تصعيد الغرب مع روسيا مخاطرة لا تفيد أحداً

كريترنيوز /متابعات /أمجد عرار/دبي
يؤكد خبراء عسكريون روس أن ثمة نقطة تحول مهمة في مسار حرب أوكرانيا لصالح القوات الروسية، في عام 2024، في حين يحذر خبراء غربيون من أنه ليس من مصلحة الغرب تصعيد التوتر مع موسكو.
ورغم حديث بعض الدوائر الغربية عن تآكل قدرة روسيا على ترجمة تهديداتها للغرب إلى أفعال، يحذر رامزي مارديني الباحث في مركز بيرسون لدراسة وتسوية الصراعات العالمية في جامعة شيكاغو- في تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية- من خطورة افتراض محدودية المخاطر من استمرار التصعيد ضد روسيا، لآن هذا النهج يتجاهل القدرات العسكرية التقليدية المتزايدة لروسيا، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.
يقول مارديني: إن التصعيد الغربي عبر السماح لأوكرانيا بضرب روسيا باستخدام الصواريخ طويلة المدى دفع روسيا إلى تعديل عقيدتها النووية لتخفف الشروط اللازمة لاستخدام السلاح النووي.
وإذ يشير إلى أن احتمالات لجوء روسيا إلى الأسلحة النووية ضئيلة، لكنه يذكّر بأن الضآلة لا تعني الاستحالة. ولذلك فإن الاحتمالية البسيطة لاستخدام روسيا للأسلحة النووية تستحق الحذر.
ومن المفارقات أن إفراط الغرب في الثقة في استقرار «المحرمات النووية» هو الذي أدى إلى الاستفزازات الغربية، التي دفعت روسيا إلى إطلاق تهديداتها باستخدام ترسانتها النووية وهو ما يتعارض مع «المحرمات النووية».
بالطبع من غير المحتمل لجوء روسيا إلى السلاح النووي طالما أنها لا تخسر الحرب.
لكن إذا كانت المخاوف النووية مبالغاً فيها، فإن من الخطورة تجاهل القوة التقليدية الهائلة لروسيا التي تمتلك مساحة كافية لرفع وتيرة التصعيد إلى ما دون العتبة النووية، في ظل غياب أي تدابير مضادة واضحة في الأفق من جانب الغرب.
ولا شك أن استخدام روسيا لصاروخها الفرط صوتي «أورشينك» (شجرة البندق) لضرب مصنع أسلحة في مدينة دنيبرو بوسط أوكرانيا يوم 21 نوفمبر الماضي، كان بمثابة استعراض كبير لقواتها التقليدية المتطورة. وتشير التقارير إلى أن أورشينك هو صاروخ فرط صوتي متوسط المدى يتمتع بقدرات استهداف متعددة بسرعة تتجاوز 10 ماخ، ويستطيع تجاوز أي نظام دفاع جوي.
وينظر بوتين إلى هذه الصواريخ ونظيراتها باعتبارها أداة متعددة الاستخدامات، تتيح له الاستجابة المرنة والمدروسة ضد التصعيد الغربي وتسمح لبلاده بتجنب متاعب اللجوء إلى الأسلحة النووية. وفي 28 نوفمبر قال بوتين، إن «أورشينك ليس سلاح دمار شامل»، مستدركاً أنه عند إطلاق عدة صواريخ منه في وقت واحد على مكان واحد، فإن النتائج تعادل استخدام سلاح نووي.
وفي 10 ديسمبر الحالي أكد هذه الرؤية قائلاً «ما نحتاجه الآن ليس تحسين العقيدة النووية، وإنما تطوير أورشينك»، مضيفاً أنه مع وجود مثل هذه الأنظمة المتطورة، ستصبح روسيا في غنى عن استخدام الأسلحة النووية تقريباً. والآن تنتج روسيا هذه الصواريخ على نطاق واسع مع اعتزامها نشرها في بيلاروس العام المقبل، وهو ما يعني أنها تعتزم الاعتماد على هذه الصواريخ بكثافة.
مرمى مكشوف
وتحذر وسائل إعلام ألمانية من أن ألمانيا غير محمية عملياً من وصول منظومات «أوريشنيك» الروسية. وجاء في تلك الوسائل نقلاً عن وثيقة داخلية لوزارة الخارجية الألمانية، أنه «من المرير إدراك أن ألمانيا ستكون غير محمية في حال وقوع هجوم باستخدام «أوريشنيك».
وأكدت الوثيقة أن «الجيش الألماني المسلح بأنظمة باتريوت، ليس لديه حالياً وسائط دفاع فعالة ضد هذه الصواريخ الباليستية». وأوضحت أنه، وبعد استخدام «أوريشنيك» باستهداف مؤسسة «يوجماش» الدفاعية في دنيبروبيتروفسك في 21 نوفمبر الماضي، أوعزت وزارة الخارجية الألمانية للخبراء العسكريين من القوات المسلحة الألمانية (بوندسوير) بتقييم استعداد البلاد لهجوم مفترض باستخدام هذا النوع من الأسلحة.
وحسب مارديني، أصبحت موسكو الآن تمتلك مجموعة من الأدوات لتكثيف نطاق الحرب وتوسيعها. وتشمل هذه الأدوات التطور الكبير في تكنولوجيا الصواريخ الفرط صوتية، والذخائر الموجهة بدقة، والدفاع الجوي المضاد للصواريخ، والمركبات المدرعة والدبابات، والطائرات بدون طيار، وأنظمة الحرب الإلكترونية، والحرب السيبرانية.
وعلى الرغم من الحديث في العواصم الغربية عن إحجام موسكو عن تنفيذ تهديداتها، فقد تمكنت روسيا بدلاً من ذلك من إدارة تصعيدها. وفي مواجهة التهديدات المتزايدة وسعت روسيا أهدافها السياسية وكثفت قوتها النارية. لذلك ليس من قبيل المصادفة أن يظل الالتزام الغربي تجاه أوكرانيا ودعمها عن بعد بدلاً من الانخراط المباشر في الدفاع عنها.