عربية

طفولة على حافة الهاوية.. غزة تختنق جوعاً تحت الحصار

كريترنيوز/متابعات/عزيزة ظاهر/رام الله

في مشافي غزة المنكوبة، تغفو الطفولة جائعة على أسرة من الألم، بأجساد هزيلة، ينهشها الجوع ببطءٍ قاتل. ومع كل دقيقة تمر، يسقط طفل آخر ضحية سياسة التجويع التي تحاصر غزة منذ شهور.

منذ بدء الحرب، دخلت سياسة «التجويع المتعمد» حيّز التنفيذ، لتتحول إلى أداة عقاب جماعي تستهدف كل من في القطاع. أُغلقت المعابر ونضبت المواد الغذائية من الأسواق، ولم تعد الأمهات قادرات على تأمين الحليب لأطفالهن، ولا الدواء لأبنائهن المرضى.

تقول أم أنس الشوا لـ«البيان»، وهي أم لثلاثة أطفال، إنهم يعيشون على وجبة واحدة فقط في اليوم، غالباً ما تكون خبزاً وماء، تضيف: «أطفالي يستيقظون من النوم وهم يبكون جوعاً، لا أعرف ماذا أفعل، فكل شيء مفقود».

في ظل انهيار البنية التحتية، باتت المياه النظيفة عملة نادرة، ما فاقم أزمة الجوع، فالأم التي تجد قطعة خبز لا تجد ما تُذيب به مسحوق الحليب، وحتى إن وجدت، فقد لا يكون آمناً. تقول سهاد، وهي نازحة من بيت لاهيا إن طفلها الرضيع يعاني من الإسهال المستمر بسبب الماء الملوث وانعدام التغذية السليمة.

وتضيف: «لم أعد أحلم سوى بأن أشرب كوب ماء نظيف وأطعم أطفالي وجبة مشبعة، لم أعد أطلب شيئاً من الدنيا أكثر من ذلك».

وتُحذر المؤسسات الإغاثية والطبية من أن قطاع غزة بات على أعتاب مجاعة حقيقية، خصوصاً في المناطق الشمالية والوسطى التي تعاني حصاراً خانقاً، وقد سجلت المستشفيات ارتفاعاً في حالات سوء التغذية الحاد، خاصة بين الأطفال دون سن الخامسة.

تقول الدكتورة «رنا جبر»، وهي أخصائية تغذية تعمل في مستشفى الشفاء، إن عشرات الحالات تصل يومياً لأطفال يعانون من ضمور في العضلات ونقص حاد في الوزن، «بعضهم لا يقوى على البكاء، أجسادهم ذابلة كأنها لم تتذوق الطعام منذ أسابيع».

سلاح التجويع

منظمات حقوق الإنسان وثّقت استخدام إسرائيل للتجويع كسلاح في الحرب، معتبرة أن ذلك يشكّل جريمة حرب بحسب القانون الدولي، ومع ذلك، يظل المجتمع الدولي متردداً في اتخاذ خطوة جادة لإنهاء الحصار أو تأمين ممرات آمنة للمساعدات.

«حين يُستخدم الطعام كوسيلة للقتل البطيء، يصبح الصمت الدولي شريكاً في الجريمة»، تقول إحدى الناشطات في مؤسسة «أطباء من أجل غزة»، مضيفة أن الضغط السياسي لم يعد كافياً، بل المطلوب تحرك فوري لإنقاذ الأرواح.

أطفال غزة الذين يقفون اليوم على حافة الموت، أسماؤهم مجهولة، ولكن أوجاعهم صارت عنواناً لمعاناة جماعية يعيشها أكثر من مليوني إنسان محاصر، وبينما يواصل الحصار خنق القطاع، لا تزال غزة تقاوم بأمعاء خاوية، وبإرادة شعب لا يعرف الاستسلام.

زر الذهاب إلى الأعلى