عربية

3 مؤشرات تدعم تصحيح المسارين السياسي والأمني في سوريا

كريترنيوز /متابعات /عبدالله رجا

حظيت التفاهمات السياسية الأخيرة في سوريا، ولا سيما التوافق الأولي بين الرئاسة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إضافة إلى الانفتاح المتبادل مع القوى المحلية في محافظة السويداء جنوب البلاد، بترحيب عربي ودولي واسع.

وقد اعتُبرت هذه التطورات خطوة إيجابية في مسار استعادة التوازن السياسي، خصوصاً في ظل الانهيار الأمني الكارثي في الساحل السوري، والذي هزّ صورة الحكومة الانتقالية وأدخل البلاد مجدداً في دائرة الفوضى والدم.

وفي موازاة مجزرة الساحل التي ذهب ضحيتها المئات من المدنيين وقوات الأمن، شهدت سوريا ثلاثة تطورات لافتة، عربياً وإقليمياً ومحلياً، تشير جميعها إلى تحوّل في المزاج السياسي العام تجاه ضرورة تصحيح المسار الأمني والسياسي. ويُلاحظ أن هذه التطورات، وإن جاءت من مشارب مختلفة، إلا أنها تلتقي عند فكرة أساسية: لا استقرار من دون شراكة حقيقية وتمثيل متوازن لكل القوى الفاعلة على الأرض.

عملية سياسية

على المستوى العربي، بات واضحاً أن تجاوز سوريا لمحنتها الراهنة يتطلب عملية سياسية أكثر اتساعاً من التجارب السابقة، وأدّت إلى خلل في بنية مؤسسات المرحلة الانتقالية.

ويتوقع المراقبون أن يكتسب الدور العربي زخماً متجدداً، خاصة مع تصاعد القلق من انزلاق البلاد مجدداً إلى دوامة العنف، بعد المجازر الأخيرة في الساحل، التي كلفت الحكومة الانتقالية رصيداً سياسياً كبيراً.

وما يعمق الأزمة هو أن ملف الساحل لا يزال مفتوحاً، مع استمرار انتشار مقاطع مصورة توثق فظائع وجرائم مروعة، تضع الحكومة الانتقالية أمام اختبار مبكر لمصداقيتها، وتحت المجهر العربي.

وهذا ما يجعل من الرعاية العربية لمسار سوري جديد ضرورةً ملحة، ليس فقط لدعم الاستقرار، بل أيضاً لإعادة هيكلة العملية السياسية على أسس أكثر شمولاً وعدالة.

تخفيف التوترات

أما على المستوى الإقليمي، فقد شكّل موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي رحّب بالتوافق بين «قسد» والرئاسة السورية، دفعة سياسية للاتفاق.

ويفهم من هذا الموقف أن أنقرة باتت تنظر إلى استقرار المناطق الحدودية، لا سيما الساحل السوري والمناطق الشمالية، كقضية أمن قومي تتقاطع مع استقرارها الداخلي، وقد يدفع هذا التوجه التركي الجديد نحو تخفيف التوترات القائمة، وفتح الباب أمام تفاهمات أوسع، إذا ما ضُمنت في إطار إقليمي متماسك.

تحول نوعي

محلياً، أعادت التطورات الأخيرة طرح فكرة منح «قوات سوريا الديمقراطية» دوراً جديداً يتمثل في إدارة مناطق التوتر كقوة محلية للسلام، وبخاصة في الساحل السوري.

وإذا ما تم ذلك ضمن توافق وطني، وبإشراف سياسي واضح وضمانات تمنع تسييس المهمة أو انحرافها عن هدفها، فإن هذا الدور قد يمثل تحوّلاً نوعياً في آليات إدارة الدولة لملف الأمن والاستقرار.

هذا التصور، في حال تطبيقه، قد يُعيد رسم المشهد الأمني في سوريا، ويمنح الحكومة الانتقالية فرصة لاستعادة زمام المبادرة، بعد أن بات واضحاً أن استمرار الاعتماد على بعض التشكيلات المسلحة يهدد صورة الدولة ويدفع نحو مزيد من الفوضى.

ومن المؤكد أن الدور الذي يمكن أن تلعبه «قسد» في هذا السياق لن يكون مجرد مهمة أمنية، بل خطوة نحو بناء تفاهم سياسي أوسع، يعيد دمج الأطراف المهمشة في المعادلة الوطنية.

إن تقاطع هذه المسارات الثلاثة – العربي والإقليمي والمحلي – وتلاقيها مع دعم دولي حذر، لكنه متزايد لمسار الاستقرار، يشكل لحظة اختبار حقيقية لمفاهيم الشرعية، والمساءلة، وإعادة تعريف أدوار الفاعلين في سوريا ما بعد الحرب. ولعل نجاح هذه اللحظة مرهون بقدرة السوريين على التحرر من إرث الصراع والانقسام.

زر الذهاب إلى الأعلى