حشود على الحدود وتهديدات رسمية مباشرة.. ماذا يريد الحوثي من السعودية؟

كريترنيوز / تقرير
لا يكف ولن يتوقف (الحوثي) عن ممارسة سياسة الاستفزاز والابتزاز، لأنه لا يوجد في دستوره الأخلاقي شيء اسمه احترام الجوار، ولأن بقاءه واستمرار حكمه قائم على افتعال الحروب والأزمات الداخلية والخارجية (إبقاء البلد في حالة طوارئ مستمرة لتشتيت أفكار الناس وصرف انتباههم عن ما يخطط له)، غير المناهج التعليمة وسلخ البلد عن هويتها وانتمائها العربي نحو الفارسي، ومكن أنصاره من جميع مفاصل الدولة، واستحوذ على جميع أوعيتها المالية، وإعطاء الأفضلية الحصرية لآل البيت في امتلاك الشركات والمؤسسات التجارية الخاصة، استيراد وتصدير، وحرف مسار الدولة ككل من الجمهوري إلى الملكي المذهبي، بل خصصة الدولة وأنسابها لآل البيت، فيما أبقى الشعب في غفلة منشغل بأمور الحروب والأزمات والبطولات التي يفتعلها على مدار الساعة.
(من أين أتى هذا المخلوق وإلى متى سيستمر؟!).
مساء الأربعاء 8 أكتوبر 2025م، أطلق القيادي بمليشيات الحوثي محمد علي الحوثي، عضو ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى التابع للجماعة، تهديدات مباشرة تجاه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات، محذرًا من مغبة الدخول في تحالفات عسكرية جديدة ضد الجماعة، ومؤكدًا أن “الاستسلام أكثر كلفة من المواجهة”، في إشارة إلى استعداد جماعته لخوض أي تصعيد محتمل.
وفي مقابلة مطولة بثتها قناة “المسيرة”، اعتبر الحوثي أن جماعته باتت تمتلك قدرات استهداف دقيقة، مشيرًا إلى أن الصواريخ التي كانت بحوزتهم سابقًا لا تضاهي ما يمتلكونه اليوم من تقنيات قادرة على ضرب أهداف داخل أي دولة.
وجاءت تصريحاته ردًا على دعوة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، رشاد العليمي، لتشكيل تحالف دولي ضد الحوثيين خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث اعتبر الحوثي أن أي تورط جديد من قبل الرياض وأبوظبي يخدم ما وصفها بـ”الأجندة الإسرائيلية”، داعيًا الطرفين إلى “أخذ العبرة من أمريكا” التي قال إنها أوقفت عملياتها العسكرية في اليمن.
المهووس الحوثي ربط أي تصعيد عسكري محتمل بما وصفه بـ”الانتقام من دعم الجماعة لغزة”، مؤكدًا أن الرد سيكون “بعنفوان وقوة وعزيمة”، في إشارة إلى أن الصراع الإقليمي بات مبررًا لأي رد عسكري على دول الجوار.
وفي الشأن الداخلي، هاجم الحوثي القوات الحكومية المعترف بها دوليًا، متهمًا إياها بالسعي وراء المكاسب المالية، ومشككًا في جديتها بالقتال تحت راية أمريكا وإسرائيل، إلا إذا كان ذلك “يزيد من أرصدتهم”، على حد تعبيره.
كما قلل من أهمية القوى المحلية المناهضة للجماعة، واصفًا إياها بأنها “تفتقر للمشروع الوطني الحقيقي”، مشيرًا إلى أن محاولات استغلال اللحظة لمواجهة الحوثيين “لا يُعوّل عليها”، وأن “كروتهم الحارقة قد استُخدِمت وحُرقت”.
