عربية

أطفال غزة.. وجبات الطعام على موائد «في الأحلام»

كريترنيوز /متابعات /محمد الرنتيسي/رام الله

 

تنتاب عمر آل عليان نوبات حزن وألم وهو يراقب أطفاله خلال لعبهم في فناء خيمته، وقد أعدوا ما يحاكي سفرة طعام نسجوها من أحلامهم، وصنعوها من قوالب طين ورمال.. هذا خبز، وذاك دجاج محمّر، وثمة فواكه وحلويات لما بعد الغداء!

 

مجرد استجابة خيالية بديلة لواقع مرير يعيشه أطفال غزة، بعد أكثر من سنة ونصف السنة على حرب أتت على كل أحلامهم وغيّرت تفاصيل حياتهم وحرمتهم الطعام والشراب، لدرجة أنهم باتوا يشبعون رغباتهم ودوافعهم بالتخيّل.

يقول آل عليان لـ«البيان»: «ينام أطفالي الثلاثة على جوعهم، ويومياً يطلبون مني أصناف الطعام التي يحبونها، وكانوا يواظبون على تناولها قبل الحرب. قبل يومين نام أصغرهم أحمد وهو يذرف الدموع، بعد أن طلب طبقاً من البيض، ولم نستطع تلبية طلبه».

 

يتابع: «الأصناف التي يتناولها أطفالي اليوم هي ذاتها منذ بداية الحرب، ولا تخرج عن العدس والمعكرونة والمعلبات. لقد نسوا طعم اللحم والدجاج، وشكل الخضار والفواكه، وبالتالي لا غرابة في أن يستحضروا الطعام الذي يشتهونه في لحظات لهوهم التي بالكاد يسرقونها من جحيم الغارات».

 

وزاد من قهره وعجزه ما أخبرته به طفلته «سارة» بأنها رأت في منامها أنها أمام سفرة كبيرة، فيها ما لذ وطاب من الطعام، وبينما كانت تهم للأكل، تعرضت المنطقة للقصف، وتناثر الطعام بعيداً.

 

وعادة ما يشرح آل عليان لأطفاله الأوضاع التي تعيشها غزة بفعل ظروف الحرب والحصار، لكن من دون جدوى، فرغبة صغاره في تناول أكلاتهم المفضلة تغالبهم، ويعبّرون عن ذلك بكثير من الحزن، وأحياناً البكاء، مشيراً إلى ما يظهر على وجوههم وأجسادهم الغضة من آثار الجوع.

 

العدس فحسب

 

على مقربة كانت زوجته تحاول إشعال النار من بقايا حطب وأثاث متهالك، لإعداد وجبة من حساء العدس، وحولها أطفالها ينتظرون للحصول على ما يسد الرمق، بعد أن أغلقت غالبية التكايا أبوابها، بينما نفدت السلع الغذائية الأساسية من الأسواق.

 

«هذه المرة الرابعة خلال الأسبوع، لا نجد عندنا غير العدس، وبتنا نعتمد على وجبة واحدة في اليوم، فالأسواق خالية، والجيوب خاوية، وكل وجبة نتناولها ربما تقصّر من أعمارنا وبقائنا على قيد الحياة»، قالت أمل آل عليان والحيرة تخيم على وجهها أمام تزايد طلبات أطفالها.

 

وأضافت: «هذا المشهد لم يعد استثناء، بل هو القاعدة ليومياتنا مع الجوع والحصار، نحن الكبار نصبر ونتحمل الجوع، لكن ما بال هؤلاء الأطفال، الذين ذابت أجسادهم، وحتى التقشف الإجباري الذي نمارسه معهم لم يعد يلبي الحد الأدنى من احتياجهم اليومي».

 

واستذكرت: «كنا نملك محلاً لبيع الملابس وسط مخيم جباليا، ولم نكن نحرم أطفالنا من شيء، الحرب دمرت المحل والمنزل، ولم يبقَ لنا شيء، واليوم بتنا نصارع من أجل البقاء على قيد الحياة، ونعيش على المساعدات الإنسانية، إن توفرت».

زر الذهاب إلى الأعلى