عربية

عتمة الحرب تطارد غزة.. التعافي مرهون بالكهرباء

كريترنيوز/ متابعات/ البيان /عزيزة ظاهر

 

في شوارع غزة المعتمة يسود صمت ثقيل منذ عامين بعد تدمير شركة كهرباء غزة خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة. لم يعد سكان القطاع يسمعون أصوات المولدات، التي كانت في الماضي وسيلتهم البديلة، إذ نفد الوقود منذ الأيام الأولى للحرب، واضطروا للاعتماد على الطاقة الشمسية المحدودة والحلول البدائية لإدارة حياتهم.

لم يكن انقطاع التيار مجرد أزمة خدماتية، بل تحول إلى معاناة يومية شاملة تمس كل مناحي الحياة، لتصبح أزمة الكهرباء واحدة من أكبر التحديات التي تواجه غزة في مرحلة التعافي، وإعادة الإعمار.

ورغم القسوة طور الغزيون وسائل بديلة لتسيير حياتهم اليومية، في ظل غياب تام للكهرباء وشح الوقود، ففي حي الشيخ رضوان بمدينة غزة المنكوبة، تنير أم خالد البحبوح عتمة خيمتها بمصباح صغير يعمل بالطاقة الشمسية، وتقول لـ«البيان»، حياتنا صارت مرتبطة بالشمس، لا نستطيع تشغيل الأجهزة الكهربائية الكبيرة، نعتمد على البطاريات الصغيرة لشحن الهواتف، وعلى الطاقة الشمسية لتشغيل المصابيح.

خسائر فادحة

المهندس حسين النبيه، مدير عام الطاقة والكهرباء في غزة، يوضح لـ«البيان» أن أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع يعيشون منذ عامين في ظلام قسري، بعد أن استهدف القصف الممنهج شبكات الكهرباء ومحطات التوليد وأنظمة الطاقة الشمسية في مختلف محافظات القطاع، ما أدى إلى تدمير آلاف الكيلو مترات من خطوط وشبكات التوزيع، مشيراً إلى أن خسائر قطاع الكهرباء تجاوزت 750 مليون دولار منذ بداية الحرب.

وأضاف أن انقطاع الكهرباء ترك آثاراً كارثية على جميع القطاعات، وفي مقدمتها القطاع الصحي، حيث واجهت المستشفيات صعوبات بالغة في تشغيل غرف العمليات وأجهزة العناية المركزة وحفظ الأدوية والمستلزمات الطبية، كما تعطلت مرافق المياه والصرف الصحي والاتصالات والتعليم، وتوقفت المصانع والمنشآت التجارية والخدمات الأساسية، ما فاقم المعاناة المعيشية والاقتصادية للسكان.

محمد ثابت، مدير العلاقات العامة والإعلام في شركة توزيع كهرباء غزة، يؤكد لـ«البيان» أن الشركة تواجه نقصاً حاداً في مواد الصيانة والآليات والمعدات وأنظمة الطاقة والوقود، وهو ما يعرقل قدرتها على توفير الخدمات الأساسية، لا سيما بعد أن دمرت الحرب أكثر من 85 % من شبكات الكهرباء، و80 % من آليات الشركة، إضافة إلى تدمير نحو 70 % من المقرات والمرافق، وقرابة 90 % من المستودعات والمخازن.

نداءات عاجلة

ويؤكد خبراء الطاقة في غزة أن إعادة تشغيل القطاع الكهربائي يتطلب استثمارات ضخمة وظروفاً مستقرة، وتعمل سلطة الطاقة حالياً على إعداد خطة شاملة لإعادة تأهيل الشبكة بدعم من مؤسسات دولية، إلا أن الأمر يتطلب ضمانات سياسية وأمنية وتمويلاً يقدر بمئات الملايين من الدولارات.

وتظل أي خطة لإعادة إعمار غزة ناقصة ما لم تترافق مع إعادة بناء منظومة الكهرباء، التي تمثل عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية في القطاع، وأحد المفاتيح الأساسية لعودة الحياة إلى طبيعتها.

ووجهت شركة كهرباء غزة نداء عاجلاً إلى جميع الجهات المعنية، بضرورة التدخل الفوري لتوريد المواد والمستلزمات الطارئة اللازمة لقطاع توزيع الكهرباء في غزة، بما يمكنها من الاستجابة السريعة للاحتياجات الإنسانية الملحة، خصوصاً مع بدء عودة مئات الآلاف من النازحين إلى منازلهم.

زر الذهاب إلى الأعلى