوحدة اليمنية لا تزال قائمة على أرض الواقع، وإذا تطلب الأمر نفرضها بالقوة.
– حماية الشركات والمصالح التجارية اليمنية العاملة في الجنوب.
– العمل ضد المجلس الانتقالي الجنوبي، وإفشال جهوده السياسية والاقتصادية والامنية.
– رعاية ودعم التنظيمات الإرهابية، وإشاعة الفوضى وزعزعة الأمن بهدف استنزاف القوات المسلحة الجنوبية، وإظهارها أمام العالم بأنها فاشلة وعاجزة وغير مؤهلة لإدارة المناطق الواقعة تحت سيطرتها.
– جعل الجنوب مرتعاً مستداماً للإرهاب، لتخويف العالم من قادم مستقبل الجنوب حال انفصاله عن صنعاء.

قمع الاحتجاجات كشف الأقنعة وأظهر النوايا الخبيثة:

مطلع أغسطس 2025م، شهدت مدينة تريم بحضرموت – مدينة العلم والثقافة والتصوف والسكينة والهدوء – احتجاجات غاضبة، شبت عن الطوق، لم يستطع الأهالي الاستمرار بالاعتكاف خلف الصبر عقب أن تجاوز حدوده وأصبح قاتلاً، فالصبر إذا تجاوز حدوده قتل.
الناس أنهكت بسبب الحرب الاقتصادية والخدمية، العملة انهارت بشكل مخيف، وفساد وغلاء معيشة قاتل لا يطاق ولا يستطيع المواطن العاقل تحمله أو التعايش معه. خرج أبناء وادي حضرموت عن حلمهم وعن طورهم المسالم الهادئ، وكما يقولون: (حذاري من غضب الحليم).

في المقابل، كشفت القوى اليمنية، خصوصًا تنظيم الإخوان، عن الوجه القبيح الذي لطالما حاول إخفاءه خلف شعارات الحرية، إلا أن احتجاجات تريم أسقطت القناع، لتتأكد حقيقة أن صراع أبناء وادي حضرموت مع الإخوان يعد معركة بقاء بين شعب يريد أن يعيش حراً عزيزاً يتسيد على أرضه وثروته، ويعبر عن رأيه دون خوف أو توجس، وبين ذراع حزبية إخوانية مستوردة تتمترس خلف أهداف جيوسياسية استراتيجية يمنية بعيدة المدى، ترى في القمع واستخدام القوة المفرطة شرطاً للبقاء، ولإذلال وتطويع أهل البلد الأصليين، وإجبارهم على القبول والتأقلم مع هكذا وضع لا يراد له أن يرفع عن قريب دون ثمن ودون اشتراطات قاتلة.

تعرضت الاحتجاجات السلمية بمدينة تريم في وادي حضرموت، لقمع إخواني واسع غير مبرر،
رغم أن هذه الاحتجاجات حقوقية خرجت ضد الأوضاع المعيشية، وما هي إلا امتداد لاحتجاجات سلمية خرجت في العاصمة عدن وأبين والمكلا وحتى تعز، معقل الإخوان. في مشاهد اعتبرها المجلس الرئاسي انعكاساً لالتزامه بحق التظاهر السلمي، فإن تنظيم الإخوان قابلها بالرصاص الحي مما أسفر عن مقتل شاب وإصابة 3 آخرين، فضلاً عن اعتقال أكثر من 35 شخصاً، قبل إطلاق سراحهم لاحقاً تحت الضغط الشعبي الذي توسع لمدن أخرى.

أظهرت مقاطع مصورة تداولها ناشطون إطلاق القوات الموالية للإخوان رصاصًا مكثفًا في الهواء، لتفريق مئات المتظاهرين السلميين الذين تجمعوا الجمعة الماضية بالقرب من مسجد المحضار الشهير في تريم.

ظهرت آلية مدرعة في أحد (المقاطع الموثقة) مصحوبة بدوريات تقل أسلحة رشاشة، وهي تفض الجموع بقوة السلاح إلى نصفين وتطلق الرصاص الحي، مما دفع المتظاهرين للركض بعيداً عنها، بينما هرع آخرون للاختباء خلف مبانٍ سكنية بسبب كثافة النيران التي خلفت قتيلاً يدعى “محمد سعيد يادين”، وعدداً من الجرحى.

استعراض للقوة في غير محله:

واتهم ناشطون جنوبيون على مواقع التواصل الاجتماعي، الإخوان بتنفيذ استعراض عنجهي للقوة أمام مدنيين عزل مسالمين، يطالبون بتحسين الوضع المعيشي والخدمي.. مؤكدين أن استعراض العضلات واستخدام القوة من قبل الإخوان لم يكن في محله، في إشارة واضحة إلى امتناع الإخوان بالمنطقة العسكرية الأولى عن الذهاب لمحاربة الحوثي، وعن تحرير ديارهم من قبضته في صنعاء وبقية المحافظات اليمنية الواقعة تحت سيطرته.

