عربية

….الملكيون صناع الإستقرار….

 

كريتر نيوز”متابعات

كنت في حديث مع مواطن مصري في القاهرة . وتوسعةً فان ابناء اليمن اليوم يتخذون من القاهرة وطنا ثانياً بعد ان ضاقت اوطانهم بهم .

دار الحديث حول بعض الإنتكاسات الثقافية الذي اعترت مصر ، سواءً في المسرح او الشعر الى غناء وكذلك السينماء. وانا اتحدث هنا عن الجانب الثقافي ولست بصدد الحديث عن النهضات الصناعية فهذا حديث ذو شجون .

ونوهت لصديقي المصري ان مصر بدات مشوار الانتاج السينمائي في نفس الوقت الذي بدأت فيه امريكا ، حتى انه اطلق على القاهرة – هوليوود الشرق- .فكيف انتكست الثقافة بعد حينٍ من الثورة؟

كان رده ، ان نهضة مصر الثقافية بدات وتعاظمت وازدهرت في الفترة الملكية ، وان ما عاشته الثورة من زخم ثقافي وفني ومسرحي وسينمائي هي غروس النظام الملكي واثمرت تلك الغروس او المواهب بعد الثورة فازدهرت الثقافة بذلك الشكل المدهش والملفت .

لقد انصف هذا المواطن المصري حين شخّص ان السمو الثقافي بعد ثورة ثلاثة وعشرين يوليو هو ان تلك النهضة اسس لها الملك فؤاد والملك فاروق ولو كانت الملكية استمرت لكانت مصر اليوم تنافس فرنسا .

لم تستمر ريادة مصر الثقافية بذلك الشموخ والسمو والتاثير على العالم العربي فذوت رويدا رويدا فاصاب معها القحط الثقافي كل الوطن المصري والعربي الى اليوم .

وعن الملوك والمملكات فهناك من يناصبها العداء دون جريوة وبصفة عامة فان الملوك كانوا اكثر نقاءً وبساطةً وزهداً من الثوار الذين اتسمت عهودهم بالقسوة والتجني والنزق وهجرة العقول والمواهب .

اطيح بالملك العراقي الزاهد ، فانهارت العراق وتشتت وتخاصمت وتمذهبت . ذلك الملك الذي اشتكى من زيادة استهلاك الديزل في مولد قصره الكهربائي . فقرر اطفاء الكهرباء الساعة التاسعة ليلا. وعندما سالوه وماذا عن غرفتك !؟ فقال مثلي مثل الجنود في القصر .

واطيح بالملك فاروق في مصر فاعترى مصر الثورة جنون القومية العربية دون ان تمهد قبل ذلك لما يسمى الاسواق المشتركة والانتقال الحر . واهينت الاسرة الملكية العريقة فكن بنات ملوك في روما يعملن منظفات غرف في فنادق روما . يا له من حقد وفجور وقسوة .

واطيح بالملك ( إدريس السنوسي) في ليبيا. فعانت ليبيا مرارات لا سابقة لها في تاريخها .
وكان هذا الملك قد اشتكى من ان احد سياراته المعطلة عزيزة عليه ويرغب في اصلاحها ولكن لم تسمح بذلك ميزانية القصر الملكي فقرروا بيعها .

كما ان المملكة المتوكلية اليمنية كانت اكثر زهداً وصدقاً وحكمةً من الانظمة الجمهورية التي تعاقبت على حكم اليمن فافسدت الاخلاق والقيم والنزاهة .

لم يكن الامام احمد -طيب الله ثراه -يتعصب لمذهبه وكان يوما يؤدي صلاة الجمعة في تعز فسمع المؤذن يردد -حيا على خير العمل- فنهره وقال نحن هنا في تعز في بلاد السنة .

وعن الجنوب فلقد حافظوا امراء وسلاطين ومشايخ الولايات ال ٢٢
حافظوا على السلام الاجتماعي وبذلوا جهودهم الخيرة في استتباب الامن والسلام وعاش الناس بسلام اجتماعي لقرون طويلة وكان ذلك بسبب تلك المعادلة الذكية في الحكم الشوروي ( ويا شيخ ما شيختك الا الرجال) .

فعوقبوا بعد الاستقلال ولم ينصفهم احد – تحت مسمى ثورة لا إصلاح- والقي بهم في ظلمات الزنازين ، واعدم منهم من اعدم، دون محاكمات ، ونفي منهم من نفي وصودرت بيوتهم السكنية واراضيهم ، والى اليوم لم تلغى تلك الصورة المشوهة عنهم . ولم يكتب حتى يافطة تبين ان هذا القصر يعود الى السلطان العبدلي
وهم بذلك ينكرون ويتنكرون ، ولولا ذاكرة الناس لقالوا ان هذا القصر يعود الى المندوب السامي البريطاني .

