هدنة القطاع.. بريق عابر أم انطفاء مؤقت؟

كريترنيوز/متابعات /محمد الرنتيسي/رام الله
قبل 5 أشهر، استأنفت إسرائيل حربها على غزة، بعد هدنة لم تصمد لأكثر من شهرين، حينها ظهرت عوامل عدة، أفشلت اتفاق وقف إطلاق النار، فحركة حماس لم تتماشَ مع جملة المطالب الإسرائيلية، وفي الوقت ذاته، لم يكن بإمكانها أن توصد أبواب المفاوضات لحل نهائي، بينما أرادت إسرائيل ألا تظهر بمظهر الطرف الرافض للتهدئة، فقبلت بالهدنة، لكن سرعان ما عادت تفاوض بلغة النار.
ذلك البريق الذي أصاب الهدنة، وتركز في يناير وفبراير، سرعان ما خبا، وفرض طبيعة المواقف الإسرائيلية، سواء لجهة استئناف الغارات الجوية، أو إعادة اجتياح مناطق بقطاع غزة، فردّت إسرائيل بتلك الحالة من اللامبالاة، كما وصفها مراقبون، تجاه ما يطرح من مبادرات دبلوماسية، فكان الرفض والتجاهل لكل الحلول السياسية، بانتظار يأس حركة حماس واستسلامها، وتسليم سلاحها والرهائن الإسرائيليين.
لم يكن العرض الإسرائيلي سخياً أو مغرياً، بل كان أشبه بالفخ السياسي، على حد وصف مراقبين، وإن كان هناك من يقول إن في تلك التهدئة اليتيمة حتى الآن، بعض النقاط الإيجابية، والممكن التفاوض بشأنها لتطويرها، بعد تحويرها، وفق ما تراه الأطراف الراعية مناسباً، لكن تصدعات داخلية أصابت الحكومة الإسرائيلية، دفعت إلى العدول عن التهدئة والجنوح للحرب.
يقول أستاذ العلوم السياسية، عبد المجيد سويلم: إن بنيامين نتنياهو لم يكن بإمكانه التخلي عن الحرب، لأنه سيسقط من دونها، ويخسر سباق الصراع السياسي داخل ائتلافه، فذهب باتجاه إخضاع حماس بالقوة، وما شجعه أكثر على ذلك، قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خوض المعركة معه.
وكان لافتاً أن الرفض الإسرائيلي لأي من بنود التهدئة، ينسفها عملياً، بينما السياج الذي وضع فيه الرفض الإسرائيلي، كان أكبر من الاحتواء، فانقلبت إسرائيل على الهدنة، وهكذا تبخرت الآمال بتسوية سياسية شاملة.
وقبل أن يغلق الشهر الخامس لاستئناف الحرب أبوابه، فتحت القاهرة أبواب الحوار مجدداً، وتلتها الدوحة بمغازلة سياسية جديدة، لكن هذه المرة على وقع غارات تشتعل في قطاع غزة، ومازالت تحصد الأرواح وتسيل الدماء.
وهنالك نغمة بدت إيجابية في القاهرة، لكن في الدوحة، مازال كل طرف يفاوض بناء على صورة الطرف الآخر، والتحفظ على المواقف يتسيد الموقف، بانتظار مقترحات جديدة للحل، وعليه، ثمة بصيص من الأمل، من خلال دمج الحلول الجزئية مع الصفقة الشاملة، لكن ما يثير المخاوف، هو تعمق الانقسام الإسرائيلي بشأن الحرب، إذ عاد سموترتش لعادته القديمة، مهدداً بحل الحكومة الإسرائيلية، في حال عدم تنفيذ الاجتياح الشامل لقطاع غزة، بينما أخذ الجيش الإسرائيلي يسرب المزيد من المواقف حول عدم جدوى الحرب.
سباق محموم
وبرأي الكاتب والمحلل السياسي، محمـد دراغمة، فهناك سباق محموم من قبل الوسطاء، في محاولة لتقديم اقتراحات مقبولة للطرفين، سواء بحل جزئي بهدنة مؤقتة لـ 60 يوماً، يجري خلالها التفاوض لإنهاء الحرب، أو بصفقة شاملة تنهي الحرب مرة واحدة، وإلى الأبد، وتسحب الجيش الإسرائيلي خارج غزة، مقابل الاستجابة لشروطه المعروفة، بإطلاق سراح الرهائن، وتجريد غزة من السلاح، لكن يجري هذا وسط انقسام حاد حول وقف الحرب داخل إسرائيل، وفق قوله.
وبينما العملية السياسية تدور رحاها في مصر وقطر، تستمر الحرب على أرض غزة، بل إنها تأخذ أبعاداً أشد قسوة، قتلاً وتجويعاً بحق المدنيين العزل، ما يلخص رؤيتين متباعدتين، بين بريق الهدنة، وانطفاء الآمال بالحل، الذي لا يُعرف بعد على أي شروط سيقام.