تقارير وحوارات

العلاقة بين الانتقالي والحكومة.. إلى أين تتجه؟

تقرير/ محمود أنيس

تشهد الساحة السياسية في اليمن، وتحديدًا في الجنوب، حالة من الترقب الحذر تجاه مستقبل العلاقة بين المجلس الانتقالي الجنوبي والحكومة المعترف بها دوليًا. فرغم الشراكة القائمة بين الطرفين، في إطار مجلس القيادة الرئاسي، إلا أن الخلافات العميقة ما تزال تلقي بظلالها على المشهد السياسي والإداري.

جذور الخلاف:

بحسب مراقبين، فإن التباينات بين الطرفين ليست وليدة اللحظة، بل تعود إلى سنوات من التوتر، خصوصًا فيما يتعلق بقضية الجنوب وحق تقرير المصير. فالمجلس الانتقالي – الممثل السياسي لقضية الجنوب – يسعى لتحقيق تطلعات الشعب الجنوبي بالاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية على حدود ما قبل العام 90م، في حين تتمسك الحكومة بمشروع “الدولة الاتحادية” كحل للأزمة اليمنية.

محاولات للتقارب

منذ توقيع اتفاق الرياض أواخر 2019، جرت محاولات عديدة لرأب الصدع بين الطرفين، عبر إشراك المجلس الانتقالي في مؤسسات الدولة، ومنحه تمثيلًا في الحكومة ومجلس القيادة. غير أن تلك المحاولات لم تُذِب الفوارق الجوهرية، خصوصًا في الملفات الأمنية والعسكرية، وتوزيع الموارد، والقرارات السيادية، والسبب أن شعب الجنوب عانى منذ سنوات طويلة ويلات الظلم والتهميش والإقصاء وعدم إعطائه حقوقه.

تحديات المرحلة الراهنة:

هناك تحديثات عديدة لا حصر لها نظراً لتراكم الأزمات وتجاهل حق الجنوب والجنوبيين، ومن أبرز تحديثات المرحلة:

الملف الاقتصادي والمعيشي:

المواطن في العاصمة عدن وبقية المحافظات الجنوبية، يواجه أزمات خانقة في الكهرباء، والخدمات، والرواتب، وسط تبادل الاتهامات بين الحكومة والانتقالي بشأن المسؤولية.
وعلى الرغم من الشراكة إلا أن المسؤول عن ذلك يبقى مفقوداً. لا شك بأن هناك جهوداً بذلت خلال الفترة الماضية نتج عنها تحسن اقتصادي نسبي، إلا أن هذه التحسن واجه انعدام الشعور به بالشكل المطلوب بسبب تأخر المرتبات لأكثر من ثلاثة أشهر.

الملف السياسي:

مستقبل مفاوضات الحل الشامل يثير تساؤلات حول موقع المجلس الانتقالي على طاولة الحوار، وما إذا كان سيحصل على اعتراف دولي بدوره كطرف رئيسي.
ويذكر بأن المجلس الانتقالي قد أعلن في أكثر من مرة بأن لا سلام في اليمن دون حل عادل للقضية الجنوبية، وهذا ما أكد عليه سياسيون خليجيون ودوليون ومراقبون ومهتمون بالشأن اليمني، مشيرين إلى أن قضية الجنوب قضية محورية وأساسية في أي تسوية سياسية قادمة.

إلى أين تتجه العلاقة؟

يعتقد محللون أن العلاقة بين الحكومة والمجلس الانتقالي قد تسير في أحد مسارين:
1. مسار الشراكة المشروطة: عبر استمرار التنسيق في الملفات السيادية الكبرى، مع بقاء الخلافات قائمة لكن مضبوطة تحت سقف مجلس القيادة الرئاسي.
2. مسار التصعيد: في حال فشل الجهود في معالجة القضايا الخلافية، خصوصًا الملفات الاقتصادية والأمنية، مما قد يفتح الباب أمام جولات جديدة من التوترات وربما المواجهات.

ختاماً..
يبقى مستقبل العلاقة بين الشرعية والمجلس الانتقالي مرهونًا بمدى قدرة الطرفين على تجاوز الحسابات الضيقة، وتقديم تنازلات مشتركة تخدم مصلحة المواطن الجنوبي واليمني عمومًا. فبين خيار الشراكة وخيار التصعيد يقف الشارع منتظرًا حلولًا عملية تنقذه من أزماته اليومية.

زر الذهاب إلى الأعلى