عربية

غزة.. مواعيد فاصلة بين الحرب والتهدئة

كريترنيوز/ متابعات /محمد الرنتيسي

لا ينفك بحر الأسئلة، الذي ما زالت تعوم عليه غزة بعد شهرين من إعلان وقف الحرب، يتمدد وسط أمواج عالية ورياح عاتية، تحمل معها سيناريوهات معقدة لمستقبل القطاع، الذي ما زال بانتظار معجزة سياسية تختصر المسافات نحو تجدد الحرب، لا سيما وأن مراقبين ومحللين إسرائيليين يرون في المشهد ما ينذر بتسونامي نار، قد ينفجر بأي لحظة، إذا ما استمر تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

أحدث رزم الأسئلة، التي تغلف المشهد في غزة، تتمحور حول فرصة إضافية للإبقاء على اتفاق التهدئة صامداً، وإن كانت العقبة الكبرى أمامه، تطهير غزة من السلاح، فهل تنجح واشنطن في تعليق التصعيد الجاري في غزة خارج إطار الاتفاق؟ وفي المقابل هل توقف حركة «حماس» محاولات تجديد دمائها وأسلحتها وفق مضبطة الخطة الأمريكية؟ وهل من هامش مناورة دبلوماسية تتيح للتهدئة أن تستمر؟

ليس خافياً أن إجابات المراقبين تبدو مرتبطة بسيناريوهات تطبع المرحلة المقبلة، وخصوصاً مع اقتراب لقاء نتانياهو ترامب، إذ لم يكن عابراً، تعمد التصعيد في قطاع غزة، بالتوازي مع مناخ سياسي هش، يحكم المرحلة الفاصلة بين المرحلتين الأولى والثانية من المقترح الأمريكي، والمرسوم بسلة أهداف إسرائيلية، وقوامها «لا مرحلة ثانية» ولا رياح تغيير على الأولى.

فتقرأ أستاذة الدبلوماسية وحل الصراعات في الجامعة العربية الأمريكية دلال عريقات، في المساعي الأمريكية للشروع في المرحلة الثانية قبل نهاية العام، ما يثير المخاوف من محاولة تشكيل المشهد السياسي في قطاع غزة بمعزل عن الفلسطينيين، منوهة إلى ثلاثة سيناريوهات تتشابه في المخاطر التي تحفها، الأول: قوامه تثبيت التهدئة لفترة طويلة من دون مسار سياسي، وهو ما يبقي غزة دون سيادة، وفقط تتحول إلى ملف إغاثي إنساني.

بينما يرتبط السيناريو الثاني بترتيبات أمنية دولية، من خلال تشكيل قوة تعيد تشكيل إدارة الحياة في قطاع غزة، وإن عنى ذلك فرض حلول تحد من القرار الفلسطيني، في حين السيناريو الثالث يقوم على تحويل التهدئة إلى مدخل لعملية سياسية، تنتهي بحل شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، لكن هذا الاحتمال يبقى الأضعف، حسب تعبيرها.

ويتلاقى وهج ما تطرحه عريقات، مع ما يرجحه الباحث المختص في الشؤون الإسرائيلية سليمان بشارات، من أن الانتقال إلى المرحلة الثانية بات محكوماً بزيارة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو إلى البيت الأبيض، وبالتزامن مع إعلان واشنطن عن جاهزية قوة الاستقرار الدولية، وأنها قد ترى النور قبل نهاية العام، منوهاً إلى تعديلات جوهرية على شكل ومضمون المرحلة الثانية، يعول عليها نتانياهو في لقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكي.

ويرى بشارات أن المرحلة المقبلة باتت مفتوحة على سيناريوهين اثنين، الأول: إلزام الإدارة الأمريكية لنتانياهو بالمرحلة الثانية مقابل منجزات وعوائد سياسية، كالحصول على عفو من رئيس دولة إسرائيل، وتعزيز موقعه الداخلي، وانتزاع موقف أمريكي مؤيد لضم الضفة الغربية، والثاني: استمرار المناورة لكسب المزيد من الوقت، والتعامل بمرونة مع المقترحات حول قطاع غزة، من دون تنفيذ على الأرض. ويسود اعتقاد في الأوساط السياسية، بأن غزة ستبقى على المحك بإعلاء رغبتها في تجنب الزج بها في فوهة حرب ثانية، وإن بدأت إسرائيل بقرع طبولها، بعد أن أدارت الأذن الصماء لكل النداءات التي تدعوها للالتزام باتفاق شرم الشيخ، فهل تستجر الخروقات اليومية حرباً جديدة، تشنها إسرائيل على طريقة آخر العلاج الكي؟

زر الذهاب إلى الأعلى