ما قصة الحمار الأزرق والفيل الأحمر في الانتخابات الامريكية؟

كريترنيوز/ متابعات /وكالات
تشهد الانتخابات الأمريكية تنافساً يعد الأكثر احتداماً في تاريخ أمريكا، بين كامالا هاريس نائبة الرئيس الأمريكي ودونالد ترامب الرئيس الأمريكي السابق، وبدأ العد التنازلي للصراع الانتخابي مع اقتراب المشهد من نهايته بعد الخامس من نوفمبر القادم.
ويتنافس مرشحا الحزبين الجمهوري والديمقراطي للوصول إلى كرسي الرئاسة، وقد يتساءل الكثيرون عن سبب اختيار الحزبين للحمار الأزرق والفيل الأحمر رمزين انتخابيين لهما.
وبالرغم من أن الحمار يعرف بأنه رمز لمحدودية القدرات، والفيل الضخم للقوة! إلا أنهما تحولا منذ عقود إلى أيقوناتين سياسيتين ورمزين انتخابيين وعلامتين تجاريتين تدران مئات الملايين من الدولارات للحزبين الديمقراطي والجمهوري.
وهذان الرمزان ليسا مجرد شعارين، بل يحملان في طياتهما تاريخاً وقصصاً لها أبعاد ومعانٍ، فمنذ أن تبنى الديمقراطيون رمز الحمار في القرن الـ 19 والجمهوريون رمز الفيل في نهاية القرن نفسه، أصبحت الحيوانات مرآة تعكس القيم والسياسات والأهداف التي يسعى كل حزب لتحقيقها.
فـ “الفيل والحمار” رمزان يعبران عن فلسفة سياسية ومواقف أيديولوجية محددة. وعن أهداف المرشحين الذين ينتمون إلى أحد هذين الحزبين السياسيين الديمقراطي والجمهوري منذ عام 1853.
“الحمار” الديمقراطي
بدأ استخدام الحمار كرمز للحزب الديمقراطي في أوائل القرن الـ 19، تحديداً خلال حملة أندرو جاكسون الانتخابية عام 1828 في ذلك الوقت، أطلق خصوم جاكسون عليه لقب “جاكاس” “حمار”، في محاولة للسخرية منه، بدلاً من أن يتجاهل جاكسون هذا الهجوم، تبنى الحمار كرمز له، معتبراً أنه يعبر عن الثبات والعمل الدؤوب، ولاحقاً، أصبح الحمار رمزاً شائعاً في الرسوم الكاريكاتورية السياسية التي تمثل الديمقراطيين.
واستمر استخدام الحمار كرمز للحزب الديمقراطي في التطور على مر العقود، ليصبح رمزاً معترفاً به على نطاق واسع، في نهاية المطاف، وساهم الفنان توماس ناست في تعزيز هذا الرمز من خلال رسوماته الكاريكاتورية الشهيرة التي نشرت في مجلة “هاربرز ويكلي” في أواخر القرن الـ 19، ما ساعد في ترسيخ الحمار كرمز رسمي للحزب الديمقراطي.
الفيل الجمهوري
بدأ استخدام الفيل كرمز للحزب الجمهوري في أواخر القرن الـ 19، يعود الفضل في ذلك أيضاً إلى رسومات توماس ناست، في رسم كاريكاتوري نشر في مجلة “هاربرز ويكلي” عام 1874، صور ناست الفيل كممثل للحزب الجمهوري، معبراً عن القوة والصلابة.
والفيل يُنظر إليه على أنه رمز للقوة والاستقرار، وهو ما يتماشى مع القيم التي يسعى الحزب الجمهوري إلى تعزيزها، منذ ذلك الحين، تبنى الجمهوريون الفيل كرمز لهم، وأصبح يظهر بشكل متكرر في الحملات الانتخابية والمواد الدعائية الخاصة بالحزب.
وأصبح الحمار والفيل جزءاً لا يتجزأ من الهوية السياسية للحزبين، محملين بالمعاني التاريخية والسياسية التي تجسد قيم ومبادئ كل حزب.
كيف اكتسب هذان الرمزان اللونين الأحمر والازرق؟
أصبح اللون الأحمر مرتبطاً بالحزب الجمهوري واللون الأزرق بالحزب الديمقراطي في خرائط التصويت، ووجود “الولايات الحمراء” و”الولايات الزرقاء” أمراً معتاداً، رغم أن الولايات المتحدة في الواقع عبارة عن خليط من درجات اللون الأرجواني، وفق توصيف روبرت فاندربي، الذي صاغ عبارة “أمريكا الأرجوانية”.
وابتكر عالم الرياضيات والأستاذ الفخري في قسم بحوث العمليات والهندسة المالية في جامعة برينستون، منذ انتخابات 1960، رسماً متحركاً يقدم 3 تحسينات على الخريطة الحمراء والزرقاء القياسية، حيث يرسم المقاطعات، وليس فقط الولايات، ويستخدم ظلال اللون الأرجواني لتعكس مزيج الأصوات الديمقراطية والجمهورية.
بدأت القصة على شاشة التلفزيون عندما كشفت “NBC”، أول شبكة إخبارية ملونة بالكامل، عن أول خريطة انتخابية مضيئة، في انتخابات 1976.
وتحولت المصابيح إلى اللون الأحمر للإشارة إلى الولايات التي فاز بها المرشح الديمقراطي جيمي كارتر، واللون الأزرق للإشارة إلى الولايات التي فاز بها المرشح الجمهوري جيرالد فورد.
ووفقاً لشبكة NPR، كان مخطط الألوان قائماً على النظام السياسي في بريطانيا، حيث ارتبط الحزب الليبرالي باللون الأزرق، كما كانت تميل العديد من النصوص والكتب المرجعية إلى استخدام اللون الأحمر للإشارة إلى الجمهوريين، جزئياً، لأن اللون الأزرق كان لون الاتحاد في الحرب الأهلية الأمريكية.
ومع تحول القنوات التليفزيونية الأخرى من الأبيض والأسود إلى الألوان، استخدمت كل قناة خرائطها الملونة والمضيئة في الانتخابات المتتالية، لكنهم لم يتفقوا على تحديد أي الألوان مخصص للديمقراطيين وأيها مخصص للجمهوريين.
وفي الانتخابات الرئاسية الـ 49 والتي أجريت عام 1980، أضاءت قناتا NBC وCBS اللون الأزرق في إشارة إلى أن المرشح الجمهوري رونالد ريجان يهزم المرشح الديمقراطي جيمي كارتر، بينما استخدمت شبكة ABC اللون الأحمر لنفس الغرض.
وبقي الأمر على حاله لسنوات، إذ في البداية، كان الأزرق أحمراً والأحمر أزرقاً، وكان اللونان الأحمر والأزرق يُخصَّصان بشكل مختلف ومتغير للديمقراطيين والجمهوريين من انتخابات إلى أخرى، ومن شبكة إلى أخرى.