وقال ناشطون إن مشاهد العنف والدماء في احتجاجات تريم، أعادت إلى الأذهان عنفوان ثورة الحراك السلمي الجنوبي 2007م، وكيف قابلها المحتل اليمني بالحديد والنار لإسكات الأفواه.
ويرى مراقبون أن العسكرية الأولى تطلق الرصاص على المحتجين من منطلق الحفاظ على كينونتها وبقائها قوة مهيمنة على المنطقة الغنية بالنفط، ولأهداف جيوسياسية وخطوط حمراء يمنية متفق عليها.

من جهته، قال الصحفي صالح حقروص: مليشيا المنطقة العسكرية الأولى تركت مناطقها للحوثي ليعبث بها، وجاءت تستعرض قوتها وجبروتها ضد مظاهرة سلمية في تريم بحضرموت.
وأضاف حقروص في تغريدة على منصة “إكس”: عناصر ميليشيات المنطقة العسكرية الأولى، بوادي حضرموت، هربوا من بيوتهم وتركوا الحوثي يستبيح الأرض والعرض، وجاؤوا إلى تريم متفاخرين بقوتهم وسلاحهم.

وتابع قائلاً : وهي القوة التي لم تُستخدم عندما كانوا في أمسّ الحاجة إليها لصد الحوثي والدفاع عن الأرض والعرض، بل تركوا مناطقهم للحوثي ليعبث بها، ولم يُظهروا أي مقاومة أو شجاعة.
وختم قائلاً: اليوم يستعرضون بقواتهم على تظاهرة سلمية في مدينة تريم بمحافظة حضرموت، هزلت ورب الكعبة.

تساؤلات حول موقف حلف بن حبريش:

إلى ذلك، تساءل ناشطون عن موقف الحلف القبلي الذي يقوده الشيخ المعزول عمرو بن حبريش، مؤكدين تنصله من إعلان إدانته الصريحة لتصرفات المنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت، قمعها وقتلها للمتظاهرين العزل في تريم، يقابل ذلك استقواؤه وإشهاره سيف العداوة في وجه إخوانه بالمجلس الانتقالي الجنوبي دون أي مبرر.

وانتقد المقدم سالم بن سميدع، الناشط السياسي في حضرموت، تنصل حلف قبائل حضرموت (الهضبة) من إدانة المنطقة العسكرية الأولى. واستشهد على تنصله بعدم إقدام الحلف على الإعلان عن قطع مخصصات تلك المنطقة العسكرية والأمن، تعبيرًا عن الاحتجاج لقمعها المفرط للشباب العزل في تريم، أسوة بقطع محروقات كهرباء مدينة المكلا وعموم مناطق الساحل.

من جهته، أشار الناشط عبد الله الحميدي إلى أن ما يحدث في تريم من قبل العسكرية الأولى أظهر حقيقة حلف بن حبريش وقواته الكرتونية، حد وصفه، قائلاً : لم نسمع لها صدىً أو حساً، وكأن الغبار المتصاعد من تفاحيط أطقم العسكرية الأولى حجب عنها الرؤية، أو أنها ذابت في الكثبان الرملية، عاجزة عن فعل شيء في مواجهة تلك القوة، حتى أبواقهم الإعلامية أعلنت الصوم مقدماً، متسائلاً:
لماذا يعجزون عن الكلام ضد العسكرية الأولى ويبرزون عضلاتهم ضد إخوانهم وأبناء جلدتهم الجنوبيين؟!

وأطلق جنوبيون هاشتاج تحت وسم #تريم_ترفض_الاحتلال_اليمني، للتعبير عن رفضهم الشديد للانتهاكات والجرائم التي تمارسها قوات الاحتلال اليمني ضد أبناء مديرية تريم، بوادي حضرموت.
وشدد النشطاء على أن تريم قد انتفضت اليوم ضد الاحتلال، مؤكدين أن باقي مديريات وادي حضرموت ستلتحق قريبًا بهذه الانتفاضة، معربين عن تضامن أبناء الجنوب الكامل مع إخوانهم في تريم، ومؤكدين أن المصير مشترك في مواجهة هذه الاعتداءات والانتهاكات التي تتنافى مع القانون الدولي الإنساني.

ختاماً..
تسلُّط المنطقة العسكرية الأولى، وتجريدها لأهالي وادي حضرموت من أبسط حقوقهم في التسيّد على أرضهم وثرواتهم، أو الخروج للشارع للمطالبة بحقوقهم المشروعة من تحسين المعيشة والخدمات، خلق معاناة إنسانية أثرت على نفسية المواطن، الذي أصبح مجرد أسير أو مستعبد مقيد الحرية لا يستطيع فعل شيء، فيما أصبح الغريب المغتصب هو المالك وهو صاحب الأرض الآمر الناهي.
حولت حياة المواطنين إلى معاناة يومية، من خلال ممارسات قمعية ترقى إلى جرائم الحرب. كما أفرزت أوضاعاً معيشية مميتة، من خلال إجبار الأهالي على التأقلم مع سياسة الإفقار والتجويع تحت تهديد السلاح.

زر الذهاب إلى الأعلى