واختتم الحوثي تصريحاته بالتأكيد على أن الجماعة لن تتأثر باغتيالات القيادات أو محاولات الإرباك السياسي، مثل استهداف رئيس الوزراء السابق وعدد من الوزراء، وأنها لن تنجح في التأثير على موقف الجماعة أو إضعافها: وقال : “لن يؤثر ذلك على الإطلاق، نحن قلنا منذ اليوم الأول بأن يكون هناك نائب ونائب النائب ونائب لنائب النائب إلى النهاية”. مشددًا على أن لديهم بدائل تنظيمية جاهزة، وأن عقيدتهم تقوم على أن “الاستسلام أكثر كلفة من المواجهة”، وهو الشعار الذي يبرر استمرار الحرب ورفض التسوية السياسية الشاملة.
100 ألف مقاتل حوثي إلى الحدود السعودية:
في تصعيد عسكري، وصفته وسائل إعلام محلية وعربية بالمثير للقلق، أعلنت ميليشيا الحوثي الإرهابية عن استكمال تدريب وحشد ما يقارب من 100 ألف مقاتل على الحدود اليمنية السعودية، ضمن ما تسميه “التعبئة العامة”، وذلك بالتزامن مع استمرار اتهاماتها للجيش السعودي باستهداف المناطق الحدودية اليمنية بالمدفعية.
وتشير المعطيات الميدانية، بحسب المصادر، إلى أن الجماعة الحوثية تفرض سيطرتها على معظم مناطق محافظة حجة شمال غرب اليمن، بما في ذلك مركز المحافظة، إضافة إلى سيطرتها الكاملة على محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي. وترتبط المحافظتان بحدود مباشرة مع المملكة العربية السعودية، ما يجعلها محورًا استراتيجيًا في خطاب الجماعة التعبوي والعسكري.
ونقل موقع “سبأنت” التابع للحوثيين، عن ما يُسمّى “مسؤول التعبئة في محافظة حجة”، حمود المغربي، أن عدد خريجي دورات التعبئة العامة بلغ 98,478 مقاتلًا حتى نهاية العام الهجري 1446هـ، مشيرًا إلى تنفيذ 283 مناورة عسكرية، و182 عرضًا عسكريًا، و361 مسيرًا تعبويًا في المحافظة.
وأضاف المغربي أن المرحلة القادمة ستشهد توسعًا في برامج التدريب والتأهيل، ورفع الجاهزية لتنفيذ أي قرارات تصدر عن زعيم الجماعة، في إشارة إلى استعدادات ميدانية قد تحمل تهديدات مباشرة.
ورغم تنفيذ هذه الدورات في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فقد ركّز إعلام الجماعة بشكل خاص على محافظة حجة، في رسالة غير مباشرة موجّهة إلى المملكة العربية السعودية، خصوصًا في ظل التطورات العسكرية والاقتصادية المتسارعة في المناطق المحررة جنوبًا وشرقًا، والتي تُعد مصدر قلق للجماعة الانقلابية.
وتزداد خطورة هذه التصريحات في ظل تزامنها مع مزاعم إعلام الحوثيين بشأن استهداف الجيش السعودي للقرى اليمنية الحدودية، لا سيما في محافظة صعدة، بزعم وقوع إصابات بين المدنيين، وهي ادعاءات تندرج ضمن حملة دعائية تهدف إلى تأجيج التعبئة الداخلية وتبرير الحشد العسكري.
إيران تزود الحوثي بأسلحة متطورة وحرب اليمن لن تتوقف:
تقرير استخباراتي أمريكي، صدر مؤخراً، كشف عن حصول مليشيات الحوثي على أسلحة متطورة من إيران، وأشار إلى أن الحرب في اليمن مرشحة للاستمرار لسنوات طويلة قادمة، دون أي مؤشرات لوقفها في الأفق المنظور.
وأكد موقع “ستراتيجي بيج” الأمريكي المتخصص في الشؤون الاستراتيجية، أن الهجمات المستمرة التي تشنها المليشيات الحوثية ضد إسرائيل والسفن في البحر الأحمر، تكشف حجم الدعم العسكري الإيراني غير المسبوق، حيث تنفق طهران ملايين الدولارات على تزويد الحوثيين بالصواريخ المتطورة والمساعدات العسكرية الأخرى.
