كشف وتجفيف منابعه ومنع توسع رقعته.. محللون وخبراء عسكريون: سهولة تنقل الإرهاب بمناطق أبين.. يطرح تساؤلات: لماذا أبين؟ ولمصلحة من؟

كريترنيوز / تقرير
يواجه الجنوب تحديات كبيرة في نواحي عدة، 90% منها مفتعلة تديرها أيادٍ صديقة (خلطت السم مع العسل)، مع أن شعب الجنوب كان يظن فيها خيراً في البداية ولا يعتبرها جهات معادية كي يأخذ الحيطة والحذر، فتح لها قلبه قبل داره فأصبح ضحية الثقة المفرطة، بحسب خبراء عسكريين ومحللين سياسيين، والذين أشاروا إلى أن بعض التحديات حيكت في شكل أزمات استراتيجية مستدامة، كوسيلة ضغط سياسي طويلة الأمد، ترفع تارة لغرض سياسي محدد ويعاد فرضها لأغراض سياسية أخرى، وهكذا دواليك، لتحقيق مصالح جيوسياسية حديثة ولتصفية حسابات قديمة.
مؤكدين أن شعب الجنوب حالياً مركون في زاوية الترقب لوهم الانفراجة بعيدة المنال، أجبر على التعايش مع الخيبات المستدامة، مستنقع أزمات لا يراد لها أن ترفع دون ثمن.
ولفت ناشطون إلى أن بعض الأحداث المأساوية التي هزت الجنوب، في الغالب تأتي متزامنة أو مزدوجة كإغراق العاصمة عدن في ظلام دامس كلي لعدة أيام، رافقه هجوم انتحاري كبير بمديرية المحفد في محافظة أبين في 21 اكتوبر 2025م. وقبل ذلك اغتيال العميد منير أبو اليمامة، تزامن مع تفجير انتحاري استهدف شرطة الشيخ عثمان بالعاصمة عدن في 1 أغسطس 2019م. وغيرها من الدسائس والمصائب المزدوجة المعدة مسبقاً، الهادفة – بحسب الناشطين – إلى تشتيت الأفكار، خلط الأوراق، صرف الأنظار.. منوهين إلى أن أنظار أبطال القوات المسلحة الجنوبية كانت متجهة صوب أزمة كهرباء العاصمة عدن، الغارقة في ظلام كلي غير مسبوق، ومن ذلك الظلام انطلقت السيارات المفخخة صوب المجمع الحكومي بمديرية المحفد محافظة أبين، الذي يرابط فيه أبطال اللواء الأول دعم وإسناد، فحدثت الكارثة دون إنذار مسبق، مطالبين الأجهزة الأمنية الجنوبية بأخذ الحيطة والحذر، وضرورة الربط بين الأحداث ورفع الجاهزية القصوى مع أي حدث لافت، لتفادي الصدمات المفاجأة وإفشال المخطط الإجرامي قبل وقوعه. لا سيما وقواعد اللعبة تتغير وتأخذ أشكالاً مختلفة، أحياناً تأتي في غلاف عفوي.
مؤكدين أن العدو لا يكل ولا يمل عن تصدير الأزمات والمصائب لزعزعة أمن واستقرار مدن الجنوب. فقبل أن يفيق شعب الجنوب من الصدمة الأولى تأتيه الثانية لتنسيه الأولى وهكذا، خبث استراتيجي طويل الأمد، ذو أبعاد جيوسياسية خطيرة، قد تنسيه قضيته ومشروعه السياسي الكبير المتمثل في استعادة دولة الجنوب، مع غفلة استمرار الصدمات والفجائع.
عمليات إرهابية لمساندة الحوثي في حربه على الجنوب:
خبراء عسكريون أكدوا أن أغلب العمليات الإرهابية التي وقعت بمديرية مودية محافظة أبين، تحمل بصمات مليشيات الحوثي، رغم أنها تمت بأيدي عناصر تنظيم القاعدة.. مشيرين إلى وجود تخادم واضح بين تنظيم القاعدة والحوثيين في الجنوب، فالحوثي يوهم عناصر القاعدة بتحقيق مشروع الخلافة الإسلامية في الجنوب، يستخدمهم جسر عبور.
أغلب العمليات الإرهابية التي تمت بمحافظة أبين كانت مدعومة مالياً ولوجستياً (واستخباراتياً تسهيل عملية التحرك وإصابة الهدف)، وبالعتاد والسلاح اللازمين لتنفيذها من قبل الحوثيين، بحسب الخبراء العسكريين، وهدفها إنهاك وتشتيت جهود الأجهزة الأمنية الجنوبية ولمساندة الحوثي بطريقة غير مباشرة في حربه على الجنوب.
معطيات ومؤشرات خطيرة يراها الخبراء العسكريون لحرب غير متكافئة، تفرض على التحالف العربي والدولي دعم و مساندة الجنوبيين بكل ما يلزم لإحداث توازن في ميزان القوة، ولكشف وتجفيف منابع الإرهاب بالداخل الجنوبي وإغلاق جميع منافذه القادمة من المحافظات اليمنية المجاورة، ومنع توسع رقعته إلى دول الجوار.. مؤكدين على أنه إرهاب عابر للحدود مؤجل قابل للتطور والنمو التدريجي مستقبلاً.