لو قيض الله ان سلمت ونجت الجنوب من تلك الثورة الدموية لكانت الجنوب افضل حالا من بعض دول الخليج ، وهذه حقيقة يجب ان نعترف بها ونعالج مواجعها التي لا زالت باتعة في قلوبنا .

على ان دول ملكية اغراها التغيير العنيف وعبر الثورات ، ومنها مملكة افغانستان التي ذهب ملكها ، فذهب كل الخير والسلام معه وها هي اليوم -كالعِهْن المنفوش!.

وحولنا امبراطورية الحبشة ومجد النجاشي . ثاروا شباب اليسار عليه، واعدموا الإمبراطور -هيلا سلاسي- وتحولت – اثوبيا – الى جمهورية، فصرعتها التشظيات والحروب والشحناء ، وبعد مصرع الإمبراطور ، أصابت اثوبيا كل ويلاتها ،ولا زالت تحاول ان تتعافى منما اصابها .

ولأن ( عُمان ) الخير والسلام والاستقرار وبسبب انها نظام ملكي سلطاني . فقد تماسكت اثناء المد اليساري وسلمت من الصراعات ومن نزق اليسار الذي كاد ان يفتك ويتربص بها عبر ثوار ظفار .
صالح السلطان قابوس -طيب الله ثراه- صالح بحنكته هولاء الشباب المتحمسين وروضهم واليوم يشكلون هم وابنائهم اساس نهضة سلطنة عمان .

وإحقاقا للحق فان من كتب تاريخ الامامة بعد الثورة في اليمن ، هم من شباب الثورة الذين يدافعون عن اسباب ومبررات الثورة ضد -آل حميد الدين- بينما لم ينصفهم احد مع انهم كانوا يمثلون الزهد والصدق واللطف! فما انصفوا الثوار بل تقولوا واسرفوا بالبهتان وأفحشوا في الغيبة .

زرت قصر الامام في تعز ( قصر صالة) !!وهالني ان بيت – رعوي- في صنعاء افضل حالا من هذا البيت . اي شظف واي عيش كانوا عليه واي زهد وتقى .

صحيح ان هناك كان بعض الانغلاق والتقوقع ولكن هذه الانغلاقات كانت بسبب تلك المرحلة وعلينا قبل ان نلوم ان نفهم الزمن والمراحل .

لولا الملكية، والملكة البريطانية اليزابيث لما صمدت المملكة المتحدة ولتشظت، فلا يوجد بين ايرلندا الشمالية واسكتلندا وويلز جامع مع بلاد ( الملائكة) اي انجلترا وهذا اسمها
فهم لا يطيقون الانجليز لانهم كانوا يمثلون النخبة والصفوة ويحتكرون اسمهم على مجمل المقاطعات باسم بلاد الانجليز ولا زلت اتذكر ان البضائع البريطانية كان يكتب عليها( صنعت في انجلترا)

حتى الثورة البلشفية في روسيا فقد شوهت دور القياصرة الذين اسسوا لاكبر وطن في العالم بما يقارب من مساحة قارتين اي ١٨ مليون كيلو متر .اسسوا القياصرة
لامجاد ولوطن يمتد من كندا غربا الى اليابان شرقا.

واليوم اعادت روسيا الاعتبار للقياصرة بعد اعدامهم جميعا في مذبحة مخيفة

واليوم عادت روسيا لتعقلها وإبت لرشدها بعد تلك المذابح واعتمدت اسماء قيصارتها واعادت الشعار القيصري وعلم روسيا بل واعادت كتابة تاريخ القياصرة التليد، واستعادت روسيا العظيمة اسمها التاريخي .

لست بصدد تجريم الثورات رغم انني لا اعتبرها ثورات بل انقلابات ، لست بصدد تجريمهم بل لاذكر وللعبرة، فقد جنت الثورات وتنمرت بل توحشت وكان العنف هو طبيعة معالجاتهم وبه اذعنت الناس لهم وخنعوا .

وانصافا وهذا ما قاله لي مواطن خليجي وهو يتحدث عن التعليم في بعض دول الخليج ماقبل ٦٠
عاما فقال ان النهضة التعليمية، بصدق في المملكة المتوكلية اليمنية حينها كانت افضل بكثير من سلطنة عمان بل المملكة العربية السعودية .

وعن- سلطنة عمان- التي زرتها فدهشت لنهضتها وسحرها وجمالها وطيبة شعبها ، فلو كان ثوار ظفار حكموا – عُمان-
لكانت اليوم ببؤس -الكونغو -.
ولما قبل الدكتور ابوبكر القربي حياه الله لما قبل العيش فيها وكذلك رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية السيد المهندس حيدر ابوبكر العطاس حفظه الله ، الذي هام بالسلطنة ، فاتخذها وطناً له واسرته واكتسب جنسيتها .

فاروق المفلحي

زر الذهاب إلى الأعلى