الجنوب وأزمات الحرب الاقتصادية والخدمية والسياسية وصمود شعب في وجه المؤامرات
كتب: أبو مرسال الدهمسي
تعيش محافظات الجنوب أوضاعاً صعبة ومعقدة على جميع الأصعدة، وسط حرب مزدوجة لا تقتصر على الجانب العسكري الذي يشنه الخصوم من تلك قوى الحوثي والإرهاب والجماعات المعادية لشعبنا وقضيته ، بل تشمل أيضاً حرباً خدمية واقتصادية تهدد استقرار الحياة اليومية للمواطن الجنوبي الذي يمتلك ثروات وخيرات كبيرة في بلاده تجعله ينعم بالغناء وليس الفقر وذهاب ما تنعم به أرضه من خيرات وموارد إلى جيوب الفاسدين في الداخل والخارج من أعداءه .!
حرب متعددة الجوانب جعلت أبناء الجنوب يعيشون في مؤامرة مستمرة، وفي ظروف بالغة الصعوبة، تجعلنا أمام خيارات مصيرية ولا نكون مكتوفي الأيدي ونحن نرى هذه الفوضى والأوضاع المعيشة الصعبة والمعاناة والعبث ونهب ثروات ارضنا ومواردها .!
رغم هذه التحديات التي يواجهها شعبنا في الجنوب، فإنه لا يمكن مقارنة أوضاعه بتلك التي يعاني منها أبناء الشمال وفي العاصمة اليمنية صنعاء المحتله.، رغم ارتفاع الأسعار والتدهور المستمر للعملة المحلية، ورغم انقطاع التيار الكهربائي بشكل شبه دائم، يظل المواطن الجنوبّي أكثر قدرة على التمتع بالحرية والكرامة والأمن مقارنة بشقيقه في الشمال الذي يعاني تحت وطأة سلطات جماعة الحوثي الإيرانية.
في الجنوب، يجد المواطن نفسه محاطًا بمجموعة من النعم التي يصعب إيجادها في المناطق الشمالية. ففي الوقت الذي يعاني فيه الشمال من قمع الحريات وتقييد التعبير، يتمتع الجنوبيون بحرية في الرأي والباب مفتوح للجميع للتعبير عن أنفسهم دون خوف من الملاحقة أو الاعتقال. وفي الجنوب أيضًا، لا يشعر المواطنون بالرقابة الدينية المشددة التي فرضتها جماعة الحوثي في المناطق التي تسيطر عليها، حيث أن هذه الجماعة قامت بتغيير المناهج التعليمية بشكل يتنافى مع الدين والموروث الثقافي للأجيال القادمة. إضافة إلى ذلك، فإنه يعاني سكان الشمال من أوضاع اقتصادية قاسية تفوق ما يواجهه الجنوبيون، حيث يعيش المواطنون في مناطق سيطرة الحوثيين في فقر مدقع، مما جعلهم غير قادرين على توفير قوت يومهم.
وفيما يتعلق بالجانب الخدمي، فإن الوضع في الجنوب ليس مثاليًا على الإطلاق، لكنه يبقى أفضل بكثير من الشمال. فالجنوب يعاني من أزمة كهرباء خانقة، وتدهور في جودة التعليم والصحة وظروف ومؤامرات أخرى مسيسة تتعلق بالخدمات الأساسية. لكن رغم هذه التحديات، يظل الجنوب يتمتع بقدر من الاستقرار الأمني والأمان الذي توفره القوات المسلحة الجنوبية والأمن الجنوبي، والذي يعجز الشمال عن توفيره لمواطنيه. ففي الجنوب، لا يزال المواطن يتمتع بالأمن وقدر من الحرية في الحركة والتنقل، بينما في الشمال، يواجه الناس ضغوطاً شديدة حتى في حياتهم اليومية، بما في ذلك قيود على حرياتهم الدينية والثقافية.
وفي مواجهة هذه الأوضاع، يبرز التساؤل المهم: ما هو الطريق الأنسب للمضي قدمًا؟ كيف يمكن للجنوب أن يواجه هذه الحروب المزدوجة ويحقق تقدماً نحو استعادة حقوقه المشروعة؟ من المهم أن يتوحد أبناء الجنوب في مواجهة هذا الواقع الصعب، وأن يتضافر الجميع للعمل على تعزيز القوة الاقتصادية والسياسية لمواجهة محاولات العبث ونهب الثروات. يجب أن يكون الهدف الأسمى هو استعادة دولتنا الجنوبية كاملة السيادة وانتزاع جميع الحقوق المشروعة لشعب الجنوب، وإيقاف كل أشكال العبث والتخريب الذي تسعى قوى الاحتلال اليمني وأعوانها لفرضها على الشعب وتكريس احتلالهم لأرضه الطاهرة وثرواته.
لا بد من اتخاذ خطوات عملية لإنهاء التحديات الخدمية والاقتصادية، ومن الضروري أن تتضافر الجهود الوطنية لإعادة بناء المؤسسات الخدمية والاقتصادية على أسس من الكفاءة والمهنية من أبناء الجنوب وما أكثرهم معنا التركيز على الكوادر والقادات والكفاءات الجنوبية بدلاً عن أبناء الشمال في أي مؤسسة في الجنوب. كذلك يجب إيقاف الفساد والتلاعب بالثروات، والتأكيد لكا العالم بأن أي ثروة تنتج من هذه الأراضي الجنوبية لا تذهب إلا لصالح شعبنا وتبقى لأجياله القادمة. وهذا المنطق الصحيح.
إن القوي في الجنوب هو الذي يفرض إرادته، ويسعى لتحقيق التنمية المستدامة، ويواجه التحديات مهما كانت صعبة. وفي النهاية يجب أن يكون الجنوبيون على يقين بأن قوتهم في وحدتهم وعزمهم على استعادة حقوقهم ودولتهم كاملة، وأن الحرب على الخدمات والاقتصاد لن تؤثر على عزيمتهم في محاربة الفساد وتحقيق السلام والعدالة في أرضهم أو ثناء شعبنا الحر عن مواصلة المشوار حتى تحقيق المطالب والأهداف الوطنية والتحرير والاستقلال الناجز.