الضفة.. آلاف الحواجز والبوابات حوّلتها إلى «أقفاص»
كريترنيوز/ متابعات /أمجد عرار/دبي
لم تمضِ ساعات على بدء تنفيذ اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس، وفي غمرة فرحة الفلسطينيين بالإفراج عن عدد من الأسيرات والأسرى الأطفال، حتى اتجهت الأنظار إلى الضفة الغربية في ظل دعوات إسرائيلية إلى ضرورة استهدافها بعمليات عسكرية كبيرة، وقد بدأت ترجمة هذا التوجه بهجوم على مدينة جنين ومخيمها، شمالي الضفة. وقال رئيس الأركان الإسرائيلي هيرتسي هاليفي إنه «بالإضافة إلى الاستعدادات الدفاعية المكثفة في غزة، علينا أن نستعد لعمليات كبيرة في الضفة الغربية في الأيام المقبلة»، بينما ذكرت قناة «24i»الإسرائيلية أن الجيش يستعد لتصعيد في الضفة ويعزز قواته.
وبالفعل هاجم الجيش الإسرائيلي، مدعوماً بطائرات هليكوبتر ومسيّرات، أمس، مدينة جنين.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن عشرة فلسطينيين على الأقل لقوا حتفهم، وأصيب نحو 40 برصاص القوات الإسرائيلية، فيما ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن 4 جنود إسرائيليين أصيبوا بجروح إثر تفجيرات عبوة ناسفة بآلية للجيش. ونقلت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) عن مدير مستشفى جنين الحكومي وسام بكر قوله إنه من بين المصابين أطباء أصيبوا أثناء تأديتهم لواجبهم في إسعاف المصابين. وأوضح بكر أنه تم نقل عدد من الإصابات الأخرى إلى مستشفيات المدينة، ولكنه لم يتأكد من العدد حتى الآن، لصعوبة الأحداث وتسارعها. وتحدثت مصادر عن إصابة 40 شخصاً بجروح متفاوتة.
وكانت مصادر محلية أفادت بأن «طائرات حربية إسرائيلية تشارك في العدوان على مدينة جنين ومخيمها، حيث اقتحمت بأعداد كبيرة من الآليات العسكرية من حاجز الجلمة العسكري، بعد اكتشاف قوات خاصة في حي الجابريات».
وتزامن الاقتحام مع قصف طائرات مسيرة إسرائيلية مركبة فارغة بالقرب من مدرسة الزهراء في محيط مخيم جنين، دون أن يبلغ عن إصابات، فيما أطلقت طائرات الأباتشي المروحية الرصاص بشكل عشوائي على مخيم جنين.
كما نشر الجيش الإسرائيلي القناصة في حي الهدف المواجه لمخيم جنين، وأطلقوا النار بشكل كثيف تجاه الفلسطينيين، فيما أفاد شهود عيان بوجود إصابات في حارة الدمج بالمخيم».
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو: «نتحرك بشكل منهجي وحازم ضد المحور الإيراني أينما مد ذراعيه، في غزة ولبنان وسوريا واليمن و(الضفة الغربية)».
وقال الجيش الإسرائيلي إن جنوداً وفرقاً من الشرطة وأجهزة المخابرات بدأت عملية في جنين، بعد أن نفذت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية عملية استمرت 48 يوماً لإعادة فرض السيطرة على مخيم اللاجئين المتاخم للمدينة.
ومع بدء العملية انسحبت قوات السلطة من المخيم، وسُمع دوي إطلاق نار كثيف. وقبل أيام، قال فلسطينيون في أنحاء الضفة، إنه تم إنشاء حواجز طرق متعددة في الأنحاء التي تشهد تصاعداً لهجمات الجيش والمستوطنين، منذ بدء الحرب في غزة.
وفجر أمس، نفذت مجموعات من المستوطنين هجمات على فلسطينيين تضمنت تدمير سيارات وإحراق ممتلكات بالقرب من قرية الفندق قرب قلقيلية وسط الضفة.
وطبقاً لوكالة وفا، فإن القوات الإسرائيلية تواصل نصب بوابات حديدية عند مداخل بلدات وقرى في الضفة، ضمن سياسة تشديد الحصار، وتقطيع أوصال الضفة وتحويلها إلى مناطق معزولة، وتقييد حركة الفلسطينيين، وفرض عقوبات جماعية عليهم، حيث منعت الفلسطينيين من السير على الطرق بين المدن وأبقتها حصراً على المستوطنين.
وحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، وصل عدد الحواجز العسكرية في محافظات الضفة إلى 898 حاجزاً عسكرياً وبوابة، منها أكثر من 173 بوابة حديدية جرت عملية وضعها على مداخل القرى والبلدات الفلسطينية بعد 7 أكتوبر 2023، منها 17 بوابة وضعت منذ بداية العام الجاري.
وكانت مظاهر الاحتفال بالإفراج عن 90 من الأسيرات الفلسطينيات والأسرى القصر أثارت حفيظة الإسرائيليين، وانتقد الكثيرون منهم الجيش الذي قال إنه تعهد بعدم السماح بخروج تظاهرات للتعبير عن الفرح، إلا أنهم فوجئوا بخروج مسيرات ومواكب احتفال بإطلاق سراح الأسرى «في كل قرية تقريباً».
هدنة غزة
في قطاع غزة، لا يزال اتفاق الهدنة بين إسرائيل وحركة حماس سارياً لليوم الثالث على التوالي، مع تأكيد مسؤول في «حماس» أن الحركة ستفرج السبت عن أربع إسرائيليات أخريات ضمن الدفعة الثانية من صفقة التبادل. وواصل آلاف النازحين منذ الأحد العودة إلى مناطقهم ومنازلهم وسط مشاهد الدمار الهائل، بعد أن حول القصف الإسرائيلي معظم المباني إلى ركام.
وإذا سارت الأمور وفقاً للاتفاق في المرحلتين الأوليين، فإن المرحلة الثالثة ستتناول إعادة الإعمار في غزة واستكمال عملية تبادل الأسرى. وفي ظل سيناريوهات عدة مفتوحة على كل الاحتمالات، تسود حالة من الترقب لما يحمله قادم الأيام من مستجدات.