حرب السياسة هل تضع الأوزار؟

كريترنيوز/ متابعات /البيان /محمد الرنتيسي
بينما كانت غزة اليوم التالي منهمكة في لملمة جراحها، بعد الحرب الأكثر توحشاً في تاريخها، فإن ثمة تطاحناً سياسياً على الأبواب، سلاحه آلية تنفيذ وقف الحرب.
إسرائيل تصر على وضع يدها العليا على ملف الأسرى الفلسطينيين الذين سيطلق سراحهم بموجب صفقة التبادل، الأمر الذي يستنبط منه مراقبون سجالات سياسية قد تنشب في خضم تنفيذ بنود الصفقة، ودخاناً أبيض قد يلف الاتفاق.
ووفق مراقبين، لا يزال الفلسطينيون في بداية الطريق لنهاية الحرب، وما جرى حتى الآن ما هو إلا تنفيذ للمرحلة الأولى من الخطة الأمريكية، التي توقفت الحرب بموجبها، وثمة عثرات وعقبات قد تظهر خلال مفاوضات المرحلة الثانية، بينما وقف إطلاق النار سيتواصل، طالما واصل الجانبان، حماس وإسرائيل، التزامهما بخطة الرئيس ترامب.
ويرى المحلل السياسي محمـد دراغمة أن طريق تنفيذ الاتفاق دونه عقبات كثيرة، وحتى يستمر وقف إطلاق النار، يتعين على حركة حماس تجرع المزيد من الكؤوس المرة، لا سيما في ملفات نزع السلاح، وحكم غزة، وإبعاد عدد من قادتها إلى الخارج، لتجنب عودة الحرب.
ويضيف دراغمة: حركة حماس ستكون مستعدة لإبداء مرونة كبيرة في كل الملفات مقابل هدفين اثنين: وقف الحرب بشكل كامل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة، وفي المقابل، ستكون إسرائيل صاحبة القوة العسكرية الفائضة، فهي تمتلك الكثير من الأوراق، وأهمها استئناف القصف، وإغلاق المعابر، ومنع إعادة إعمار غزة، وستكون أمريكا إلى جانبها.
وتابع: في حين حركة حماس، لن يكون أمامها سوى الذهاب إلى تطبيق الخطة الأمريكية، كممر إجباري لإنهاء الحرب، منوهاً إلى أن الخطة الأمريكية تحتوي على الكثير من الخطوات القاسية بالنسبة إلى الحركة، كالوصاية الدولية، ونزع السلاح، وإبعاد القادة، لكن من المؤكد أن هذه القضايا ليست أقسى من استمرار الحرب، على حد قوله.
دوافع رفض
وقد تطفو قضية أخرى على سطح الاتفاق، تتمثل في رفض إسرائيل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين، مثل مروان البرغوثي، وعباس السيد، وإبراهيم حامد، وعبدالله البرغوثي، وأحمد سعدات، لكن هناك تدخلاً لدى الجانب الأمريكي، من دول وزانة، مثل تركيا ومصر وقطر، للضغط على إسرائيل وإطلاق سراحهم.
ويعود السبب الحقيقي وراء رفض إسرائيل إطلاق سراح الأسير مروان البرغوثي إلى ما يشكله من خطر سياسي وليس أمنياً، أي بمعنى مدى تأثيره في لملمة صفوف الفلسطينيين، واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، في الطريق نحو الدولة الفلسطينية، الأمر الذي تحاربه إسرائيل، وتعمل على منعه.
مرونة
ويستبعد مراقبون أن تُفشل حركة حماس الاتفاق، بسبب قضية الأسرى، إذ تبدي مرونة غير مسبوقة في هذا الإطار، خصوصاً وأن الخلاف الدائر هو فقط على الأسماء، فحركة حماس تقول إن الأولوية للأقدمية والأسرى المرضى وكبار السن، بينما تتحفظ إسرائيل على بعض الأسرى، بالنظر لرمزيتهم في الشارع الفلسطيني. وما بين سجال الجانبين، هنالك وساطة عربية ودولية، من المؤكد أن تلقي بثقلها، لضمان نجاح الاتفاق.
ما يشهده العالم في غزة اليوم، ليس سوى النقطة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، وستستمر المفاوضات حتى النقطة الـ 20، وستفتح المعابر الخمسة في قطاع غزة لإدخال المواد الغذائية، وسيخرج الجرحى والمرضى للعلاج، لكن يبقى السؤال: الحرب المسلحة وضعت أوزارها، فماذا عن «السياسية»؟.