غزة تلتقط الأنفاس وتترقب إعادة البناء

كريترنيوز/ متابعات /وكالات
يتهيأ قطاع غزة لدخول عصر جديد، ترفرف فيه حمائم السلام، بعد عامين أجدبين، موتاً وجوعاً ونزوحاً، أوردا سكانه المهالك، إذ يلتئم شمل العالم، قادته وفاعلوه في شرم الشيخ المصرية، للتوقيع غداً الاثنين على اتفاق وقف إنهاء الحرب، وعودة الرهائن، ورسم مسارات المستقبل، وفيما بدأت قوات أمريكية الوصول إلى إسرائيل، لإنشاء مركز تنسيق يشرف على تنفيذ وقف إطلاق النار، شددت حركة حماس على أن نزع سلاحها أمر غير وارد وخارج النقاش.
وشدد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، على أهمية اتفاق شرم الشيخ في وقف حرب غزة، وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية، والشروع في عملية إعادة إعمار القطاع.
وأكد السيسي خلال اتصال هاتفي من الرئيس القبرصي، نيكوس كريستودوليدس، ضرورة التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق، مشيراً إلى أن مصر بذلت جهوداً متواصلة على مدار العامين الماضيين، بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة، من أجل إنهاء الحرب، ورفع المعاناة الإنسانية عن الشعب الفلسطيني.
وأشار السيسي إلى ضرورة نشر قوات دولية في قطاع غزة، وأهمية إضفاء شرعية دولية على الاتفاق الذي تم التوصل إليه، وذلك من خلال مجلس الأمن. وأكد الرئيسان ضرورة البدء الفوري في عملية إعادة إعمار القطاع، حيث أشار السيسي إلى اعتزام مصر استضافة مؤتمر دولي للتعافي المبكر وإعادة الإعمار.
إلى ذلك، أشاد وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، بدور مصر الذي ساهم في التوصل إلى اتفاق غزة، وذلك خلال اتصال بنظيره المصري بدر عبد العاطي. وأثنى روبيو على الدور المتميز والريادي الذي يضطلع به الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، والدولة المصرية، والذي ساهم في التوصل لهذا الاتفاق التاريخي.
ولفت إلى أن الاتفاق يبث الأمل لشعوب المنطقة، خاصة الشعب الفلسطيني، مؤكداً أن هذه التطورات البناءة والإيجابية، تجسد القيم والأهداف المشتركة التي تجمع مصر والولايات المتحدة، والتي تستند إلى ضرورة اللجوء للحلول السلمية لتسوية النزاعات، بدلاً من الوسائل العسكرية.
وأكد عبد العاطي، أن تسوية القضية الفلسطينية، وتجسيد حل الدولتين، سيحقق الاستقرار والسلام والأمن المنشود بالمنطقة. وناقش الوزيران الأوضاع في المنطقة، والتطورات الإيجابية على صعيد القضية الفلسطينية، والجهود المبذولة لإنهاء الحرب في قطاع غزة، والتنسيق والتعاون المتميز القائم بين الرئيسين السيسي وترامب. في الأثناء، أعلن قصر الإليزيه، أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، سيتوجه إلى مصر غداً، لإجراء محادثات حول تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لإنهاء الحرب في غزة.
وذكر الإليزيه أن الخطة تهدف إلى إرساء وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، واستئناف إدخال المساعدات الإنسانية بشكل كامل إلى غزة. وأضاف أن ماكرون سيلتقي شركاء إقليميين لمناقشة الخطوات التالية في تنفيذ الاتفاق، وأنه سيؤكد التزام فرنسا بحل الدولتين، بوصفه أساساً للسلام والأمن الدائمين، وإعادة الإعمار في المنطقة.
على صعيد متصل، أعلن قائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، أمس، أنه زار غزة لمناقشة إرساء الاستقرار في مرحلة ما بعد الحرب، مشدداً على أن واشنطن لن تنشر قوات أمريكية في القطاع. وكتب الأدميرال براد كوبر، على منصة إكس، أنه عاد لتوه من زيارة لغزة، حيث بحث إنشاء مركز تنسيق مدني وعسكري، تقوده القيادة المركزية، بهدف دعم إرساء الاستقرار إثر النزاع.
وأضاف كوبر، أن أبناء وبنات أمريكا بالزي العسكري، يستجيبون لنداء إحلال السلام في الشرق الأوسط، دعماً لتوجيهات القائد العام في هذه اللحظة التاريخية، مشيراً إلى أنه سيتم القيام بهذا الجهد الكبير، من دون نشر قوات أمريكية على الأرض في غزة.
كما زار المبعوث الأمريكي الخاص إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، وقائد القيادة المركزية الأمريكية (سنتكوم)، براد كوبر، أمس، موقعاً تابعاً للجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة. وانضم إلى المسؤولين الأمريكيين رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، إيال زامير، الذي ظهر مشوشاً في الصورة التي نشرتها قناة فوكس نيوز. وذكرت الشبكة أن الهدف من الزيارة، كان التأكد من استكمال الانسحاب المتفق عليه، ضمن الاتفاق مع حركة حماس.
