الحرب في أوكرانيا.. عقبات تهدد طريق «التسوية»

كريترنيوز/ متابعات /البيان/القاهرة
يدخل ملف الحرب في أوكرانيا منعطفاً جديداً مع تبني كييف موقفاً أكثر مرونة من موقفها السابق، بعدما أعلنت رفقة الولايات المتحدة الأمريكية في بيان مشترك من جدة، عن استعدادها للاتفاق على «وقف فوري لإطلاق النار» مع موسكو في هدنة لمدة ثلاثين يوماً على كامل خطوط المواجهة بين الطرفين.
ومع هذا التطور المثير، صارت «الكرة في ملعب روسيا» بحسب وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، وهو التعبير نفسه الذي ردده قادة أوروبيون.
على الجانب الآخر، وبينما يعمل الرئيسان الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، على إذابة الجليد بالعلاقات، والانفتاح على محادثات جادة لإنهاء ملف الحرب في أوكرانيا، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إن بلاده لن تقبل بأي شكل وجود قوات لحلف شمال الأطلسي في أوكرانيا.
وفيما يتوجه مسؤولون أمريكيون لروسيا لبحث اتفاق وقف إطلاق النار كما أعلن ترامب، فإن لافروف جدد موقف بلاده المتمسك بـ«القضاء على جميع الأسباب الجذرية» التي أدت للحرب، كهدف لجميع محاولات التسوية.
توازنات
ويقول المحلل السياسي من موسكو، ديمتري بريجع، إن مستقبل الصراع الروسي الأوكراني يبقى معتمداً على توازنات القوى الإقليمية والدولية، والتحركات الدبلوماسية، وقدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى حلول تحقق السلام في المنطقة.
موضحاً في تصريحات لـ«البيان» أنه «في الآونة الأخيرة، شهدت الساحة الدولية حراكاً دبلوماسياً مكثفاً، إذ بدأت مفاوضات مباشرة في جدة، بهدف إنهاء الصراع».
ويشير إلى الدور الذي يلعبه «التقارب الأمريكي الروسي» في هذا السياق. رغم أن ذلك التقارب يثير قلق كييف، لا سيما بعد أن كان قد تم استبعادها من المحادثات الأوليّة السابقة. وتبدي أوكرانيا مخاوف من «تسوية لا تراعي مصالحها بشكل كامل».
تباين
وثمة تباين لافت في التقديرات بشأن كيفية إنهاء الحرب؛ ففي الوقت الذي تصر فيه كييف على استعادة جميع أراضيها، تتبنى واشنطن مقاربات تثير مخاوف أوكرانيا وحلفاءها الأوروبيين.
وقال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، للصحافيين إنه «من غير المرجح أن تستعيد أوكرانيا كل الأراضي التي سيطرت عليها روسيا منذ عام 2014». في المقابل، تقف أوروبا في موقع لا يخلو من التوجس، إذ سبق أن عبرت عواصم أوروبية عن استيائها من استبعادها عن المشاورات الجوهرية المتعلقة بمفاوضات إنهاء الحرب. وتخشى دول القارة العجوز أن تمضي واشنطن نحو اتفاق منفرد مع روسيا، يتجاهل المصالح الأمنية الأوروبية.
يعكس هذا التباين تعقيد المشهد والطريق الوعرة للمفاوضات، حيث تتداخل الحسابات الاستراتيجية لكل طرف. ووفق بريجع فإن «استبعاد الدول الأوروبية من المفاوضات قد يدفعها إلى اتخاذ خطوات مستقلة لدعم أوكرانيا، سواء عبر زيادة المساعدات العسكرية أو من خلال مبادرات دبلوماسية جديدة تهدف إلى ضمان مشاركة كييف وتعزيز موقفها في أي تسوية مستقبلية.. هذا التحرك الأوروبي قد يعرقل الجهود الأمريكية الروسية إذا لم يتم تنسيق المواقف بشكل فعّال».
موقف أوكرانيا
لكنّ العديد من المحللين يثيرون تساؤلات بشأن موقف الإدارة الأوكرانية الحالية، وحدود التنازلات التي هي مستعدة لتقديمها، وكذلك الموقف الأوروبي، وهو ما أشار إليه الخبير السياسي الروسي تيمور دويدار، في حديثه مع «البيان» عندما لفت إلى أن «المسؤولين عن الحكم في أوروبا ضمن الوحدة الغربية رأوا أن الولايات المتحدة تنفصل عنهم، وأنهم صاروا عراة في المعادلة الأمنية».
وأشار إلى أن «قرع طبول الحرب لن تكون في صالحهم تماماً، لا سيما مع الأخذ في الاعتبار انسحاب الولايات المتحدة من هذه المعادلة (من دعم أوكرانيا كما كان سابقاً في عهد جو بايدن). ومن ثم فإن الموقف الأوكراني ـ وفق دويدار ـ يترتب عليه جزء كبير من المفاوضات».