من سيكسب الرهان في حرب اليمن!!!
[su_label type=”warning”]كريترنيوز /مقالات /خاص[/su_label]
بقلم: وليد ناصر الماس.
لم تنته الحرب بعد، ولكن نستطيع القول بمشارفتها على قمة الانتهاء.
الخلاصة المستوحاة من خضم هذه الحرب، هناك أطرافا استفادة من الحرب، واستثمرت مدخلاتها بأكبر قدر، ووظفتها أحسن توظيف خدمة لمشروعها، وبالمثل هناك أطرافا أخرى تقف على النقيض من ذلك تماما، حيث خسرت الشيء الكثير في هذه الحرب.
يتبادر إلى ذهن القارى والمتابع سؤال عفوي، من المستفيد من حربنا هذه ومن يا ترى الخاسر منها؟.
فلو القينا نظرة متعمقة إلى طبيعة الصراع الراهن، والأطراف المشاركة فيه، وطبيعة تلك المشاركة ومستواها، لوجدنا إن الحوثيين في الشمال وطالبي الاستقلال في الجنوب، هما الخاسر الأكبر والمتضرر الأول في هذه الحرب، بينما نجد إن التجمع اليمني للإصلاح المستفيد الأفضل والأوحد منها.
فعلى الصعيد الشمالي، فقد خسر الحوثيون الآلاف من مقاتليهم والمئات من قياداتهم في جبهات القتال المنتشرة على طول البلاد وعرضها، فضلا عن خسارتهم للتأييد الشعبي الذي حضى به مشروعهم في البداية، فقد تضررت سمعتهم في الشمال بشكل لافت، وتبدلت صورتهم وتغيرت انطباعات الناس عنهم، ودخلوا في خصام مع مختلف الكتل السياسية والقوى الفاعلة هناك، ومنها حزب المؤتمر الشعبي العام أكبر الأحزاب في الشمال والذي كان من أكثر المؤيدين لهم وتيار الناصريين وغير ذلك من مكونات سياسية واجتماعية.
كما توحي المقدمات الموضوعية التي يمكن استخلاصها من واقع الصراع، بعدم قدرتهم على الاندماج المباشر أو الانصهار مع بقية المكونات السياسية على الساحة، في أية تشكيلة سياسية حكومية قادمة.
كما افتقدوا وبشكل تدريجي لحاضنتهم الشعبية في إقليم أزال، الذي طالما راهنوا عليه باعتباره المعقل الرئيس للمذهب الزيدي، في ضوء ظهور كتل سياسية أكثر اعتدالا كنتيجة مباشرة للصراع قد تخطف الإقليم من إيديهم تماما.
وعليه يتعين على صناع القرار في مكون انصار الله، الالتفات إلى تلك التداعيات الراهنة والخطيرة بحكمة وبموضوعية، والحفاظ على ما يمكن الحفاظ عليه من مكاسب سياسية تحققت لسلطتهم في الآونة الأخيرة.
كما يتحتم على المفاوض الحوثي في أي مفاوضات قادمة، إن يكون على مستوى عال من اليقضة والمسئولية، وأكثر إدراكا للمخاطر الناجمة عن التطورات الميدانية، والحرص على إن تجرى أي مفاوضات في حينها، والسعي في ذات السياق لإنجاحها، بالوقت الذي يمتلك فيه تكتلهم زمام المبادرة، اعتمادا على المعطيات على الأرض، لتحقيق القدر اللازم من المكاسب السياسية المرضية، حفاظا على ماء الوجه.
نتمنى على الحوثيين في هذه المرحلة تحديدا، إن يكونوا أكثر حصافة وعقلانية، في تعاطيهم مع الأحداث السياسية المتسارعة.
