شباب الجنوب.. بين الطموحات الكبيرة للتوظيف والواقع الصعب للبطالة

تقرير/ محمود أنيس
رغم الأحلام الكبيرة التي يحملها شباب الجنوب في قلوبهم، ورغم السنوات الطويلة التي قضوها على مقاعد الدراسة، مازال آلاف الخريجين يعيشون اليوم بين مطرقة البطالة وسندان الواقع الاقتصادي الصعب، في انتظار فرصة عمل تُعيد لهم الأمل وتُكسب حياتهم معنى الإنتاج والعطاء.
في شوارع عدن والمكلا والضالع ولحج وغيرها من مدن الجنوب، يمكنك أن ترى شبابًا يحملون شهاداتهم الجامعية في حقائبهم، يتنقلون بين مكاتب التوظيف والجهات الحكومية، وحتى لدى المشاريع الخاصة، بحثًا عن أي فرصة تُمكّنهم من بدء حياتهم المهنية. لكنّ الوعود كثيرة، والفرص نادرة.
ونلاحظ أن هناك كثيراً من الشباب يقبلون بأعمال أقل من مواهلاتهم التعليمية فقط لأجل العمل.
يقول مهيوب الدنكلي، خريج كلية اقتصاد، قسم فندقة وسياحة، بجامعة عدن: منذ خمس سنوات قدّمت في أكثر من عشرين جهة حكومية وخاصة، لكن دون جدوى. أحيانًا أشعر أن شهادتي لم تعد تُقدّم لي شيئًا. العمل صار حلماً بعيد المنال”.
وأضاف: رغم حصولي على مؤهل عالٍ إلا أنهم يعرضون وظائف لا تليق ولا تناسب تخصصي، رغم من أني أقدم لفنادق ومنتجعات سياحية.
وأردف قائلاً: هناك من يفضل استقطاب عمال من خارج المحافظات الجنوبية، وهذا أمر شائع للأسف.
وختم الدنكلي مداخلته بالقول: للأسف هناك الكثير من أصدقائي اضطروا للسفر خارج البلاد، أو للعمل في مهن لا علاقة لها بتخصصاتهم الجامعية، فقط لتأمين لقمة العيش”.
أما مرفت عبدان، خريجة كلية التربية جامعة عدن، إحدى سكان محافظة لحج، فتحدثت بحسرة عن واقع الفتيات قائلةً: نحن لا نطلب المستحيل، فقط فرصة عمل تحفظ كرامتنا. الدولة مطالبة بأن تفتح باب التوظيف، أو على الأقل تدعم مشاريع الشباب الصغيرة بدلاً من تركنا نصارع اليأس”.
وفي نفس الموضوع، أوضح سالم صبيح، من أبناء حضرموت، خريج كلية هندسة ميكانيك، أنه لم يجد فرصه عمل في مجال تخصصه رغم حصوله على المرتبة الثالثة في دفعته، بحسب قوله. مؤكداً أنه اضطر للعمل في أحد الفنادق موظف استقبال فقط لأجل لقمه العيش.
وأضاف صبيح قائلاً: كانت لدي طموح وأحلام إلا أنها انهارت أمام عيني، بسبب الواقع الذي نعيش فيه.
من جانبه قال الخريج علي حمود، من أبناء العاصمة عدن، خريج قسم إدارة أعمال، بأن هناك دائماً تصريحات من قبل وزارة الخدمة المدنية عن توفير وظائف، “إلا أننا نسمع ولا نرى من ذلك إلا التصريح”.
وأضاف حمود قائلاً: ما أثار استغرابي واستغراب زملائي هو أحد إعلانات الوزارة في عدن عن توفير وظائف لمن له مؤهل جامعي وحاصل على الدرجة الأولى. برأيك شخص الأول على دفعته بيكون منتظر لوظيفة الخدمة المدنية إلا من رحم ربي. يعني برأيك الذي معدله متوسط أو جيد جداً أيش مالوش حق بالتوظيف؟!
وختم حديثه قائلاً: أعرف كثيراً من الأوائل في تخصصات مختلفة، ربي وفقهم يا بالسفر للخارج أو للعمل في قطاعات خاصة، مش منتظرين الخدمة المدنية”.
ويرى مراقبون أن تدهور الاقتصاد وتراجع الاستثمار وضعف دعم المشاريع الشبابية، من أبرز الأسباب التي فاقمت أزمة البطالة في المحافظات الجنوبية، خصوصًا بين الخريجين الجامعيين الذين تتزايد أعدادهم سنويًا.
ويشير الخبير الاقتصادي محمد إسماعيل إلى أن غياب الخطط الحكومية لمعالجة مشكلة البطالة، يُشكّل تهديدًا حقيقيًا للنسيج الاجتماعي. وقال: يتوجب على الحكومة والسلطات المحلية إعداد وإطلاق برامج دعم وتمويل للمشاريع الريادية الصغيرة. كذلك عليهم تشجيع القطاع الخاص على تشغيل الشباب.
وأوضح إسماعيل بأن البطالة أصبحت قنبلة موقوتة تهدد مستقبل الاستقرار والنسيج الاجتماعي، ويفترض التحرك العاجل لمعالجة هذه المشكلة من قبل الجهات المعنية والمختصة.
ختاماً..
على الرغم من كل الصعوبات إلا أن الأمل مايزال حاضرًا في عيون كثير من الشباب الجنوبيين، الذين يؤمنون أن الغد قد يكون أفضل، وأن نضالهم من أجل مستقبل كريم لن يضيع هباءً.
فبين الطموح والواقع، تبقى قصة شباب الجنوب مرآة لواقع وطنٍ يبحث عن نهوض جديد، يضع أبناءه في مكانهم الطبيعي: صُنّاع المستقبل، لا ضحاياه.