مقالات وآراء

الشهادة الجامعية في عدن.. ورقة لا قيمة لها  

كتب: محمد خالد

بين من فرضت عليه الظروف إكمال الدراسة في جامعات عدن لينهي المسار التعليمي الشاق بالبطالة أو اللجوء إلى عالم التجارة الحرة، ومن حالفه الحظ في الحصول على منحة جامعية للدراسة في جامعة أوروبية أو عربية تقدم للمتفوقين فرصة للدخول في عالم الشغل من بابه الواسع، تبرز حقيقة لا يمكن أن ينكرها عاقل، وهي أن التفوق العلمي لا يمكن أن يصل إلى نتيجة إذا كان الوطن لا يوفر الظروف المناسبة للنجاح ولا يعترف بمبدأ تكافؤ الفرص وإعطاء كل ذي حق حقه.

 

ألقى الاحتلال اليمني المستمر منذُ 1994م بأوزاره على الحياة الأكاديمية في الجنوب و العاصمة عدن خاصة، وأفرغها من محتواها، نظرا إلى صعوبة الوضع المالي للمجتمع، التي تعتمد في الأساس على رسوم تسجيل الطلبة لتفي بالتزاماتها الضرورية، مثل رواتب الأكاديميين والإداريين، ولم يعد بإمكانها توفير الظروف المناسبة للبحث العلمي خاصة مع تدهور البنية التحتية فيها، و تعرض العديد من مباني الجامعات ومنشآتها للتدمير المفتعل نتيجة العنف السياسي من قبل العربية اليمنية، وهو ما جعل منظومة البحث العلمي متخلفة غير مواكبة للتطور التكنولوجي.

 

وتحولت الشهادة الجامعية إلى ورقة لا قيمة لها في ظل هذا الاحتلال الهمجي لتتضاعف مأساة العديد من الطلبة وتتبخر جهودهم ويجدوا أنفسهم أمام بطالة مزمنة، توازي بين الطالب المتفوق وبائع الخضر في سوق البسطات.

 

وضع مزر تعرفه جامعات عدن بسبب انهيار البنية التحتية وغياب الدعم المالي الكفيل بإصلاح مخلفات هذا الاحتلال، فالطالب وفق المفاهيم الحديثة للتعليم هو جوهر العملية التعليمية.

 

اصبح التعليم تعليماً أجوف لا يعطي الطالب في نهاية دراسته الجامعية إلا شهادة لا قيمة لها، ثم يرهن الوضع الاقتصادي مصير 75 في المئة من المتخرجين أمام حتمية البحث عن مصدر رزق، حتى وإن لم يكن متوافقا مع تخصصاتهم، ليذهب تحصيلهم العلمي سدى.

 

قليل من المحظوظين اد لم يكن “ابن مسؤول” تمكنوا من الظفر بمنحة جامعية خارج عدن، على الرغم من أن الواسطة تتدخل في الكثير منها، وسهل لهم ذلك الحصول على جودة تعليم تمكنهم من التحصيل في الظروف المناسبة التي تسمح باكتساب الكفاءة والتقدم في المسار المهني، ومع توفر فرص العمل بنظام الساعات في العديد من الدول الأوروبية، ساهم هذا في تحسين الوضع المعيشي للعديد من الطلبة، كما مكنهم من المساهمة في رفع المعاناة والغبن عن عائلاتهم الفقيرة من خلال إرسال بعض الإعانات المادية إليها.

 

تداعيات الوضع في الجنوب وانعكاسات ذلك على المسيرة التعليمية تهدد بشكل خطير محتوى التعليم العالي، وبالتالي الأهداف المتوخاة والتي يقع في جوهرها تنمية وتطور المجتمع، وزيادة معارفه وحل مشاكله. بل يدفع إلى تخلف المجتمع وجعله عصيا على التنمية والتطور، حتى في حال تم الخروج من الوضع الراهن مستقبلاً.

 

التخلص من الآثار التدميرية الناجمة عن انهيار التعليم يحتاج إلى سنوات كثيرة، لاسيما في ظل ما كرسه من حالة ضعف في مؤسسات التعليم العالي وقدرتها على القيام برسالتها على الشكل المطلوب.

زر الذهاب إلى الأعلى