عربية ودولية

المبادرات الشعبية العالمية تكرس رفض الممارسات الإسرائيلية

كريترنيوز/ متابعات /أمجد عرار/دبي

 

إذا كانت ردود الفعل الرسمية الدولية إزاء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، تتسم بالدبلوماسية وحساباتها في التعاطي مع إسرائيل، فإن ثمة ساحة أخرى تشهد ردود فعل مختلفة ومتجردة من الحساسيات الدبلوماسية والحسابات السياسية.

خلال الـ 24 ساعة الماضية، تداولت وسائل الإعلام مظاهر احتجاجية مختلفة على الحرب الإسرائيلية في غزة، وما نتج عنها من مآس ووفيات ناجمة عن الجوع. وهذه المظاهر تشكل استمراراً لأشكال من الاحتجاج اندلعت خصوصاً بعد السابع من أكتوبر.

السلطات الفرنسية علّقت أمس، عمل مراقب الحركة الجوية في مطار باريس لأنه وجه عبارات تضامنية مع الفلسطينيين عبر الاتصال اللاسلكي لطاقم طائرة تابعة للخطوط الجوية الإسرائيلية.

حيث نقلت وكالة «فرانس برس» عن وزارة النقل الفرنسية أن الموظف قال لطاقم الطائرة الإسرائيلية عبر اللاسلكي «فلسطين حرة». وفي الأسبوع الماضي، قام مؤيدون لفلسطين برش طلاء أحمر على واجهة المبنى الذي يضم مكتب شركة «إل عال» الإسرائيلية في باريس.

 

أول من أمس، طُلب من كلوي سواربريك النائبة في البرلمان النيوزيلندي مغادرة البرلمان خلال نقاش محتدم حول الاعتراف بدولة فلسطينية. ودعت سواربريك، الزعيمة المشاركة لحزب الخضر، أعضاء الحكومة إلى دعم مشروع قانون «لمعاقبة إسرائيل على جرائم الحرب التي ترتكبها».

وأضافت «إذا وجدنا ستة من بين 68 نائباً يمثلون الحكومة يتمتعون بالشجاعة يمكننا أن نقف على الجانب الصحيح من التاريخ». وعندما رفضت سواربريك الاعتذار عن تصريحها هذا، طلب منها مغادرة البرلمان.

منذ السابع من أكتوبر 2023، ومع تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة، ظهرت مبادرات شعبية ونقابية وثقافية في شتى القارات، تنوعت بين احتجاجات جماهيرية وإجراءات عملية في ميادين النقل والفنون والأكاديميات، ما يشير بوضوح إلى ما تعانيه إسرائيل من أزمة سمعة متفاقمة في الرأي العام العالمي، حتى في بلدان تُعد تقليدياً من أقرب حلفائها. هذا الأمر وصفته الصحافة الإسرائيلية مراراً بـ «تسونامي» مناهض لإسرائيل في العالم.

فرنسا واحدة من الدول التي تشهد مثل هذه المبادرات، حيث شهدت في نوفمبر 2023 تظاهرات حاشدة في باريس للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة، ضمن موجة تظاهرات أوروبية متزامنة.

فيما دعت نقابات عمال النقل بلجيكا أعضاءها لرفض مناولة أي شحنات أسلحة متجهة إلى إسرائيل عبر المطارات البلجيكية. وخرج آلاف المتظاهرين في بروكسل للمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.

وفي نوفمبر 2023، أعلنت نقابة عمال ميناء برشلونة رفضها تحميل أو تفريغ أي مواد عسكرية وسط الحرب في غزة، ودعت موانئ أخرى لخطوات مماثلة. السويد كذلك شهدت في مايو 2024 احتجاجات ضخمة في مالمو ضد مشاركة إسرائيل في مسابقة «يوروفيغن 2024»، بمشاركة ناشطين عالميين.

حليف تقليدي

حتى الولايات المتحدة الحليفة تقليدياً لإسرائيل، شهدت تحركات في موانئ تاكوما وأوكلاند لمنع مرور سفن يُشتبه بحملها مواد عسكرية لإسرائيل، كما شهدت جامعات عديدة فيها تظاهرات ضد الحرب على غزة.

كما شهدت لندن ومدن بريطانية عدة احتجاجات حاشدة مؤيدة للفلسطينيين، تضمنت دعوات لإلغاء مشاركة إسرائيليين في مناسبات فنية أو ثقافية في بريطانيا.

المشهد الذي ترسمه هذه الاحتجاجات يكشف عن مسار متصاعد من التحدي الشعبي لسياسات إسرائيل، تغلغل في قطاعات حيوية كالمطارات والموانئ، والفن والثقافة والجامعات وحتى الشركات العملاقة.

اللافت أن هذه المواقف برزت في دول غربية كفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وهي دول لطالما وفرت مظلة دبلوماسية وعسكرية لإسرائيل.

 

إجمالاً، يعكس هذا الرصد فجوة متنامية بين الخطاب الرسمي المؤيد لإسرائيل في بعض العواصم، وبين المزاج الشعبي والمؤسسي الذي بات أكثر انفتاحاً على التعبير عن رفضه، ولو بوسائل رمزية، لسياساتها في الأراضي الفلسطينية.

زر الذهاب إلى الأعلى