تقارير وحوارات

محافظات الجنوب المطلة على البحر العربي.. مراقبون: تحديات ثلاثية الأبعاد تهدد أمنها واستقرارها، ما هي؟ وكيف يمكن التصدي لها؟

كريترنيوز/ تقرير

أشار مراقبون إلى أن محافظات حضرموت وشبوة وأبين، المطلات على البحر العربي والمحيط الهندي، تواجه في الوقت الراهن تحديات ثلاثية الأبعاد، قد تعيد رسم خارطة التحالفات المشبوهة فيها وتخلط الأوراق، خصوصاً محافظة حضرموت (حجر الزاوية)، تتمثل في المنطقة العسكرية الأولى، ونفوذ جماعة الحوثي، والمليشيات القبلية المسلحة التابعة للشيخ القبلي عمرو بن حبريش.

مؤكدين أن ما يحدث في وادي حضرموت من قبل العسكرية الأولى، من قتل وملاحقة وتنكيل بالأهالي المسالمين، سلوك غير مبرر وله عواقب كارثية. وكذا ما يحدث في الهضبة من عسكرة وتقطع للقاطرات المحملة بالوقود اللازم للمرافق الخدمية لمدينة المكلا، وتعطيل مصالح الناس من قبل مليشيات الشيخ عمرو بن حبريش، وانعكاسها السلبي على عاصمة المحافظة بتوقف خدمة التيار الكهربائي، وفوضى واحتجاجات غاضبة. وأيضاً التحركات المشبوهة وتنامي النفوذ الحوثي بمحافظات حضرموت وشبوة وأبين المطلات على البحر العربي، التي يربطها شريط ساحلي متصل واحد، يوحي بوجود تحالفات أو تواصل غير معلن بين تلك الأطراف هدفه شيطنة حضارم الساحل والداخل، ولصرف الأنظار عن مخطط إعادة رسم خارطة التحالفات المشبوهة، التي قد تعيد المحافظة إلى مربع 2015م بإعادة الروح إلى التنظيمات المتطرفة كذريعة (عفاشية مكررة)، لتعكير المياه وإدخال المحافظة وما جاورها في دوامة صراعات محدودة الزمان والمكان، هدفها ضرب الخصوم بطريقة غير مباشرة، أهمهم المجلس الانتقالي الجنوبي والمصالح الخليجية، ليتسنى لتلك الأطراف المنبوذة استعادة زمام الأمور لاحقاً.

فبعد سنوات من الفوضى وسيطرة تنظيم القاعدة العفاشي في جزيرة العرب (أحد أخطر فروع التنظيم في العالم)، تمكنت قوات النخبة الحضرمية – التي جرى تدريبها وتسليحها بدعم مباشر من دولة الإمارات – من تنفيذ عملية عسكرية نوعية أنهت وجود التنظيم في المنطقة، وأعادت الأمن إلى شوارعها وموانئها.

لكن اليوم، يواجه هذا الواقع المستقر تحديات متصاعدة، مع محاولات ممنهجة لإعادة الفوضى، في ظل مؤشرات خطيرة عن تعاون بين تنظيم القاعدة والمنطقة العسكرية الأولى ومليشيات الحوثي، إلى جانب مخاوف من تنسيق مع جماعات إرهابية أخرى محلية وخارجية، وانغماسها ضمن المليشيات القبلية التي يسعى الشيخ القبلي عمرو بن حبريش إلى تشكيلها في الهضبة.

مخاوف رسمية:

مدير أمن ساحل حضرموت، العميد مطيع المنهالي، بحسب مصدر اعلامي محلي، أكد في تصريحات لـ”العين الإخبارية” وجود “تعاون حقيقي وكبير بين مليشيات الحوثي وتنظيم القاعدة”، مشيرًا إلى أن التهديدات التي تستهدف أمن ساحل حضرموت لم تعد خفية، وهي ليست وليدة اليوم بل نتاج تراكمات سابقة.
وأوضح أن الحوثيين يحاولون، بالتنسيق مع التنظيمات الإرهابية، إرباك المشهد في الساحل الذي ينعم بالأمن والاستقرار، عبر استغلال التباينات الداخلية لإثارة الفوضى والتخريب. في إشارة إلى تقطعات بن حبريش القبلية وانعكاسها السلبي على مدينة المكلا، بتعطيل خدمة الكهرباء وتهييج الشارع.

المنهالي كشف عن امتلاك الأجهزة الأمنية والاستخباراتية معلومات كاملة عن طبيعة هذا التعاون، مؤكداً أن العمل جارٍ لإحباطه. وأضاف: تنظيم القاعدة لا يزال يطمح للعودة إلى المكلا، والمؤشرات تشير إلى تنامي تهديداته، ونحن نتعاون بشكل مشترك مع الأجهزة الاستخباراتية لإجهاضها.

وعن وعي المجتمع، شدد المسؤول الأمني على أن مواطني ساحل حضرموت يدركون خطورة هذه التهديدات، بعدما عاشوا معاناة قاسية تحت سيطرة القاعدة بين عامي 2015 و2016، الأمر الذي جعلهم أكثر مناعة أمام التحريض ومحاولات زعزعة الاستقرار.

خطر عابر الحدود:

تاريخياً، بحسب المصدر، لم تكن سيطرة القاعدة على ساحل حضرموت خطراً على اليمن فحسب، بل عابراً للحدود، على الأمن البحري الإقليمي والدولي في بحر العرب والممرات الملاحية العالمية. عودة أي نشاط إرهابي في هذه المنطقة قد يفتح الباب أمام عمليات تهريب وقرصنة وتسهيل حركة العناصر المتطرفة، ما يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المحلي والإقليمي والدولي، ويساعد في تفاقم عمليات الحوثيين التي تستهدف خطوط الملاحة الدولية، وخلط الأوراق وتشعيب الأزمات البحرية، ما قد يؤدي إلى خنق الصادرات الخليجية المارة شرقاً عبر الخليج العربي.

