دولية

ترامب وماسك.. «ما صنع الحداد» بعد وداد!

مغامران ومتقلبان ومحترفا صفقات ما استبقيا في قواميس القدح والشتائم نعتاً

كريترنيوز /متابعات /أنس مأمون/دبي

انهار كل شيء.. مَن كان يظن أن علاقة حليفين ظلت وحتى قُبيل أيام قلائل مثالاً في التناغم وتبادل الثناء والغزل، تنزلق إلى قاع بغير قرار من مَنّ وأذى.. إهاناتٍ وشتائم.. وفضح أسرار على مرأى العالم ومسامعه!
ما بين مَشاهد قَفْز ماسك طرباً في التجمعات الانتخابية، واستشاطته غضباً من قرارات ترامب.. مياه كثيرة تحت الجسر جرت.. فما دامت فرحة الانتصار الكاسح طويلاً، إذ سرعان ما وجد الحليفان نفسيهما أمام جبال تحديات.

ليبدأ تآكل التحالف ونفاد قوة دفعه بعد انتقادات طالت الملياردير الجامح، مفادها التمدد المفرط داخل المؤسسات، فيما أفاض الكأس قانون الإنفاق؛ مُقدَّس ترامب وخطه الأحمر، بل وحلمه «الرائع الجميل»، لم يحتمل «متضخم الذات» أن يسفّه رهانه ويوصم علانية وليس سراً بـ«الشر المقيت».

كافأ ترامب حليفه وشريك رحلته الشاقة إلى البيت الأبيض بمنصب مستحدث وزيراً للكفاءة الحكومية بمهمة محددة وهي إغلاق وكالات وتسريح موظفين، بما يوفر على الخزينة المليارات، وقد فعل.. ليوارى بعدها الرصيف مخذولاً أسفاً، في القلب قيح، وفي الفم ماء، ما استطاع حبسه طويلاً، فأفرغ ما احتوى فيه من غضب عارم دون اعتبار عواقب.
لم يدم الود سوى بضعة أشهر، تشتت بعدها الشمل وانفضّ السامر.. اشتعل فتيل الحرب وحمى أوارها.. تقاذُف إهانات واتهامات وكشف مستور، وبينهما غل وحقد و«ما صنع الحداد».
ففيما كال ترامب، غير عابئ، الشتائم لماسك بأنه ناكر جميل فقد عقله.. منّ الأخير على صاحبه بفضله عليه في الاكتساح الانتخابي والتنصيب رئيساً، ناشراً على حبال «X» بعض غسيله بأن اسمه ورد في وثائق حكومية تتعلق بفضيحة جيفري ابستين.

يعيب الكثيرون على ماسك نثره المال وإلقاءه كامل البيض في سلة ترامب.. لم يستبقِ الرجل من حيل أو يحتطْ لـ«يوم كريهة»، فيما حشره الخلاف في الزاوية موعوداً بموجع الضربات، وقْف دعمٍ وسحب عقودٍ، بل وصل الأمر إلى التهديد بالتفكير في ترحيله إلى جنوب أفريقيا.
حيث ولد.. فلم يجد ماسك بُداً من التهدئة وتجنب نزف المزيد بحذف بعض ما خطت يداه على وسائل التواصل، بل والإعراب عن الندم صراحة: «آسف.. لقد تجاوزت حدودي».

لقد نال الرهق من إمبراطورية ماسك ما نال.. نزفت خزائنه المليارات ولا تزال، فمن ذا الذي غرر بالرجل، واستدرجه بحسن نية أو نقيضها إلى عش الدبابير طائعاً مختاراً، يتساءل كثيرون.
أنفق الملياردير الأشهر بعض ثروته على «X» التي قبر اسمها الشهير «تويتر» ونفق طائرها الأزرق.. بدد طائل أموال على منصة ودعم مرشح، فيما ألْهته السياسة هوناً عن إدارة مملكة من الأكبر في الكوكب، قبل أن يبدأ سيناريو التداعي الماثل وتتجرع مرّ الخسائر بفعل تهاوي الأسهم ومخيب النتائج.

أهو طموح سياسي؟ أم رغبة انتقام؟ غض النظر عن أي الخيارين إلى الحقيقة أقرب، يبدو أن الدليل قد حار بماسك حتى تفتقت بنات أفكاره التائهات عما لم يسبقه إليه من الأوائل أحد.. تأسيس حزب جديد يزاحم الكبيرَين على التنافس والنفوذ والهيمنة «حزب أمريكا»..
كيان جديد يتموضع في الوسط ينضح تطوراً وحداثة ويمنّي الأمريكيين الأماني، فيما لا يبدو المناخ مهيئاً أو المزاج مواتياً وفق استطلاعات رأي كشفت عن زهد العامة في تقبل أي وافد جديد، بما قد يجبر ماسك مكرهاً لا بطلاً على التنازل عن طموح مهلك.. محسوم النتائج مؤلم المآلات.

يراهن مراقبون وساسةٌ على فشل ذريع لا مفر منه حال أصر ماسك على المضي قدماً في طريق شائك وعر، فيما يجعل أقرب السيناريوهات عقلاً الابتعاد عن السياسة والتفرغ لتضميد جراح مملكته وتعويض خسائر ثروته، أو تفضيل الخيار المكلف الأصعب وهو العودة إلى أصله يسارياً قُحاً ودعم الديمقراطيين عبر دعم مرشحيهم في انتخابات التجديد النصفي وهو خيار يعني الاستعداد لغضب ترامب.. وانتظار مُوجعِ انتقامه وبَشع تشفّيه.

زر الذهاب إلى الأعلى