تقارير وحوارات

الأم الجنوبية في عيدها الميمون.. بين حرب الأزمات وألم فقدان الأبناء.

كريتر نيوز/استطلاع/حنان فضل

الأم هي أصل كل شيء في حياة الأبناء وهي سر وجودهم في الحياة وسر نجاحهم لولا الأم وتضحياتها لا يستطيع أي شخص تحقيق أي إنجاز في حياته بفضل دعاء الأم تتحقق المعجزات، لذلك حث( الله عز وجل) “ورسوله الكريم” على بر الوالدين بشكل عام والأم بشكل خاص لما لها من حقوق ومكانة عالية.

فالأم هي التي تغرس في أبنائها حب الوطن وكيفية الحفاظ عليه من الأعداء والعملاء،فالأم رغم حنانها وعطفها فهي لا تريد أن يكون طفلها يعيش عيشة الذل والاستخفاف بل تحب له الخير وتسعى جاهدة أن يكون أفضل شخص،فالأم إنما وجدت تزرع الحب والسلام فهي كالنبع الذي ينضب بالحنان لا ينقطع أبداً،وحين تحس بالخطر على أرضها فإنها تكون بين حيرة وقلق وخوف فماذا تفعل في حين بقى ابنها عندها غير مدافعاً معتمداً على الآخرين،ولكن بقلبها الحنون تخبرنا أن الوطن أمانة في عنقك مهما تكالب عليه الأعداء،وحين يعود ابنها مستشهداً فلا أحد يحس بيها لا أحد يستطيع أن يتخيل مدى وجع الفراق عندما ينتزع شيء من جسدها فلذة كبدها يرتقي شهيداً وهي تتألم في داخلها،ويزداد وجعها عندما ترى الوضع مأساوي يزداد سوءاً وهنا تتذكر كيف ضحى ولدها بنفسه من أجل أن يعيش أهلها بسلام وأمان واستقرار،فأين الاستقرار الذي ضحى لأجله الأبرياء والأم تكون أيضاً ضحية وطن لازال يعيش في دوامة الصراع بين السارق والكاذب والمخادع والمنافق والصادق يعيش الأمرين،والـ21 من مارس عيد الأم وتضحياتها لأنها صابرة على الألم والمعاناة صبورة كتومة لا يعلم في حالها غير أرحم الراحمين.

•ذكريات مؤلمة وقهر لا يشعر به إلا الأم:

تقول الأم ندى عوبلي :
جاء عيد الأم عالمياً لتكريم الأم لدورها العظيم في إنجاب و بناء جيل الأمة وتنشئتهم تنشئة متوازنة وبناء شخصياتهم بشكل إيجابي وتوعيتهم وإرشادهم للحق والخير والصواب وتعزيز الثقة بالنفس ولهذه الأدوار مجتمعه متاعب جمة على حساب راحة الأم وصحتها فهي القلقة على صغارها تريدهم بأفضل حال دوما،وها نحن اليوم أمهات الجنوب نحتفي مع الدول العربية الأخرى بعيد الأم ، الأم التي فقدت فلذة كبدها شهيداً ومنهن من فقدت أكثر من شهيد تمر عليهن المناسبة بذكريات مؤلمة، وقهر لا يشعر به إلا من مسه الفقد وعناء ألم الافتقاد ومكابدة هذا الإحساس كيف لا وهي من تعبت وربت وانجبت رجالاً علمتهم البأس والحق وعدم الخوف فاستشهدوا دفاعاً عن الحق والأرض والعرض حامدة الله على هذا النصيب وأصبحت أن ثكلى تهامس ملابس من فقدت وتحتضن أدواتها دونهم سائلة الله أن يجمعها بهم في العليين بإذن الله هي الأم العطاء والتضحية والإباء والصلابة بقدر رقتها فكم من أم ابيضت عيناها على فراق أبنها حزنا أنها معاناة لا يمكن أن يتحملها غير الأم والأم فقط دون سواهاوتتجرع أوجاعها وآلامها.