حروب إعلامية استباقية:
يرى محللون سياسيون أن بعض العمليات الإرهابية التي حدثت وتحدث في الجنوب تسبقها حروب إعلامية، تحريض، تكفير، إلصاق التهم الكيدية (سياسية دينية) لتشويه سمعة قيادات وقواعد الجنوب السياسية والعسكرية والأمنية، وغيرها من طرق ووسائل غسل أدمغة الشباب لأدلجتهم وبرمجتهم وتشجيعهم على تنفيذ عمليات انتحارية ضد أبطال القوات المسلحة الجنوبية.. لافتين إلى أن ذلك الشحن الدموي ليس وليد الساعة وإنما متوارث منذ حقبة (عفاش)، الذي غزا الجنوب في عامي 1994م و 2015م، وفق فتاوى دينية مسيّسة (أعدها وأصدرها حزب التجمع اليمني للإصلاح – إخوان اليمن)، كفرت أبناء الجنوب وحللت دماءهم وأرضهم وعرضهم وجميع ممتلكاتهم الخاصة والعامة. وعلى ضوئها تم اجتياح الجنوب وشرعنة احتلاله، ولايزال مفعول تلك الفتوى الإخوانية قائماً نافذاً حتى اللحظة، كان آخرها ما حدث بمديرية المحفد في محافظة أبين.
حيث أكد العميد نصر عاطف اليافعي، قائد اللواء الأول دعم وإسناد، قائد محور أبين القتالي، أن قوات اللواء الأول تمكنت من إفشال هجوم إرهابي واسع شنته عناصر تنظيم القاعدة الإرهابي مؤخراً، على مقر المجمع الحكومي في مديرية المحفد بمحافظة أبين.
وأوضح العميد اليافعي، في تصريح صحفي، أن العناصر الإرهابية هاجمت المقر مستخدمة سيارتين مفخختين، حيث تمكنت قوات اللواء من تفجير الأولى بالقرب من البوابة الرئيسية، فيما حاولت عناصر أخرى التسلل إلى داخل المجمع، إلا أن القوات تصدت لها ببسالة وتمكنت من القضاء على ستة انغماسيين كانوا يرتدون أحزمة ناسفة.
وأشار إلى أن الهجوم أسفر عن استشهاد أربعة من أبطال اللواء الأول دعم وإسناد أثناء تصديهم للعناصر الإرهابية، مؤكداً أن دماء الشهداء الطاهرة لن تذهب هدراً، وأن المعركة ضد الإرهاب مستمرة حتى تطهير محافظة أبين بالكامل من أوكار التنظيم وعناصره.
وأضاف العميد اليافعي أن قوات اللواء سيطرت على الموقف بشكل كامل عقب الاشتباكات، وتمكنت من القضاء على جميع المهاجمين، محققة انتصاراً كبيراً على قوى الشر والإرهاب التي حاولت عبثاً زعزعة الأمن والاستقرار في المحافظة.
واختتم قائد محور أبين تصريحه بالتأكيد على أن قوات محور أبين القتالي في جاهزية عالية، وستواصل أداء واجبها الوطني في حماية المحافظة وتأمينها من أي تهديد إرهابي يستهدف أمنها واستقرارها.
ختاماً..
تكمن الخطورة في سهولة تنقل عناصر الإرهاب بمناطق محافظة أبين. فسهولة الحركة تجعل تنفيذ ونجاح العملية الإرهابية سهلاً..
خبراء عسكريون أشاروا إلى أن سهولة حركة عناصر الإرهاب بمحافظة أبين تطرح تساؤلات، وقد تقف خلفها عدة عوامل أهمها:
أولاً: اختراق الأجهزة الأمنية: إما عبر الرشوة مستغلين توقف رواتب العسكريين، أو عبر انغماس عناصر إرهابية في هيئة رجال أمن داخل الأجهزة الأمنية نفسها.
ثانياً: ضعف الأجهزة الأمنية من حيث: قلة الكوادر المتخصصة المتدربة على التعامل مع عناصر الارهاب، وقلة الإمكانيات من أجهزة رصد واكتشاف المتفجرات عن بعد، وضعف الجانب الاستخباراتي،
وكذا عجز الأجهزة الأمنية في اختراق التنظيم الإرهابي وتفكيكه من الداخل، إلى جانب تلقي التنظيم الإرهابي دعماً كبيراً من قبل مليشيات الحوثي يجعله صاحب اليد الطولى.
هذه العوامل وغيرها، تحتم على دول التحالف العربي والدولي ضرورة دعم ومساندة الأجهزة الأمنية والعسكرية الجنوبية، لضمان انتصارها على قوى الشر والإرهاب، ولمنع تسرب عناصره واتساع رقعته.