بين الخيارات الغربية والقبول الروسي.. «الضمانات الأمنية» مخرج أوكرانيا من مسار الحرب

كريترنيوز /متابعات /أمجد عرار/دبي
في اليوم التالي لقمة ألاسكا بين الرئيسين: الأمريكي دونالد ترامب، والروسي فلاديمير بوتين، توجه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي ومعه عدد من القادة الأوروبيين إلى واشنطن للبحث مع ترامب في نتائج القمة ومآلاتها.
وبرز في التصريحات على نحو متكرر موضوع الضمانات الأمنية لأوكرانيا، في ضوء الرفض الروسي المعلن لانضمامها إلى حلف الناتو.
في هذا الواقع المعقد، تبحث أوكرانيا عن مظلة أمنية بديلة لعضوية الحلف، حيث تبلورت مقاربة غربية مزدوجة تشمل التزامات طويلة الأمد بالدعم العسكري والاقتصادي.
ويصطدم مطلب كييف بضمانات «شبيهة بالمادة الخامسة» بخشية غربية من التورط المباشر، وبفيتو روسي على أي ترتيبات تبدو «ناتو بوجه آخر»؛ لذا تبدو الصيغة الأكثر واقعية:
اتفاقات ثنائية تراكمية تحول أوكرانيا إلى قوة مسلحة ومدربة تحت مظلة ردع غير معلنة، مع نقاش حول حياد ملزم وضوابط انتشار. نجاح هذه الصيغة مرهون بتوازن يسمح لروسيا بادعاء تحقيق «خطوطها الحمراء» دون تقويض قدرة كييف على الدفاع الذاتي.
وتطالب كييف باستمرار توريد الأسلحة النوعية والتدريب والاستخبارات وبناء قاعدة صناعية دفاعية محلية، وكذلك بالتزامات دفاعية مكتوبة وطويلة الأمد تشبه في جوهرها مبدأ «الهجوم على طرف يعد هجوماً على الجميع»، ولو من دون صياغة مطابقة للمادة الخامسة التي تقضي بالتزام الحلف الدفاع عن أي دولة عضو فيه حال تعرضها لاعتداء خارجي.
ودعا زيلينسكي مجدداً، أول من أمس، في عيد استقلال بلاده، إلى نشر قوات أجنبية في البلاد بعد انتهاء الحرب، وهو ما تعارضه موسكو باستمرار.
ما الذي قدمه الغرب فعلياً حتى الآن؟ في قمة فيلنيوس 2023، أعلنت «مجموعة السبع لدعم أوكرانيا» إطاراً لالتزامات طويلة الأجل بالدعم العسكري والاقتصادي وترتيبات ردع ومساعدة في حال عدوان مستقبلي، تنفذ عبر اتفاقات ثنائية. وهناك اتفاق المملكة المتحدة – أوكرانيا (12 يناير 2024 يحدد مجالات الدعم العسكري والاستخباري والصناعي، ويؤكد الاستمرارية حتى انضمام أوكرانيا للحلف مستقبلاً.
وفي 13 يونيو 2024 وقعت واشنطن وكييف اتفاقاً لعشر سنوات يهدف إلى ترسيخ قدرة أوكرانيا على الردع والدفاع، عبر تسليح وتدريب واستخبارات ودعم اقتصادي وتنسيق صناعي.
ما الذي يمكن أن تقبل به موسكو؟ موسكو تعلن بصورة متواترة أن عضوية أوكرانيا في الناتو خط أحمر. وفي مقابلات وتصريحات رسمية جرى طرح خطوط عامة للقبول الروسي، منها حياد أوكرانيا وعدم الانضمام إلى أحلاف عسكرية، وعدم نشر أسلحة غربية هجومية أو بنى تحتية عسكرية تعد تهديداً مباشراً.
وتطرح موسكو معادلة تقوم على حياد أوكراني ملزم قانوناً، ورفض قاطع لعضوية الحلف، وترتيبات ضمان جماعي تتضمن دول مجلس الأمن الدائمة العضوية.
لذلك فإن حظوظ النجاح لاتفاق «ضمانات صلبة» منخفضة، والأرجح استمرار نهج الاتفاقات الثنائية والتسليح الكثيف دون دفاع مشترك.
هذا يعني أن النتيجة المرجحة على المدى المنظور ترتيبات رمادية تمنح كييف تسليحاً وردعاً متصاعدين من دون «مادة خامسة» صريحة تحكم موقف «الناتو»، مقابل صيغ حياد وضوابط انتشار تسعى موسكو لتضمينها.
ويتصور البعض صيغة وسطاً محتملة تشمل حياداً معلناً لأوكرانيا، مقابل تعميق اتفاقات الدعم الغربية ومسار اندماج اقتصادي أوروبي.
لكن البعض الآخر يرى أن أي ترتيبات أمنية مستدامة ستتوقف على خرائط السيطرة وموازين الردع ونمط العلاقة الأمريكية الروسية.