عربية

لقاءات القاهرة.. هل تضبط إيقاع غزة؟

كريترنيوز/ متابعات/ البيان /محمد الرنتيسي

 

لم يكن ممكناً قراءة لقاءات الفصائل الفلسطينية في القاهرة، إلا بأنها طلائع اتفاق فلسطيني على إدارة غزة بعد الحرب، وضبط إيقاعها وفق المتغيرات الأخيرة على الأرض، التي يشكل اتفاق وقف إطلاق النار نواتها ولبنتها الأساس.

 

وفيما كانت الإدارة الأمريكية تكمل عن بعد خطة بدت معها واشنطن كأنها تتسلم دفة القيادة في غزة، في سياق مشروعها لوقف الحروب وإنهاء الصراعات، ارتقت قمة القاهرة الفلسطينية، في طريقها المتعرج ومشروعها المتدرج لترتيب البيت الغزي الداخلي، بعد أن نالت منه الحرب.

 

من خلف تلال الركام، التي لفت شوارع وأحياء غزة، لاحت مؤشرات إيجابية، رفعت منسوب التفاؤل بإدارة فلسطينية لقطاع غزة بعد الحرب، من خلال لجنة من السياسيين الفلسطينيين المستقلين التكنوقراط، وبالتعاون مع لجنة دولية منبثقة عن مجلس السلام، الذي يقوده الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب. وفق مراقبين فقد أقفل هذا التوجه أفقاً مسدوداً بشأن إدارة قطاع غزة بعد الحرب، وقد تعاطت النخب السياسية مع لقاءات الفصائل الفلسطينية في القاهرة على أنها مقدمة لترسيم مستقبل القطاع، والمضي بالآليات المتبعة لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية لاتفاق وقف إطلاق النار.

 

وإذا ما كان تسليم السلاح لا فكاك منه وصولاً إلى طي صفحة الحرب في قطاع غزة إلى الأبد، فإن حركة حماس ربطت هذا الملف بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وبضمانات دولية، وتوافق فلسطيني داخلي، ما يقطع تردد الحركة وارتباكها إزاء أي تفاوض بشأن تسليم السلاح، وهو البند الذي يثقل الخطة الأمريكية بفيض من الأسئلة.

 

ووسط بروز اجتماع القاهرة بوصفها نموذجاً يترجم معادلة الاتفاق الفلسطيني، يرى الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري فيه خطوات عملية نحو الوحدة الفلسطينية، وتشكيل إدارة واحدة مقرونة بتعددية فكرية سياسية حزبية، تمهد لتوحيد القيادة الفلسطينية، وإنشاء لجنة إسناد وطنية مرتبطة بالحكومة الفلسطينية، لإعادة السلطة إلى غزة.

 

ووفق المصري فهذه الخطوة تمثل قاعدة عملية تأسيسية يمكن أن تبنى عليها الوحدة الفلسطينية بشكل تدريجي، بعيداً عن لغة الخطابات والشعارات، وإقرار ميثاق وطني يمنع التحريض والإقصاء، وتشكيل حكومة وفاق وطني، ووفد تفاوضي موحد لبحث اليوم التالي.

 

أفكار

 

ويشير المحلل السياسي، محمـد دراغمة، إلى أن ثمة أفكار عديدة لتنفيذ الخطة الأمريكية، فعلى سبيل المثال لا يشترط تسليم سلاح حركة حماس لإسرائيل بشكل مباشر، ويمكن تسليمه للسلطة الفلسطينية بعد عودتها إلى قطاع غزة، بحيث يصبح هذا السلاح للأجهزة الأمنية الفلسطينية، على أن تقوم السلطة الفلسطينية بإبرام اتفاقيات مع إسرائيل ودول الإقليم بهذا الشأن.

 

وأضاف: «وفق المرحلة الثانية من الخطة الأمريكية يجب تسليم السلاح، لكن الطريقة والتوقيت والجهة التي ستتسلمه، هذه مسائل تفاوضية، وقد تستغرق الكثير من الوقت، وقد تجري على مراحل، وكل هذه القضايا بحاجة إلى توافق وطني، وعودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.. التفاوض الجاري ليس على الخطة الأمريكية، بل على آليات تنفيذها».

 

وإذ تشير معطيات عدة إلى أن لقاءات القاهرة ينظر إليها بوصفها فرصة استثنائية لإعادة هيكلة النظام السياسي الفلسطيني، على أسس توافقية جديدة، فإنها تأتي في وقت تتعاظم فيه الحاجة فلسطينياً إلى رؤية موحدة، ترسم مستقبل قطاع غزة بعد الحرب، وتعيد صياغة المشهد وفق المقاربات العربية والدولية والإقليمية، لكن هذا مرهون بمدى جدية القوى الفلسطينية مجتمعة، وقدرتها على تجاوز حساباتها الحزبية.

زر الذهاب إلى الأعلى