عربية ودولية

«غزة إسرائيل».. مشروع واقعي أم وهم أمريكي جديد؟

كريترنيوز /متابعات /البيان

 

طرحت الولايات المتحدة خطة لتقسيم قطاع غزة إلى منطقتين منفصلتين، واحدة تحت السيطرة الإسرائيلية وأخرى تحت سيطرة حماس، مع تنفيذ عمليات إعادة الإعمار فقط في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل، كحل مؤقت إلى حين نزع سلاح الحركة وإخراجها من الحكم. لكن هل هذا المشروع واقعي وقابل للتنفيذ أم وهم أمريكي جديدة في الشرق الأوسط؟

قال نائب الرئيس الأميركي جاي دي فانس وصهر الرئيس ترامب جاريد كوشنر هذا الأسبوع إن إعادة إعمار قطاع غزة لا يجب أن تنتظر بالضرورة نزع سلاح حركة حماس أو زوال تهديدها في القطاع.

وبموجب وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ مطلع الشهر، تم تقسيم غزة على طول ما يُعرف بـ«الخط الأصفر» — بين النصف الشرقي الداخلي الذي تسيطر عليه القوات الإسرائيلية وباقي القطاع الخاضع لحماس. وقال فانس وكوشنر للصحافيين، خلال زيارتهما إلى إسرائيل، إن إعادة الإعمار يمكن أن تبدأ قريباً جداً في الجزء الذي تسيطر عليه إسرائيل.

الفكرة مغرية بالنسبة لأنصار إسرائيل: فرصة لبناء نموذج «مجتمع فلسطيني بلا صواريخ أو أنفاق» يمكن أن يهدد إسرائيل. ويذكّر هذا النهج بخطة «ريفييرا الشرق الأوسط» التي تخيّلها ترامب ذات يوم لغزة خالية من سكانها الفلسطينيين.

لكن خبراء قالوا صحيفة نيويورك تايمز إن إبقاء عناصر حماس خارج المنطقة المعاد إعمارها قد يتطلب إجراءات أمنية مشددة جداً تجعلها أقرب إلى «احتلال عسكري جديد».

ما هو شرق الخط الأصفر؟

تحت وقف إطلاق النار، انسحبت القوات الإسرائيلية إلى منطقة تشكل 53% من مساحة القطاع تقريباً، أي نصفه الشرقي. وقد حذّرت الفلسطينيين من دخول هذه المنطقة، وقد قُتل بعض من خالفوا التحذيرات أو التبس عليهم الأمر. وبدأ الجيش الإسرائيلي بوضع كتل إسمنتية صفراء لتحديد حدود هذه المنطقة.

وقال الجيش الإسرائيلي إنه عند دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، كان هناك نحو 30 ألف فلسطيني في مناطق رفح وخان يونس جنوبي القطاع، وهي مناطق تسيطر عليها إسرائيل. ويسمح الجيش لهؤلاء بالانتقال إلى مناطق تسيطر عليها حماس، لكنه لا يسمح لهم بالعودة مجدداً إلى المناطق التي تحت السيطرة الإسرائيلية. وبحسب المسؤولين، فإن معظم هذه المناطق بات الآن «أرضاً قاحلة» لا يوجد فيها سوى الجنود.

لماذا تؤيد واشنطن هذه الفكرة؟

أبدى فانس دعماً قوياً للفكرة خلال زيارته إلى إسرائيل قائلاً: «ما زلنا في مرحلة مبكرة جداً، لكن هذه هي الفكرة الأساسية: أخذ المناطق التي لا تعمل فيها حماس، والبدء في إعادة إعمارها بسرعة، وبدء إدخال سكان غزة إليها ليعيشوا هناك ويحصلوا على وظائف جيدة، ونأمل أن يجدوا بعض الأمن والراحة أيضاً».

هذا الطرح له جاذبية سياسية كبيرة بين مؤيدي إسرائيل، بمن فيهم من انتقد طريقة إدارتها للحرب. وقال مايكل كوبلو من منتدى السياسة الإسرائيلية إن هذه الخطة بمثابة «فرصة ثانية» لإسرائيل.

وكتب في نشرة يوم الخميس: «لو تعاملت إسرائيل مع المناطق التي سيطر عليها الجيش الإسرائيلي خلال الحرب باعتبارها مناطق فرصة لبناء نموذج اليوم التالي، لكانت منعت حماس من إعادة ترسيخ وجودها هناك بعد انسحاب الجيش — وهو السبب الذي جعل الجيش يضطر للعودة إلى الأحياء نفسها ثلاث أو أربع مرات».

ما المخاطر؟

قال تمير هايمان، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، إن إعادة الإعمار شرق الخط الأصفر شيء، والسماح للفلسطينيين بالعودة إليه مع إبقاء حماس خارجه شيء آخر تماماً.

وأضاف: «ستكون هناك حاجة لتفتيش دائم، على مدار الساعة، لأي شخص مشبوه يمر من هناك. ستحتاج إلى نقاط تفتيش ومراكز مراقبة. وإذا وصف أحد ذلك بأنه شكل جديد من الاحتلال الإسرائيلي لغزة، فربما يكون محقاً. وأعتقد أن حماس ستحاول إفشاله وستسعى للتسلل وتنفيذ هجمات في هذه المنطقة الجديدة كرد فعل على الاحتلال».

ماذا يفكّر الفلسطينيون؟

قال إياد أبو رمضان، رئيس غرفة تجارة محافظات غزة، إن الحكومة الأميركية «تُسيء فهم جغرافيا غزة»، موضحاً: «إسرائيل تحتل في الغالب أراضي زراعية وصناعية. فهل سيبنون عليها مناطق سكنية؟ هذا غير منطقي».

ورأى أن تصريحات كوشنر تُفهم أكثر على أنها تهديد لحماس منها كمقترح قابل للتنفيذ، مضيفاً: «يريدون أن يقولوا لحماس إن عليها أن تتعاون مع خطة ترامب».

وبافتراض جدّية الفكرة، عبّر أبو رمضان عن مخاوفه بشأن من سيسمح له بالعيش في الأحياء الجديدة ولماذا: «سينتهي بهم الأمر إلى فصل العائلات. سيقولون إن أشخاصاً معينين لا يمكنهم الذهاب لأن عليهم علامات استفهام. سيتم منعهم لأنهم اتصلوا بالشخص الخطأ مرة لتقديم العزاء، أو صافحوا الشخص الخطأ في الشارع، أو لأن ابن عمهم الشخص الخطأ».

أما محمد فارس (25 عاماً)، وهو نازح يعيش في دير البلح بعد تدمير منزله في مدينة غزة، فقال إنه يحاول ترميم منزله ولا يريد الانتقال إلى مكان آخر:

«لا أرى أي فائدة من هذا البرنامج. نريد إعادة بناء منازلنا في غزة. جذورنا هناك».

زر الذهاب إلى الأعلى