دولية

«توماهوك».. من سلاح قاتل إلى قوة دفع للسلام

كريترنيوز/ متابعات/ البيان /ليلى بن هدنة

لا شك أن تجربة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع غزة تفترض أن الجهد الشاق المبني أساساً على الضغوطات، يمكن أن يفضي في النهاية إلى نصر، حيث يسعى إلى إسكات صوت السلاح في أوكرانيا بإعلان استجابته لطلب روسيا برفض تزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك» التي كانت كييف تعول عليها لتحقيق تقدم في الحرب، وتطلعه إلى لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في المجر بعد أسبوعين للتوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا، ما يؤكد أن التهديد بالقوة العسكرية هو الطريق الأسرع إلى التفاوض.

حيث إن إنهاء الحرب في أوكرانيا يتطلب التحدث باللغة الوحيدة التي تفهمها موسكو: القوة.

 

ويؤكد محللون أن السلاح والسلام وجهان لعملة واحدة، فبالسلاح يتحقق السلام، وبالسلام نمتلك أكبر سلاح، هما مصطلحان متباعدان في اللفظ والمعنى، لكن يمكن استخدامهما معاً لإقناع روسيا بانتهاج سياسة ردع متكاملة تهدف إلى فرض التفاوض بالقوة.

وأوضح الرئيس الأمريكي للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن أولويته الآن هي الدبلوماسية ويعتقد أن تقديم صواريخ «توماهوك» لكييف يمكن أن يقوض الجهود بهذا الخصوص.

 

زيلينسكي كان يأمل مغادرة واشنطن بالتزامات حول الأسلحة الجديدة لأوكرانيا، لكنه وجد ترامب في حالة ذهنية مختلفة تماماً بعد يوم من إجراء مكالمة مطولة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

إذ قرر عدم تزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك»، ما يعني حصول تقدم في المحادثات مع روسيا. زيلينسكي، خرج خالي الوفاض من اجتماع في البيت الأبيض بعد أن أشار ترامب، إلى عدم استعداده لتزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك.

 

وصرح زيلينسكي بعد المحادثات الثنائية الودية أنه وترامب تحدثا عن الصواريخ بعيدة المدى، لكن ترامب قرر عدم الإدلاء بتصريحات حول هذه القضية «لأن الولايات المتحدة لا تريد تصعيداً».

 

اجتماع بودابست

وغني عن القول إن الاجتماع المرتقب بين بوتين وترامب في بودابست يمكن أن يثمر تطورات إيجابية، على صعيد الحرب في أوكرانيا، خصوصاً أن الاتصال بين الاثنين حصل قبل يوم واحد من لقاء زيلينسكي بترامب، وعليه يمكن أن تكون صواريخ «توماهوك» قوة سلام؛ بالحد من قدرة بوتين على الاستمرار في حربه في أوكرانيا.

وقال المستشار الرئيسي للقائد العسكري الأعلى لحلف شمال الأطلسي، مارتن أودونيل، عندما سئل عن صواريخ «توماهوك»: «أعتقد أن هناك عدداً من الأشياء في جميع أنحاء العالم التي من الممكن أن تجعل التحرك نحو السلام أكثر إمكانية، إذا كان هناك من يستطيع فعل ذلك، فهو الرئيس ترامب بكل تأكيد.

لقد شهدنا أخباراً تاريخية من الشرق الأوسط خلال أكتوبر 2025».

 

من جهته، أعلن رئيس بيلاروسيا استعداد بلاده للمشاركة بالمبادرات الأمريكية للتسوية في أوكرانيا، محذراً من أن تسليم كييف صواريخ «توماهوك» تصعيد خطير قد ينتهي بحرب نووية وزوال أوكرانيا كدولة.

وقال: «نحن نؤكد موقفنا الثابت: السلام والسلام فقط».

 

وأضاف: «إن تزويد أوكرانيا بصواريخ «توماهوك» الأمريكية لن يحل الأزمة، بل سيؤدي إلى تصعيد خطير قد ينتهي بحرب نووية».

 

وللعلم تعد صواريخ «توماهوك» عنصراً أساسياً في الترسانة الأمريكية، حيث يتراوح مداها التشغيلي بين 1600 و2500 كيلومتر، وتزن رؤوسها الحربية ما بين 400 و450 كيلوجراماً.

وعلى ما يبدو فإن ترامب يريد ضرب عصفورين بحجر من جهة استعمل الصواريخ كلغة تهديدية لإجبار بوتين على قبول المفاوضات، كما أنه ضمن عدم استعمال هذه الصواريخ إلا من أمريكا وعدم الدخول في الحرب ضد روسيا وضمان أيضاً عدم نقل واشنطن تقنيات التشغيل للقوات الأوكرانية خشية تسرب أسرار تكنولوجية حساسة.

 

علماً أن «توماهوك» يتطلب توافر معلومات استخباراتية عالية الدقة، وهو ما لا تستطيع توفيره سوى الولايات المتحدة.

 

كما أن إعداد برامج الطيران الخاصة بهذه الصواريخ مهمة لا يمكن تنفيذها إلا من قبل متخصصين أمريكيين.

 

عملية معقدة

وللعلم فإن هذه الصواريخ منظومة بحرية بالأساس تطلق من المدمرات والغواصات، ما يعني أن أوكرانيا ستحتاج إلى تهيئة منصات أرضية بديلة أو إشراف مباشر من قوات أمريكية. وهذا ما يجعل قرار التسليم معقداً من الناحية التقنية، فضلاً عن أنه قد يتطلب تعديلات على اتفاقات تصدير الأسلحة داخل الكونغرس.

مصلحة الولايات المتحدة في الدفع إلى سلام مستدام في أوكرانيا تتفوق بكثير على أي أخطار قد تكتنف إرسال تلك الصواريخ. حيث إن موسكو تمتلك منظومات دفاع جوي متطورة مثل «إس 400»، إضافة إلى أسلحة باليستية فرط صوتية، قادرة على التعامل مع صواريخ «توماهوك»، ما يجعل احتمالية تغيير ميزان القوى محدوداً.

حالياً، تعتمد أوكرانيا على صواريخ غربية مثل «ستورم شادو» التي يصل مداها إلى 250 كيلومتراً فقط، وكذلك على الطائرات المسيرة والصواريخ المشابهة المنتجة محلياً مثل «باليانيتسيا»، لكن حمولتها الحربية محدودة وتتراوح بين 50 و100 كيلوجرام.

زر الذهاب إلى الأعلى