عربية

سوريا.. إعلان دستوري يملأ الفراغ دون سد الثغرات

كريترنيوز/ متابعات /عبدالله رجا/دمشق

طوت سوريا مرحلة الفراغ التشريعي، وذلك بإعلان دستوري مؤقت من المقرر أن ينظم العلاقة بين السلطة والمجتمع لمدة خمس سنوات، وهي خطوة كانت منتظرة منذ سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي. وتأتي هذه الخطوة في وقت حرج.

 

حيث تتزامن مع الاضطرابات الأمنية في منطقة الساحل السوري ومقتل المئات من المدنيين وعناصر الأمن العام. كما جاءت بعد يومين من توقيع الرئيس السوري أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي اتفاقاً تاريخياً لدمج مؤسسات شمال شرق سوريا في الدولة السورية.

 

حيوية

 

وأعاد الإعلان الدستوري الحيوية إلى الشارع السوري الذي لم يناقش طيلة خمسة عقود أي قضية دستورية ولم يبد رأيه في أي تغيير تشريعي سوى شكلي في عهد الأسدين الأب والابن.

 

رغم ذلك، هناك العديد من النقاط التي أثارت الجدل، وأحياناً انقساماً في الشارع السوري والقوى السياسية بين مؤيد ومعارض. وفق قانونيين سوريين، تضمنت البنود إيجابيات يجب استثمارها، وسلبيات يجب محاولة تغييرها وتعديلها.

 

وحسب الإحاطة التي قدمتها لجنة صياغة الإعلان الدستوري، فإن الرئيس سيعين ثلث مجلس الشعب، ولكن الباقي منتخب «بما يتناسب مع طبيعة المرحلة الانتقالية وعدم توفر البيئة الآمنة والمحايدة لإجراء انتخابات على كامل الدولة السورية».

 

وهذا تطور إيجابي عن التعيين الكامل للمجلس في المسودة السابقة، ولكن تقييد الانتخاب بما يتناسب مع طبيعة المرحلة ترك طبيعته ونطاقه مبهماً وغير محدد. ولعل اسم الدولة هو التحدي الأكبر أمام تعويم هذا الإعلان الدستوري.

 

فقد نص على أن اسم الدولة «الجمهورية العربية السورية»، وهو يبدو أمراً فاجأ الأكراد الذين وقعوا مع الرئيس أحمد الشرع وثيقة لدمج مؤسسات الإدارة الذاتية الكردية وقواتها مع الدولة قبل يومين فقط من صدور الإعلان الدستوري.

 

وبدا للأكراد أن هذا الإعلان ينسف تفاهم «الشرع – عبدي» حيث لم ينص الدستور المؤقت على نص صريح للاعتراف بالكرد كمكون سوري أصيل، على عكس ما ورد في الاتفاق بين «قسد» ودمشق. لذلك رفضت الإدارة الذاتية الإعلان ودعت إلى احتجاجات سلمية.

 

استيعاب

 

رغم ذلك، ذكر خبراء قانونيون أن هناك نصوصاً غير مباشرة يمكن البناء عليها كمدخل لاستيعاب الكرد سياسياً وثقافياً، هناك نص تضمنته المادة 7 فقرة 3 التي تحدثت عن حماية التنوع الثقافي واللغوي في سوريا.

 

والمادة 10 التي تمنع التمييز على أساس عرقي أو ديني أو بسبب الجنس. من ناحية أخرى، غابت كلمة الديمقراطية في نص الإعلان الدستوري بشكل تام، كما غاب مصطلح «السيادة الشعبية». ولم يتحدث عن أحزاب أو تنظيم للحياة السياسية.

 

من جهة أخرى، أثارت المادة 23 قلقاً على الحريات في المستقبل، نظراً لإمكانية التأويل السياسي، وهو إخضاع الحريات لقيود لأسباب تتعلق بالسلامة العامة أو النظام العام أو منع الجريمة أو حماية الصحة والآداب العامة.

 

وهذه عبارات عامة ذات صياغة غير محددة، وغير متفق على تعريفها في الفقه والاجتهاد القضائي بطريقة منضبطة، ويفترض بالنصوص الدستورية أن تكون أكثر انضباطاً وتحديداً لأنها هي القانون الأسمى في البلاد. بعض المنتقدين أثاروا مسألة صلاحيات الرئيس خلال المرحلة الانتقالية.

 

فالرئيس يقترح القوانين، ويقدمها لمجلس الشعب، ويقرها أو يرفضها، ويضع لوائحها التنفيذية. والرئيس يعين مجلس الشعب، إما بشكل مباشر (الثلث) أو بشكل غير مباشر عبر لجنة يعينها أو ظروف مناسبة للانتخاب وبشكل مبهم. الرئيس يعين المحكمة الدستورية وأعضاءها، لذلك فإن الرئيس في المرحلة الانتقالية غير مقيد الصلاحيات.

زر الذهاب إلى الأعلى