عربية ودولية

واشنطن والغرب.. تغيّر مزاج تجاه دمشق

كريترنيوز/ متابعات /البيان/عبدالله رجا/دمشق

 

تعمل الدبلوماسية السورية على توسيع خياراتها في العلاقات الدولية بزيارة مهمة قام بها وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، إلى موسكو ولقائه بكبار المسؤولين الروس على رأسهم وزير الخارجية، سيرغي لافروف، في زيارة حظيت باهتمام واسع نظراً للعلاقة المتينة التي كانت تربط بين موسكو ونظام بشار الأسد.
وتزامنت زيارة الشيباني إلى موسكو مع مناخ دولي مريب لدمشق، وذلك بعد سلسلة انتقادات علنية وأخرى مبطنة، من الدوائر الأمريكية والأوروبية، التي يبدو أنها تقوم بتسيير مسارين متوازيين مع دمشق، الأول انفتاح تام ووعود اقتصادية وسياسية، والثاني حقوقي حيث الترصد والحساب والتهديد بفتح ملفات التوترات الداخلية في بعض المناطق السورية أمام الهيئات الحقوقية الدولية.

في كل الأحوال، تجد الدبلوماسية السورية نفسها اليوم في مواجهة مرحلة جديدة من التعقيد، بعد أشهر من الحراك السياسي الذي وصف بالانفراج النسبي، في ظل انفتاح عربي متسارع، وغياب نسبي للتشدد الغربي، لاسيما الأمريكي، إزاء دمشق.
لكن هذا المسار، الذي أعطى مؤشرات على بدء تحول في موقع سوريا ضمن النظام الإقليمي والدولي، يبدو حرجاً بعد عودة اللهجة الأمريكية المتشددة إلى الواجهة، بالتوازي مع إعادة الملف السوري إلى قلب المؤسسات التشريعية الأمريكية.

والذي تمثل بتمرير لجنة مالية في مجلس النواب الأمريكي مشروع قانون لتمديد قانون «قيصر» لعامين إضافيين، وهو ما ينظر إليه بوصفه خطوة رمزية لكنها شديدة الدلالة على تغير المزاج الأمريكي تجاه سوريا.

هذا الإجراء، ورغم أنه لا يزال في مراحله الأولى داخل الكونغرس، يكشف عن نية متزايدة لدى دوائر صنع القرار الأمريكي لاستعادة زمام المبادرة في الملف السوري، بعيداً عن الخط المرن نسبياً الذي تتبناه إدارة الرئيس دونالد ترامب تجاه سوريا، وتصريحه أكثر من مرة برغبته في منح البلاد فرصة للنهوض والتعافي.

في هذا السياق، أولى نتائج هذا التحول ظهرت بسرعة على مستوى الخطاب الغربي، إذ لوحظ تغيّر نبرة المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توماس باراك، الذي بدا في تصريحاته الأخيرة أكثر تحفظاً واضطر لتوجيه انتقادات للحكومة السورية،، بعد أن كان في وقت سابق يظهر قدراً من التقارب والتفهم في تقييم التطورات السورية.

وتشير معطيات متقاطعة إلى أن باراك الذي يتعرض لضغوط مكثفة من جماعات ضغط ولوبيات نافذة داخل واشنطن، بدأ بتكييف مواقفه وفقاً لمعادلات تتناسب مع التغير الجاري في بيئة القرار الأمريكي، وظهرت دعوات في واشنطن لإقالته من مهامه مبعوثاً للرئيس ترامب.

ما زالت المقاربة الأمريكية تعتمد أساساً إلى مسارات السياسة الخارجية السورية وتحديداً المسار الدبلوماسي مع إسرائيل، واستعجال واشنطن تحقيق تقدم دون مراعاة مصالح سوريا على المدى الطويل، وهو ما يختلف عن الأولويات السورية، حيث إن تعافي البلاد أساس وأولوية.

وفي حال استمرار الضغوط الغربية غير المتوازنة، فإن الانفتاح الغربي على دمشق، بدفع عربي، قد يصطدم بشروط جديدة من شأنها أن تعيد خلط الأوراق في المنطقة، وتحول سوريا مجدداً إلى ساحة تجاذب دولي يصعب فيها إحراز تقدم ملموس، وربما يكون توجه دمشق إلى موسكو أحد أوراق الضغط الجديدة التي تقاوم بها الدبلوماسية السورية مراجعات الغرب.

هكذا، تبدو دمشق أمام منعطف دبلوماسي جديد إما تعزيز المكاسب عبر توسيع قاعدة التوافقات الداخلية ومعالجة مصادر التوترات، أو فقدان رصيد مهم من المكاسب الدبلوماسية، بما تحمله من تبعات اقتصادية وسياسية.

زر الذهاب إلى الأعلى