لبنان على خرائط النار حتى إشعار

كريترنيوز /متابعات /البيان/وفاء عواد/بيروت
مرة جديدة، بدا لبنان خلال الساعات الماضية تحت ضغط إسرائيل والناطق باسم جيشها أفيخاي أدرعي، والذي اتخذ من القرى الحدودية وأبعد من الحدود مسرحاً لإنذارات بالإخلاء، بذريعة مهاجمة بنى تحتية لحزب الله.
وعلى أبواب المدارس، افتتح الطيران الحربي الإسرائيلي، العام الدراسي، بغارات على محيط المدارس في قرى ميس الجبل وكفرتبنيت ودبين، واستهدف منازل.
هذه كانت الأهداف التي حددها الجيش الإسرائيلي، على الخرائط، ودفع بالسكان إلى النزوح والابتعاد عن مرمى الصواريخ، تحت رقابة مشددة من الطيران المسير. ولم يكد ينفذ الدفعة الأولى من الاعتداءات حتى أطلق إنذاراً ثانياً، استهدف بعده قريتي الشهابية وبرج قلاويه الجنوبيتين.
وتجدر الإشارة إلى أن العودة المفاجئة للجيش الإسرائيلي إلى استباق غاراته على الجنوب اللبناني بتوجيه إنذارات وتحديد المناطق المستهدفة، بعد طول انقطاع عن توجيه الإنذارات جنوباً، بدت بمثابة رسالة تصعيدية جديدة قبيل الاستعدادات التي يجريها حزب الله لإحياء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال أمينيه العامين حسن نصرالله، وهاشم صفي الدين.
كما تجدر الإشارة إلى أن هذا التطور جاء عشية وصول الموفدة الأمريكية، مورغان أورتاغوس، إلى لبنان غداً، في إطار مهمتها المحصورة بالجانب الحدودي واجتماع لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية بين لبنان وإسرائيل، ومتابعة مراحل الخطة التي ينفذها الجيش اللبناني لاستكمال حصرية السلاح بيده في جنوب الليطاني، وذلك وسط معلومات تتردد، ومفادها أن واشنطن لا تريد تسليم سلاح حزب الله فحسب، وإنما أن تكون الشاهد على إتلافه للتثبت من نهايته.
ومن بوابة ما كان عليه المشهد، أول من أمس، عاد الوضع جنوباً إلى صدارة الاهتمام مجدداً، وخصوصاً أن السيناريو الأسود الذي عاشه لبنان في الحرب الأخيرة أعادت إسرائيل إحياءه. أما سبب التصعيد، حسب إسرائيل، فهو منع حزب الله من إعادة تفعيل أنشطته في المنطقة.
وهو اتهام خطير، وفق تعبير مصدر أمني بارز لـ«البيان»، لأن 4 بلدات من البلدات الخمس تقع جنوب الليطاني، وبالتالي، ما سبب هذا التصعيد، هل هو للضغط على المسؤولين للتعجيل في تنفيذ قرار حصر السلاح، أم أنه مقدمة لعملية إعادة تموضع سياسية؟
تمادٍ ورفض
وفي معرض الإجابة عن هذا السؤال، فإن ثمة إجماعاً على أن إسرائيل تتمادى في خروقاتها وتتمسك باحتلالها، وترفض مبادلة قرار الحكومة اللبنانية بحصرية السلاح، ولو بخطوة واحدة، على رغم مساعي الموفدين ووعودهم، تماماً كما لم تلتزم بمهلتي الانسحاب من لبنان، الأصلية والممددة، بموجب اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي تم التوصل إليه في 27 نوفمبر الماضي.
أما مندرجات حصر السلاح بموجب القرار المذكور، فدونها عقبات، أولها استمرار الاحتلال والخروقات، وثانيها الخلاف الداخلي الكبير حول مستقبل السلاح، بين قائل بإبقائه إلى الأبد، ومشدد على نزعه اليوم قبل الغد، ومطالب بتسليمه انطلاقاً من تفاهم لبناني – لبناني يحصل الحقوق ولا يتسبب بنزاع أهلي.
استمرار غارات
وما بين المشهدين، فإن ثمة كلاماً عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، لن يوقف آلة التدمير والقتل حتى إشعار آخر، وبالتالي فإن الغارات مستمرة إلى أجل غير مسمى. وذلك، بالاستناد إلى الوقائع الميدانية، التي تؤكد على مدار الساعة أن إسرائيل ماضية في عدوانها، غير آبهة لا بعدد الضحايا أو حجم الدمار.
ولا بالمواقف الإقليمية المنددة، أو المناشدات الدولية المتكررة، في حين أدرجت مصادر مطلعة لـ«البيان»، غارات أول من أمس، في سياق الضغط على الجيش اللبناني لتنفيذ خطة سحب السلاح بالقوة. علماً أن رد الجيش على الغارات قال بوضوح إن ما تقوم به إسرائيل يعرقل عمله لأجل إنجاز مهمة حصر السلاح في منطقة جنوب نهر الليطاني.
خرائط نار
وهكذا، لا تزال إسرائيل تضع دولة لبنان على خرائط النار، وتختار منها ما يناسب المجزرة وتوسيع رقعة الدم وضرب المدن وتهجير سكانها جمعاً كزلزال نزوح. أما أكثر الأسئلة تداولاً في هذه الفترة، فهو: متى يتوقف العدوان الإسرائيلي وإنذاراته، وكيف؟
يواكبه سؤال آخر: إلى أين يريد نتانياهو أن يصل في لبنان؟.. ويوازي ذلك حبس للأنفاس ممتد على مساحة لبنان، وخصوصاً أن أحداً لا يستطيع أن يقدر ما يخبئه العقل الحربي الإسرائيلي للبنان.