عربية

بمستشفى في غزة.. أطفال لا يقدرون حتى على البكاء

كريترنيوز /متابعات /رويترز/خان يونس

على الجدران المطلية باللون الوردي في جناح علاج سوء التغذية لدى الأطفال بمستشفى ناصر في قطاع غزة، رسومات كرتونية لأطفال يركضون ويبتسمون ويلعبون بالورود والبالونات.
وتحت الصور مجموعة من الأمهات يرقبن أطفالهن الرضع الذين يرقدون من دون حركة أو صوت، معظمهم منهكون بسبب الجوع الشديد، لدرجة أنهم لا يقدرون حتى على البكاء. وقال الأطباء إن هذا الصمت شائع في الأماكن التي تعالج من يعانون من سوء التغذية الحاد، وهو علامة على توقف الأجساد عن العمل.
لم تتمكن زينة رضوان من العثور على الحليب أو الطعام الكافي لطفلتها ماريا صهيب رضوان، البالغة عشرة أشهر، ولا تستطيع أن ترضع ابنتها، لأنها أيضاً تعاني من نقص التغذية وتعيش على وجبة واحدة يومياً.
على مدى الأسبوع المنصرم، أمضى صحفيو «رويترز» خمسة أيام في مجمع ناصر الطبي، وهو واحد من أربعة مراكز فقط متبقية في غزة قادرة على علاج الأطفال الذين يعانون من الجوع بدرجة خطيرة. وخلال فترة وجود «رويترز» هناك، جرى إدخال 53 حالة لأطفال يعانون من سوء التغذية الحاد، بحسب رئيس القسم.

وقال الدكتور أحمد الفرا، رئيس قسم طب الأطفال والولادة في المجمع: إن المستشفى يتعامل الآن مع أطفال مصابين بسوء التغذية لم تكن لديهم مشاكل صحية سابقة، مثل الطفلة وتين أبو أمونة التي ولدت بصحة جيدة منذ ثلاثة أشهر تقريباً، وتزن الآن 100 غرام، أقل عن وزنها عند الولادة.
وتابع: «هناك فقدان تام للعضلات. فقط الجلد فوق العظام، وهذا دليل على أن الطفلة دخلت في مرحلة من سوء التغذية الشديد».
وتشير ياسمين أبو سلطان، والدة الطفلة، إلى أطراف ابنتها التي يساوي عرض ذراعيها عرض إبهام والدتها.
وقالت ياسمين مشيرة إلى ابنتها، هل ترون؟ هاتان هما ساقاها، انظروا إلى ذراعيها. وقال ماركو كيراك، الأستاذ المشارك في كلية لندن للصحة وطب المناطق الاستوائية:
«الأطفال الذين يعانون من أمراض سابقة هم أكثر عرضة للخطر، فهم يتأثرون في وقت أبكر». وساعد كيراك في وضع المبادئ التوجيهية العلاجية لمنظمة الصحة العالمية لسوء التغذية الشديد.

وذكرت مارينا أدريانوبولي، رئيسة فريق منظمة الصحة العالمية للتغذية المعني بالاستجابة في غزة: «جميع الإمدادات الرئيسية لعلاج سوء التغذية الحاد الوخيم، بما في ذلك المضاعفات الطبية، تنفد بالفعل. الوضع حرج حقاً». وأضافت أن مراكز العلاج تعمل أيضاً فوق طاقتها الاستيعابية.

وفي الأسبوعين الأولين من يوليو، تلقى أكثر من خمسة آلاف طفل دون سن الخامسة العلاج في العيادات الخارجية لسوء التغذية، وكان 18 بالمئة منهم يعانون من سوء التغذية بأشد صورها.
وقالت منظمة الصحة العالمية إن هذا الرقم يمثل ارتفاعاً مقارنة مع 6500 طفل في يونيو بأكمله. ويعد هذا بالفعل أعلى رقم في الحرب، ومن شبه المؤكد أنه أقل من الواقع.
وغادر أطفال قابلتهم «رويترز»، مثل ماريا (10 أشهر)، المستشفى مطلع الأسبوع بعد أن اكتسبوا وزناً، وتم إعطاؤهم حليباً صناعياً ليأخذوه معهم إلى المنزل، لكن آخرين، مثل زينب أبو حليب (خمسة أشهر)، لم يكتب لهم النجاة.
أصيب جسد الطفلة بالضعف، لدرجة أنه لم يعد قادراً على مقاومة العدوى بسبب سوء التغذية الحاد، وقد توفيت يوم السبت بتسمم الدم، وغادر والداها المستشفى يحملان جثمانها الصغير ملفوفاً بالكفن الأبيض.

زر الذهاب إلى الأعلى