وأشار التقرير إلى أن الضربة الإسرائيلية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية، لم تثنِ طهران عن مواصلة دعمها للحوثيين، مما يؤكد أن الملف اليمني أصبح ورقة ضغط إستراتيجية في الصراع الإقليمي الأوسع.
وحذر التقرير من أن الدعم الإيراني المستمر يطيل أمد الصراع في اليمن بشكل كبير، حيث تمكن الحوثيون من الحصول على أسلحة باليستية متطورة تم تفكيكها وتهريبها بطريقة محترفة من إيران إلى اليمن.
وكشف التقرير تفاصيل خطيرة عن وجود خبراء وفنيين إيرانيين أشرفوا شخصياً على عمليات تجميع هذه الصواريخ وتوجيهها نحو الأراضي السعودية خلال السنوات الماضية.
وأوضح أن الاستراتيجيات الغربية في مواجهة الحوثيين باءت بالفشل، حيث أن عمليات الاغتيال المستهدفة لقادة المليشيات لم تنجح في كسر شوكتهم، نظراً لكون التنظيم ضخم ويحتوي دائماً على بدائل جاهزة للقيادة.
وخلص التقرير إلى أن العالم يتعامل مع جماعة متطرفة لا تهمها الخسائر البشرية بين المدنيين ولا القيادات، حيث تضع مهاجمة إسرائيل وحلفائها على رأس أولوياتها، في استراتيجية غير مكترثة بالثمن البشري والاقتصادي الباهظ الذي تدفعه اليمن كل يوم.
التساهل الأمريكي ساهم في تقوية شوكة الإرهاب الحوثي إيراني بالمنطقة:
من جهتها مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)، نشرت تحليلًا جديدًا يحذر من أن سياسة التساهل الدولي، وخصوصًا الأمريكي، مع الجماعة شجعتهم على التمادي في الإرهاب البحري والعسكري، وخرق تعهداتهم بشكل متكرر دون أي رادع فعلي.
التحليل الذي حمل عنوان “وعد الحوثيين في اليمن لا يساوي الورق المكتوب عليه”، وأعدته الباحثة بريدجيت تومي، اعتبر أن أي اتفاق أو تفاهم مع الحوثيين سرعان ما يُنتهك بمجرد تعارضه مع مصالحهم أو مصالح داعميهم في طهران، مشددًا على أن الجماعة لا تلتزم بأي تعهدات إلا بما يخدم أجندتها الإيرانية.
وأكدت تومي أن استمرار سياسة التساهل مع الحوثيين دفعهم إلى تصعيد هجماتهم، داعية إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تبنّي نهج أكثر صرامة، يشمل فرض عقوبات إضافية على ممولي الجماعة داخل اليمن وسلطنة عُمان وخارجها، وكذلك على الشركات والأفراد المتورطين في شراء الأسلحة من إيران، أو استيراد مكونات مزدوجة الاستخدام تُستخدم في تصنيع الصواريخ والطائرات المسيّرة.
وشدد التحليل على أن هذه الإجراءات ستُضعف القدرات الهجومية للحوثيين، وتُرسل رسالة واضحة بأن الضغط الأمريكي لن يتراجع طالما استمرت الجماعة في تهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وأوضحت تومي أن الحوثيين، الذين “ازدادوا جرأة بعد عامين من الإنهاك الدولي لحماية السفن التجارية”، يختبرون مدى تسامح واشنطن مع الاعتداءات المتكررة، مستغلين حالة التراخي الدولي.
ختاماً..
المملكة العربية السعودية ليست مستهدفة من مليشيات الحوثي الإرهابية وإيران فحسب، ولكن هناك أعداء كبار يتمترسون خلف تلك المليشيات الحوثية، يدعمونها بالسر ويشجعونها على استهدافها لتحقيق أهداف جيوسياسية دينية، تتعلق بالمقدسات الإسلامية التي يرون أن تدميرها تدميرا للإسلام.