أما الخاسر الآخر في هذه الحرب جنوبا، فهم الجنوبيون المتطلعون لاستعادة الدولة الجنوبية على خريطة ماقبل عام 1990م، وحين نتحدث عن جنوبيين مطالبين باستعادة الدولة، فإننا نميز في ذلك بينهم وبين الجنوبيين المنضويين تحت سلطة الشرعية، وبعض الجماعات التي تقرأ ترمومتر الصراع بمنطق طائفي.
فقد خسر هؤلاء الجنوبيون المئات من خيرة رجالاتهم، إن لم يكونوا بالآلاف، وذلك في معارك تجري رحاها خارج حدود بلادهم أي على أرض الشمال، وكان من الممكن الاستفادة من هؤلاء في حفظ الأمن المهترى داخل مدن بلدهم وصيانة حدودهم.
وعلى نفس الصعيد فقتال الجنوبيين في الشمال يخدم مشروع حزب الإصلاح في اليمن، ويوفر عن الأخير الكلفة في الرجال والعتاد، ويساهم في بسط سلطتهم ونفوذهم على تلك المحافظات.
فقد تمكن الإصلاحيون بحنكتهم السياسية وقراءتهم المتأنية والدقيقة لمسرح الأحداث، منذ سقوط عمران وحتى التدخل العسكري السعودي في اليمن، من تحويل خسائرهم مع الحوثيين المتمثلة بسقوط صنعاء نهاية عام 2014م وانهيار الفرقة الأولى مدرع، وخسارتهم لحكومة با سندوة المسيطرين عليها، تمكنوا من تحويل كل تلك الهزائم إلى انتصارات، وذلك من خلال استثمارهم الأمثل للتدخل المباشر للتحالف السعودي في اليمن.
فقد استطاعوا تعويض خسائرهم تلك من خلال السيطرة على محافظة مأرب النفطية شمال شرق البلاد، وبناء جيش ضخم وبتمويل سعودي مباشر، والتحكم في مفاصل الحكومة الشرعية وقراراتها.
كما لم يرغب هؤلاء في تكليف أنفسهم مشقة عناء تحرير محافظات الشمال من الحوثيين، بل ألقوا بكل ثقل تلك المسئولية الجسيمة على كاهل التحالف السعودي، فأرسل بالمقاتل الجنوبي شمالا، واكتفى الأخير بتوفيره للدعم والإسناد الجوي، الأمر الذي فاقم من معاناة وخسائر الجنوبيين المتلاحقة.
فما إن تضع الحرب أوزارها، ويدعى الجميع للدخول في مفاوضات سياسية مباشرة، يكون الإصلاحيون حينها جاهزين للدخول فيها، وفقا للمكاسب التي أحرزها حزبهم في هذه الحرب، وبناء على رؤيتهم السياسية التي دأبوا دوما عن التحدث بها، والمتمثلة في المرجعيات الثلاث، والتي تتصادم في مجملها مع المشروع الجنوبي التحرري، وهو الأمر الذي قد يحدث صدمة غير متوقعة لا يمكن للشارع الجنوبي إن يتقبلها أو إن يتعاطى معها بإيجابية.
مشروع حزب الإصلاح يعتمد في طرحه السياسي على الأرضية الصلبة التي توفرها له المملكة السعودية، باعتباره وقياداته الحليف الموثوق الذي يمكنه حماية مصالحها والحفاظ على نفوذها في الداخل اليمني بعد إن أفل نظام صالح.
وعلى كل ما سبق ينبغي على الجنوبيين اليوم وقبل الغد، ممثلين بمجلسهم الانتقالي، بوصفه الحامل الوحيد لهمومهم ومشروعهم السياسي، الاستعداد للقادم الغامض، بخطى واضحة وأكثر عملية، وتهيئة الشارع المحلي والمفاوض السياسي لذلك القدر المحتوم، بالتوازي مع العمل الميداني من خلال تضييق الفجوة بين التشكيلات العسكرية، كخطوة أولى لتوحيدها، تحت رأية المشروع الوطني الجنوبي، بما يسهم في تقوية الموقف التفاوضي الجنوبي.
والله على ما نقول شهيد.