•ضحكات مؤلمة:

وتواصل الأم نادرة حنبلة متذكرةً:
يبلغ الألم مداه حينما يمر طيف الأحباء وفقدان ملمسهم أو تلك الضحكات التي كانت تملئ المكان تبقى الأم الجنوبية تتذكر وجه الابن الذي غادر حضنها سريعاً بنهمر الدمع يخط طريقاً مرسوماً على الخد،ها هنا كان المجلس فلذة كبدي وسروري وسعادتي نالت منه أيادي الغدر رمته قتيلاً تظل الأم تعاني وتقدم واحداً ثم الآخر و رحى الحرب لا تتوقف كان لي حظاً أن بامرأة مكلومة الفؤاد قالت أتاني الخبر كأن زلزالاً ضرب البيت فأهتزت جدرانه لم تكن الأرض ثابتة تحتي وحريق يشب في صدري ضباب من الظلام ساد المكان لم أعي ماذا يحدث لكنه فارقني أبني الغالي كان باراً بي، أنا فخورة بإستشهاده لكني افتقدت له كثيراً الأمهات الجنوبيات المكلومات في بلدي كثيرات منهن من استسلمت للحزن وكآبة الحياة وأخريات قدمن الشهيد تلو الشهيد لا تنفك تردد ألسنتهن الوطن أحوج له مني نساء الجنوب جبارات يملكن قوة ومثانة جبال الجنوب الحبيب في بلدي تعاني أم الشهيد ألم الفراق الكبير معاناة لا يفهمها غير مجرب مستوعب الأمر فهن يقدمن أروع صور التضحيات،وكل عام وجميع الأمهات بخير وعافية.

وتتابع وفاء المقطري أم البنات: إلى كل أم حملت وربت وانجبت وسهرت تحية وحب وتقدير واحترام إلى كل أم لها وردة فواحة بحبها في أرجاء منزلها إلى كل شمعة أضاءت درب عائلتها ورغم المعاناة والألم في فقدان فلذات أكبادهن أن تصبر وتحتسب وتدعي له،أقول لها ابنك عند الله شهيداً حي يرزق وشفيع لك يوم القيامة ربنا يعطيك القوة وطول الصبر وراحة البال في النفس وترضي بما كتبه الله لك.

•ضحت بفلذة كبدها لينعم الفاسد برفاهية:

وتقول أهداب مدي :
عيد الأم يمر على الأم الجنوبية بكل قهر وألم فهذه الأم التي قدمت وضحت فلذة كبدها شهيداً لينعم الفاسدين بفنادق الرياض بالعيش الرغيد بينما أم الشهيد وأسرته يعانون الأمرين من أجل العيش الزهيد وقد يكون معدم،فأي عيد يمر على هذه الأم وهي بضنك العيش وانتظار صرف راتب الشهيد وتفكيرها بأنها خسرت أبنها من أجل لصوص.

•منذ الوحدة المشؤومة فالأم تعيش الألم:

ويقول الأخ عبدالباسط القطوي: لقد تحملت المرأة الجنوبية أعباء كثيرة في ظل هذه الأوضاع التي تمر بها البلاد من حصار سياسي واقتصادي واجتماعي وغيره من قوى الشر الإرهابية التي نزعت منهم الإنسانية والمروءة،فمنذ إعلان الوحدة المشؤومة عام 1994م والأم الجنوبية عاشت ألم كبير بفقدان فلذات أكبادها شهداء وجرحى ومختطفين في سجون الاحتلال اليمني،الأم الجنوبية قاومت بشتى المجالات لدفاع عن أبنائها وعن أرضها،وفي ظل هذه الأوضاع الخدماتية والأم الجنوبية تعاني أيضاً،فالحرب أخذت سنداً وعوناً لها،وهي تضحي ومازالت تضحي،فالأم الجنوبية ترفع لها القبعات احتراماً وإجلالاً وتقديراً لتضحياتها.

ويواصل الأخ سالم بافضل: المرأة الجنوبية عانت كثيراً وتألمت كثيراً من فقدان أغلى ما تملكه وهم أبناؤها وتحتاج التكريم والعرفان لدورها الريادي،حيث كانت في المسيرة التحررية إلى جانب الرجل في الكفاح والنضال وقدمت أغلى ما يملكن فلذات كبدها للانتصار للقضية الجنوبية.

