بين النفي والتشكيك.. “تفجيرات ترامب النووية” تحدث ارتباكا في إدارته

كريترنيوز / القاهرة الإخبارية – سامح جريس
أدت تصريحات متناقضة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ووزير الطاقة كريس رايت، حول إجراء تفجيرات نووية، إلى حالة من الارتباك داخل الإدارة الأمريكية وخارجها، في موقف نادر يتعلق بأخطر أسلحة الدمار في العالم، بحسب ما كشفته صحيفة “نيويورك تايمز”.
أصر الرئيس ترامب، في مقابلة مع برنامج “60 دقيقة” على شبكة “سي بي إس”، على أن أمريكا ستستأنف التفجيرات النووية الفعلية.
وبرر ترامب قراره بمزاعم حول إجراء روسيا والصين وكوريا الشمالية تجارب سرية تحت الأرض، قائلًا: “إنهم يختبرون في أعماق سحيقة تحت الأرض.. تشعر بذبذبة بسيطة، لكنهم يختبرون ونحن لا نفعل.. علينا أن نختبر”.
وعندما سُئل صراحةً عما إذا كانت الولايات المتحدة ستبدأ تفجير أسلحة نووية بعد أكثر من ثلاثة عقود من التوقف، جاء رد ترامب حاسمًا: “أقول إننا سنختبر أسلحة نووية مثلما تفعل الدول الأخرى، نعم”.
وحين ذكّرته المذيعة بأن كوريا الشمالية هي الدولة الوحيدة التي اختبرت رؤوسًا نووية مؤخرًا، رفض ترامب هذا الطرح، وأكد أن الاختبارات الروسية والصينية تتم بسرية تامة.
كان ترامب قد أثار الجدل قبل المقابلة التلفزيونية، بإعلانه عبر منصة “تروث سوشال” أثناء رحلة دبلوماسية إلى آسيا، أنه أمر “وزارة الحرب” باستئناف التجارب، في منشور فاجأ مساعديه، وفق ما أفادت مصادر للصحيفة.
والملفت أن التوقيت جاء قبل دقائق من لقائه مع الرئيس الصيني شي جين بينج، كما تضمن المنشور خطأً فادحًا إذ إن وزارة الطاقة وليس البنتاجون هي المسؤولة عن الاختبارات النووية.
وزير الطاقة ينفي
في تناقض صارخ مع تصريحات الرئيس، نفى وزير الطاقة كريس رايت، المسؤول فعليًا عن تطوير وصيانة الترسانة النووية الأمريكية، أي نية لإجراء تفجيرات نووية حقيقية.
وقال رايت في مقابلة يوم الأحد على برنامج “الإحاطة الأسبوعية” بقناة “فوكس نيوز”: “ستكون هذه انفجارات غير نووية.. نحن فقط نطور أنظمة متطورة حتى تكون أسلحتنا النووية البديلة أفضل من سابقاتها”.
تشير الصحيفة إلى أن تصريحات رايت عن “الانفجارات غير النووية” و”الاختبارات غير الحرجة” بدت وكأنها محاولة لاحتواء التداعيات وتصحيح رسالة الرئيس، إذ أشارت إلى أن الاختبارات ستقتصر على فحص مكونات الأسلحة وأنظمتها دون إحداث تفاعلات نووية ذاتية، ما يعرف بالاختبارات “الحرجة”.
وامتنعت المتحدثة باسم البيت الأبيض يوم الاثنين عن الإجابة على أسئلة حول ما قاله ترامب بشأن التجارب السرية أو التناقض بينه وبين رايت، مكتفيةً بالإحالة إلى مقابلة الرئيس.
كما رفض بن ديتديريش، المتحدث باسم وزارة الطاقة، الإجابة على أسئلة محددة، مكتفيًا بالقول إن رايت “يتبع بفخر توجيهات الرئيس ترامب لتوسيع نطاق الاختبارات النووية”.
خلاف داخل الإدارة
أثارت تصريحات ترامب حيرة داخل إدارته نفسها، ففي يوم واحد فقط قبل حديث الرئيس عن التفجيرات السرية، أكد الأدميرال ريتشارد كوريل — مرشح ترامب لقيادة القيادة الاستراتيجية الأمريكية المسؤولة عن الأسلحة النووية البرية والبحرية والجوية — أمام الكونجرس أن “لا الصين ولا روسيا أجرت اختبارًا نوويًا”.
وأيد جون راتكليف، مدير وكالة الاستخبارات المركزية، موقف ترامب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى مقال نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” عام 2020 حول اختبارات صينية مشتبه بها، وتصريحات من مدير وكالة الاستخبارات الدفاعية عام 2019 أفادت بأن روسيا “ربما لا تلتزم بوقف التجارب النووية” وأن اختباراتها أحدثت “قوة نووية”.
خبراء يحذّرون
اعتبر ماثيو بان، أستاذ جامعة هارفارد المتخصص في الأسلحة النووية، الموقف “محبطًا عندما لا يبدو الرجل الذي إصبعه على الزر النووي متفقًا مع كبار المسؤولين الفيدراليين في الحديث علنًا عن الأسلحة النووية”.
وأضاف بان: “الجميع يشعر بالخوف عندما لا يبدو المسؤول عن الأسلحة النووية الأمريكية عارفًا بما يتحدث عنه”.
من جهته، حذر جون تيرني، المدير التنفيذي لمركز الحد من التسلح وعدم الانتشار النووي والعضو السابق في الكونجرس عن الحزب الديمقراطي، من أن الموقف بدا وكأن رايت “حاول تصحيح المسار وإنقاذ ماء وجه الرئيس في آن واحد”.
وتساءل تيرني: “لماذا نريد فتح صندوق باندورا لإعطاء الدول النووية الأخرى ذريعة لإجراء اختبارات؟”