وفي ظل هذه التحديات، يؤكد الخبراء الأمنيون أن الحفاظ على مكتسبات حضرموت الأمنية والعسكرية يتطلب دعمًا مستمرًا للقوات المحلية (النخبة الحضرمية)، وتنسيقًا أكبر بين السلطات المحلية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي يمتلك حاضنة جماهيرية كبيرة بالمحافظة، والتحالف العربي والمجتمع الدولي، لضمان بقاء الساحل محصنًا أمام عودة الإرهاب وتحالفات قوى الفوضى.

تفاقم عمليات التهريب الحوثية عبر سواحل حضرموت وشبوة وأبين:

في السياق، قالت تقارير إعلامية محلية وعربية إن تجارة الحوثيين بالمخدرات والمهاجرين الأفارقة تغذي عدم الاستقرار في اليمن والشرق الأوسط.
ويقوم المسلحون الحوثيون في اليمن بتمويل هجماتهم في البحر الأحمر، من خلال عمليات تهريب المخدرات الدولية التي تزعزع استقرار البلاد، وتنشر انعدام الأمن في أنحاء الشرق الأوسط.

وبحسب التقارير على مدار العام الماضي، اكتسب الحوثيون المدعومون من إيران سمعة دولية سيئة بسبب هجماتهم على خطوط الشحن والملاحة المدنية وتعطيلهم للتجارة العالمية. غير أن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن الحوثيين يموّلون عنفهم من خلال عمليات تهريب وتوزيع المخدرات المربحة.
وتحذّر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من أن تجارة المخدرات غير المشروعة هي مصدر دخل كبير للحوثيين وحلفائهم، إلى جانب المتاجرة بالمهاجرين الأفارقة.

منتصف أغسطس 2025م بثت إدارة أمن محافظة أبين، جانباً من اعترافات شبكة تهريب تابعة لمليشيا الحوثي تمتهن تهريب الأفارقة غير الشرعيين بحراً من جيبوتي إلى مدينة شقرة الساحلية بمحافظة أبين، ثم إلى محافظة صعدة المعقل الرئيس للمليشيا المدعومة من إيران.
واعترف عناصر الخلية المنتمين إلى محافظات يمنية عدة خلال التحقيقات، عقب إلقاء القبض عليهم بعملية أمنية واسعة، اعترفوا بارتباطهم بالقيادي الحوثي المدعو صالح هادي حرمل أحد أبناء محافظة صعدة والمسؤول عن عمليات التهريب، بالإضافة إلى شخص يدعى محمد الشيبه بمعية أبنائه.
ويتستر المهربون خلف عمليات التهريب بالعمل في بقالات ومحطات وقود في منطقة تمحن بمدينة شقرة، بسحب اعترافاتهم.

كما نشرت إدارة الأمن، ضمن فيديو التحقيق، صور الأفارقة المندوبين لعمليات التهريب في اليمن، وكذا مهربي الأفارقة من محافظتي أبين ولحج، بالإضافة إلى نشر جزء من الملفات التي تم ضبطها بحوزتهم وتحتوي على معاملات مالية بالعملة الصعبة تصل إلى الملايين.

وتعهدت إدارة أمن أبين الأسبوع الماضي، باتخاذ إجراءات صارمة بحق كل من يثبت تورطه في نقل أو تهريب اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من الجنسية الأفريقية.

ويرى المراقبون أن عمليات تهريب المخدرات والأفارقة واستقطاب عناصر إرهابية وتعكير المياه بسواحل المحافظات الجنوبية: حضرموت وشبوة وأبين المطلات على بحر العرب والمحيط الهندي، وكذا التجنيد القبلي بالهضبة واختلاق فوضى بوادي حضرموت، قد يؤدي إلى خلط أوراقها بأوراق الحوثيين المبعثرة بسواحل البحر الأحمر غرباً المحاذي لمحافظتي تعز والحديدة اليمنيتين، وتشتيت الأنظار عن ما تنوي جماعة الحوثي القيام به غربًا بالبحر الأحمر والجزر المحاذية، وصولاً إلى بعض الدول الأفريقية.

ختاماً..
التراخي المحلي والإقليمي والدولي، وعدم أخذ تلك التحديات (العسكرية الأولى والمليشيات القبلية المحلية والحوثية)، ومخاطرها الوشيكة على محمل الجد، قد يصيب الأمن البحري بالبحر العربي والمحيط الهندي وصولاً إلى الخليج العربي في مقتل.
ويرى خبراء عسكريون أن جهود المجلس الانتقالي الجنوبي الأمنية والعسكرية والاقتصادية بمحافظة حضرموت خصوصًا والجنوب عمومًا، تصب في صالح حماية واستدامة الأمن والسلم الدوليين ومنع عودة التنظيمات الإرهابية، أو العبث بالمصالح الوطنية والدولية سواءً بالساحل أو الداخل، وأنه يتعين على دول الخليج العربي المتضرر الأكبر والمجتمع الدولي دعم ومساندة جهود المجلس الانتقالي الجنوبي، كونه الخيار الأوحد والأمثل القادر بمشيئة الله على التصدي لتلك التحديات وإفشالها.

زر الذهاب إلى الأعلى