وصول قوات
وصرح مسؤولان أمريكيان، بأن قوات أمريكية بدأت في الوصول إلى إسرائيل، لإنشاء مركز تنسيق يشرف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. ووفقاً للمسؤولين الأمريكيين، اللذين لم يتم الكشف عن هويتهما، فإن القوات التي أرسلت إلى إسرائيل، والبالغ قوامها 200 جندي، متخصصة في النقل والتخطيط والخدمات اللوجستية والأمن والهندسة.
وستعمل هذه القوات مع ممثلين من الدول الشريكة الأخرى، والقطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية. وقال أحد المسؤولين الأمريكيين، إن الفريق الجديد سيساعد في مراقبة تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، والانتقال إلى حكومة مدنية في غزة.
خارج النقاش
وأكد مسؤول في حركة حماس، أن مطلب نزع السلاح خارج النقاش. وقال المسؤول، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه: إن موضوع تسليم السلاح المطروح، خارج النقاش وغير وارد. وأشار المسؤول إلى أن الحديث عن مغادرة قادة الحركة لقطاع غزة عبث وهراء.
وأكد المسؤول أن الحركة سترد على أي عدوان إسرائيلي، إذا استؤنفت الحرب في غزة. كما أعلنت إدارة السجون الإسرائيلية أنه تم جمع المعتقلين المتوقع الإفراج عنهم في سجنين، مقابل إعادة الرهائن. وقالت الإدارة في بيان: تم نقل سجناء الأمن القومي إلى سجني عوفر وكتسيعوت، في انتظار تعليمات السلطات السياسية، واستمرار العمليات، لضمان عودة الرهائن إلى إسرائيل.
دمار شامل
على صعيد آخر، أفاد رئيس بلدية خان يونس، ورئيس لجنة الطوارئ بالمحافظة، علاء الدين البطة، بأن 80 % من مساحة محافظة خانيونس قد دمر بالكامل. ونقل المكتب الإعلامي لبلدية خان يونس عن البطة قوله، خلال مؤتمر صحافي، إن 400 ألف طن ركام في شوارع خان يونس فقط، ويتراكم مئات الآلاف في الأحياء جراء تدمير المساكن والأبنية والمشاريع الاقتصادية، قائلاً: تم إطلاق تسع فرق ميدانية لفتح الشوارع، ولكننا نحتاج لمعدات وآليات ضخمة، نظراً لكمية الركام الكبيرة التي تغلق الطرق.
وأشار إلى تجريف وتدمير 206 آلاف متر طولي، بنسبة 82 % من إجمالي شبكة الطرق، وتجريف وتدمير 296 ألف متر طولي من شبكة التزويد بالمياه، تضررت كلياً أو جزئياً، ما أدى لخروجها عن الخدمة، أي ما نسبته 86 % من إجمالي الشبكة. و
لفت إلى أن 36 بئر مياه خرجت عن الخدمة بالكامل، ويعمل حالياً عدد من الآبار بكفاءة جزئية، موضحاً أن ثلاثة خزانات مياه مركزية دمرت وخرجت عن الخدمة. وأفاد بتضرر 130 ألف متر طولي من شبكة البنية التحتية للصرف الصحي، أي ما نسبته 68 % من إجمالي الشبكة، كاشفاً عن تضرر 13 ألف متر طولي من شبكة الأمطار، ما نسبته 62 % من إجمالي الشبكة.
موقف
ووصف مقرر الأمم المتحدة المعني بالحق في السكن، باللا كريشيان رجا جوبال، وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بالحل الرائع، معرباً عن أمله بألا يعود الوضع إلى الصفر مرة أخرى في القطاع. وأضاف المقرر الأممي، أن إسرائيل دمرت كل مباني غزة، مطالباً بأن تدفع مقابل ذلك، وأن تحاسب على ما قامت به في غزة، وأن تظل على حدود القطاع، وألا تخترقه مرة أخرى. وأكد رجا جوبال، أن الأمم المتحدة ستقوم بدور بنّاء وفعّال لجمع الشركاء، لتضمن نجاح قمة إعادة الإعمار، لافتاً إلى أنه على الفلسطينيين العمل على تحديد مستقبل غزة بأنفسهم.
عودة نازحين
ميدانياً، عاد أكثر من نصف مليون فلسطيني إلى شمالي قطاع غزة منذ وقف إطلاق النار، الذي دخل أمس يومه الثاني، آملين العثور على مساكنهم في مدينة غزة. وسار فلسطينيون في شوارع طغا عليها اللون الرمادي، إذ كستها الأنقاض، بينهم عدد كبير من الرجال، معظمهم من دون أغراض شخصية، بحسب مقاطع فيديو.
ومع انسحاب الجيش الإسرائيلي إلى الخطوط المتفق عليها داخل قطاع غزة، واصل عشرات الآلاف من سكان القطاع التوجه شمالاً على طول شارع الرشيد الساحلي، سيراً أو بالسيارات، وحمل بعضهم فرشاً وبطانيات.
وأفاد الدفاع المدني في غزة، بأن أكثر من نصف مليون فلسطيني عادوا إلى مدينة غزة، منذ دخول وقف إطلاق النار في القطاع حيز التنفيذ. وقال الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل: إن أكثر من نصف مليون شخص عادوا إلى مدينة غزة منذ يوم الجمعة.