ومن جانبه عبر الأخ علاو الحدي عن رأيه بالقول :
في مثل هذا اليوم؛ من كل عام نحتفل بعيد الأم، تقديراً من الأبناء لعطائها الدائم بلا حدود، فهي منبع الحب والحنان، تحمل طفلها جنينا في بطنها، وتتحمل آلام حمله صابرة سعيدة، وحين يخرج إلى الدنيا، تتولى إرضاعه وتربيته راضية متحملة كل مشاق الحياة من أجله، تضحي لذلك بوقتها وجهدها وصحتها، تعطي دون انتظار مقابل، ولا حتى كلمة شكر، لذلك في هذا اليوم تستحق أن نشكرها أو نقدم لها باقة ورد أو هدية رمزية. هذه هي الأم فما بالنا بالأم التي فقدت فلذة كبدها بعد أن كبر وأصبح شابا، والتي قدمته فداء للوطن، وهو يدافع عنه، علينا أن نتذكرها في هذا اليوم ونكرمها.

وعبرّ الأخ أمين عويش عن عيد الأم: أيامنا كلها أعياد وبهجة وسرور وإلى كل أم جنوبية عانت من الألم في فقدان ولدها في ظل الوضع السيء دمتن بأجمل حال وأبهى حال وكل عام وأنتن الحب والسلام.
والختام ليست المعاناة هنا فقط، بل في الدول العربية التي تعاني مرارة الحياة والحروب يكون حال الأم مختلفاً بعض الشيء وإليكم في لبنان يحث عيد الأم لا يختلف عن أي وطن تسوده المتاعب:

•عيد الأم في لبنان ضيق العيش يسرق فرحة ست الحبايب:

حتى عيد الأم، لم يسلم من تداعيات الأزمات التي يمر بها لبنان لا سيما الاقتصادية، إذ تحل المناسبة هذا العام، موقظًة الحزن في قلوب الكثير من الأمّهات، جرّاء بُعد أبنائهنّ عنهنّ، إما بسبب الهجرة غير النظامية أو حوادث لها علاقة بالأزمة.
ويصادف الاحتفال بعيد الأم (يطلق عليه البعض عيد ست الحبايب) في العالم العربي، في 21 مارس/ آذار من كلّ عام، بينما تختلف تواريخ الاحتفال به في دول أخرى.
لكن عيد الأم في لبنان لا يشبه غيره، فالأزمات الّتي تضرب البلاد، تضع الأمّهات في خانة فقدان أبنائهنّ، جرّاء الموت لحوادث متعلقة بالأزمات، أو الهجرة بحثًا عن حياة كريمة.

