تقارير وحوارات

المعلمون المنقولون إلى ميفع بحضرموت يواجهون واقعًا مريرًا يختزل إهمالاً طال أمده وسكناً منهارًا

كريترنيوز /تقرير / صبري باداكي

 

في زاوية من زوايا الوطن، حيث تُرفع رايات العلم وتُزرع بذور المستقبل، تقبع قصص صامتة تُحكى بين الجدران المتصدعة، إنها حكاية رجال، بل معلمين منقولين من خارج محافظة حضرموت، آمنوا برسالتهم فغادروا الدفء والأهل إلى حيث يدعو الواجب، لكنهم هناك في منطقة ميفع التابعة لمديرية بروم ميفع بمحافظة حضرموت، يواجهون واقعًا مريرًا يختزل إهمالًا طال أمده.

 

ما أن تطأ قدمك ذلك المكان حتى تدرك أنك أمام مشهد لا يليق بكرامة إنسان، فضلًا عن معلم، جدران حزينة تروي حكايات الإهمال، وسقف متداعٍ يكاد يهمس بشكواه لكل من يمر، إنه ليس سكنًا بالمعنى الذي نعرفه، بل هو غرفة تخزين متهالكة، يسكنها من يفترض أنهم مشاعل النور لأبناء هذه المنطقة.

 

هؤلاء هم المعلمون القادمون من محافظة أبين، الذين استجابوا لنداء العلم وتركوا وراءهم أسرهم وبيوتهم الآمنة، جاءوا حاملين في حقائبهم أحلام أبناء ميفع بمستقبل أفضل، لكنهم وجدوا أنفسهم غرباء في سكن لا يليق بإنسان، ناهيك عن معلم يبني الأجيال.

 

في مشهد يلخص حجم المعاناة، ترى أحدهم منحنيًا بين ثلاث حجارة ينفخ في نار متصاعدة لإعداد كوب شاي، إنها صورة تختزل غياب أبسط مقومات الحياة الكريمة، من غاز للطبخ أو طاقة للإنارة، ليحل محلها صبر لا يعرف الكلل وإرادة لا تعرف الانكسار.

 

“مشاهدات”

 

وخلال الاطلاع على حجم المعاناة التي يواجهها المعلمون المنقولون من محافظة أبين للتدريس في مدارس منطقة ميفع بحضرموت – حاملين في جعبتهم الكثير من المعارف والمعلومات لبناء أجيال المستقبل، ومتسلحين بالعلم والمعرفة – وجدنا أنفسهم غرباء حين سكنوا في بيت كاد ينهار فوقهم، استطعنا الحصول على بعض الآراء معبرين عن أسفهم الشديد بما يشاهدونه من معاناة يواجهها المعلمون المنقولون في سكنهم المنهار، وغياب أبسط مقومات الحياة المعيشية، إنهم قدموا من مسافة طويلة تاركين أسرهم وبيوتهم من أجل تعليم أبنائنا، حاملين رسالتهم نحو العلم دون كلل أو ملل، رغم ما يشاهدونه من سكن لا يليق حتى بمسكن للحيوانات، فكيف يسكن فيه معلمون صانعو الأجيال للمستقبل؟ إننا نقف صفًا واحدًا إلى جانبهم من أجل توفير كافة مستلزماتهم من سكن صالح للسكن فيه، هكذا كانوا يعبرون عن المعاناة التي يواجهها المعلم المنقول في منطقة ميفع.

 

“مناشدة”

 

في ظل استمرار معاناتهم المريرة مع عدم وجود سكن مهيأ لهم، وغياب أبسط مقومات الحياة المعيشية، ناشد المعلمون المنقولون الجهات المختصة بالأمر: مدير عام مديرية بروم ميفع الدكتور خالد حسن الجوهي، ومحافظ محافظة حضرموت الأستاذ مبخوت مبارك بن ماضي، وكافة المنظمات العالمية المانحة والجمعيات والمؤسسات الخيرية، بالتدخل السريع لإنقاذ كرامة المعلم والمربي لأجيال المستقبل، المحملة بسلاح العلم والمعرفة، ناشدين النظر إليهم بعين الشفقة والرحمة على أقل تقدير، مقابل الجهود التي يبذلونها في ظل يتقاضون رواتب هزيلة لا تكفي لشراء المواد الأساسية، لكنهم صامدين في تنفيذ رسالتهم بتعليم الطلاب في المدارس، ها هم اليوم ينتظرون وفائكم لهم.

 

“ختامًا”

 

من هنا، ومن عمق هذه المعاناة، ينطلق هذا النداء محملاً بآهات المحرومين من أبسط حقوقهم، إنه صوت يخترق جدران الصمت ليصل إلى كل قلب رحيم، ويدق جرس الإنذار لعل وعاءً يتحرك، أو يدًا تمد بالعون لهؤلاء الذين يرفضون أن تنطفيء جذوة العلم رغم كل الظروف.

زر الذهاب إلى الأعلى