وأما نجمة القنطار، من بلدة الدوسة، شمالي لبنان، فقدت نجلها علي جمال (28 عامًا)، وهو عنصر بالجيش اللّبناني، في انفجار خزّان للبنزين في بلدة التليل بقضاء عكار (شمال)، عندما ذهب إلى هناك لتأمين بنزين سيارته، في ظل أزمة طاحنة بالوقود كانت تعانيها البلاد.
وفي 15 أغسطس/ آب الماضي، انفجر خزّان وقود داخل قطعة أرض، كان قد صادره الجيش اللّبناني لتوزيع ما بداخله على المواطنين، ممّا أدّى إلى سقوط عدد من الضّحايا والمصابين بين مدنيّين وعسكريّين، وفق بيان سابق للجيش اللّبناني.
وتشير نجمة القنطار، لـ”الأناضول”، إلى أنّ ابنها علي كان يسهر معها في تلك اللّيلة، وعند الواحدة بعد منتصف اللّيل، ودّعها قائلًا إنّه سيذهب إلى منزله لينام، فعلي متزوج وهو أب لطفلة عمرها سنة واحدة.
وتضيف والدة الضحيّة: “بعد وقوع الانفجار، علِمت أنّ اثنين من أبنائي موجودان في الموقع”، متابعةً أنّ ابنها الأوّل أُصيب بحروق، والثّاني أي علي كانت حالته حرجة نتيجة الحروق، ونُقل إلى أحد مستشفيات طرابلس (شمال) ثمّ إلى بيروت وبعدها إلى تركيا، إلّا أنّه ما لبث أن فارق الحياة متأثّرًا بالحروق البليغة الّتي أُصيب بها.
وتكمل القنطار بحسرة: “ابني ذهب لكي يحصل على البنزين، لأنّه كان غير متوافر في الأسواق، وكان يريد تأمينه لكي يذهب إلى خدمته العسكريّة”.
والصّيف الماضي، فُقدت المحروقات من الأسواق اللّبنانيّة بسبب عدم توافر النّقد الأجنبي، الّذي كان يؤمّنه المصرف المركزي من أجل دعم استيراد تلك المواد.
ووقتها، شهدت مناطق لبنانيّة عدّة مداهمات أمنيّة لمحطّات وخزّانات وقود، يقوم أصحابها بإخفاء المحروقات (بنزين ومازوت) بغية احتكارها وبيعها بأسعار مرتفعة.
وتتابع أنّ “راتب علي الشّهري لا يكفيه، كما أنّ عليه ديونًا لم يتمّ إيفاءها حتى اليوم”.
وهذا هو العام الأوّل الّذي يمرّ عيد الأمّ، حيث يكون فيه علي بعيدًا عن والدته، الّتي جزمت باكيةً بأنّ “لا شيء يعوّضني عن خسارة ابني”.
وتستطرد: “كنت أتمنّى أن أخسر كلّ ما أملك ولا أخسر ابني، تعبتُ جدًّا لتربيته وشقيقه التّوأم”.
الهجرة بأقسى حللها
ليس الموت وحده ما يخطف الأبناء من أمهاتهم في لبنان، فالهجرة بمختلف أشكالها، نظامية وغير نظامية، هربًا من الصّعوبات المعيشيّة في هذا البلد، تشطر الأحبّاء عن بعضهم البعض.
هذا هو واقع الأم فاطمة المحمد، من شمال لبنان، الّتي هاجر ابنها أحمد صالح بطريقة غير نظامية إلى ألمانيا، باحثًا عن العيش الكريم.
وتتحدّث فاطمة عن السّبب خلف قرار أحمد بمغادرة لبنان، موضحةً أنّه “لا عمل لديه، ولا مستقبل في البلاد، فقرّر الهجرة”، مشدّدةً على أنّ الوضع في لبنان صعب.
وتُكمل أنّ “أحمد سافر من لبنان إلى صربيا، ومن هناك سار في الغابات الأوروبيّة لمدّة أسبوع كامل، حتّى وصل إلى ألمانيا”.
ولفتت إلى أنّه “تعذّب كثيرًا، فهو نام على الأرض وعانى من البرد والشّتاء والثّلج، إذ وصلت درجة الحرارة إلى 4 تحت الصّفر، كما أُلقي القبض عليه من قِبل الشّرطة النّمساويّة، حتّى استطاع منذ أيّام الوصول إلى ألمانيا”.
وتذكر أنّه يتواصل معها من وقت إلى آخر، مطمئنًا إيّاها بأنّه في حال أفضل.
وعن آخر اتصال حدث بينهما، قالت: “أخبرنا أحمد أنه وصل لألمانيا وسيسلم نفسه الى السلطات الألمانية، طالباً اللجوء”.
ومع حلول عيد الأم، في ظل ابتعاد أحمد عن والدته، تقول الأخيرة والدّموع تملأ عينيها: “البيت فارغ من دونه، كنت أتمنّى أن يكون بقربي، لكنّني أيضًا أتمنّى له التّوفيق وأن أراه في أفضل حال”.
وبسبب الأزمة الاقتصاديّة في لبنان، زادت آمال المواطنين بالهجرة، وسط غياب أبسط حقوق الإنسان في البلد، من مأكل وطبابة وأمن وفرص عمل.
وخلال العام 2021، سجّل لبنان ارتفاعًا في عدد المهاجرين والمسافرين بنسبة 346 بالمئة، وفق دراسة بحثيّة أجرتها شركة “الدّوليّة للمعلومات” اللّبنانيّة (خاصّة).
وعزت الدّراسة أسباب ذلك إلى “الأزمة الاقتصاديّة والماليّة المتفاقمة، تدنّي مستوى الخدمات، ارتفاع الأسعار، وتآكل القدرة الشرائيّة؛ الّتي تدفع آلاف اللّبنانيّين للهجرة والسّفر بحثًا عن فرصة عمل أو تحسين ظروف الحياة”.
وفي يونيو/حزيران الماضي، وصف البنك الدّولي الأزمة في لبنان بأنّها “الأكثر حدّة وقساوة في العالم”، وصنّفها ضمن أصعب ثلاث أزمات سُجّلت في التّاريخ منذ أواسط القرن التّاسع عشر.
وكانت قيمة اللّيرة اللّبنانيّة مقابل الدّولار الأمريكي مستقرّةً لأكثر من ربع قرن عند حدود 1515، إلّا أنّها تدهورت تدريجيًّا منذ أواخر 2019، ووصلت إلى حدود 33 ألف ليرة في يناير/كانون الثّاني الماضي.

زر الذهاب إلى الأعلى