30 نوفمبر ذكرى ملحمة في مواجهة الاحتلال البريطاني في الجنوب

كتب: نوال أحمد
حيث يمثل تاريخ عدن حكاية تاريخية في مواجهة الاحتلال البريطاني لا تنتهي، نحتت في ذاكرة الزمن، لتصبح المدينة رمزًا لا يقهر من رموز النضال والتصميم و منذ عام 1835، حين أُرسِل الكابتن هينز لاستكشاف غايات الاستعمار البريطاني، بدأت الرحلة نحو الظلم والمعاناة، ولكن في قلب هذه المعاناة ولدت روح المقاومة في الجنوب
في عام 1839، قُصفت عدن، تلك المدينة الساحلية التي كانت تعانق البحر، بفعل مدافع استعماريّة وحشيّة. لطالما كان أبناءها الأبطال، الذين واجهوا قوات مُسلّحة تمتلك من أدوات القوة ما لا يُحمد عقباه، يدافعون عن أراضيهم في أجواء من التحدي. لكن القصف البريطاني لم يكن مجرد هجوم؛ بل كان تجسيدًا يوميًا لصور الألم والخسارة، حيث كان يُعرف أن عدن لم تكن مجرد أرض، بل كانت قلبًا نابضًا يرفض الانكسار.
وتحت سيطرة شركة الهند الشرقية، تحولت عدن إلى نقطة استراتيجية تمثل معبرًا تجاريًا، لكن هذا التغيير مسّ حقوق أهلها بشكل قاس. رغم كون المدينة مُثلى لأضواء التجارة والازدهار، كانت حياة سكانها محاطة بالفقر والإهمال. تزايد الاستياء والاحتجاجات في خمسينيات القرن الماضي ما يُظهر سعيهم الهائل لنيل حرية مُستحقة، على الرغم من التحديات العديدة.
جاء يوم 30 نوفمبر 1967، ليُضيء سماء الاستقلال، حيث تجسدت فيه أحلام الأجيال في لحظة تاريخية غالية. كانت تلك اللحظة إيذانًا بنهاية الاحتلال، وبداية جديدة للجنوب. أصبح هذا اليوم رمزًا للكرامة والنصر، يتجلى في قلوب أبناء عدن، محركًا لمشاعر الفخر والاعتزاز.
اليوم، في الذكرى السابعة والخمسين لاستقلال الجنوب، تخرج جماهير الجنوب بشغف إلى الشوارع، تحمل الأعلام الوطنية التي تهف على أنغام الأمل، وتدق قلوبهم بحماس. تُسخر المشاعر المجيدة لتعبر عن تاريخ مليء بالتحدي والتضحية، حيث يتجدد الوعد بالاستمرار على الدرب الذي سلكه الشهداء.
وفي تحت قيادة المجلس الانتقالي، ينظر الجنوبيون إلى الأفق بعيدًا، آملين في مستقبل أفضل. إن احتفالاتهم ليست مجرد طقوس للذكرى، بل هي توقيع جديد على الالتزام بالعزيمة والشجاعة. يتحد المجتمع الجنوبي على دعوة واحدة لبناء دولة عادلة تعبر عن آمالهم وأحلامهم.
وفي كل زاوية من زوايا عدن، تُحيي الكلمات عواطف الأمل والتفاؤل، مذكِّرة الناس بالعزم على البناء والتقدم نحو مستقبل مشرق يُروى فيه تاريخهم بشجاعة وأصالة. وبكل قلوبهم، يواصل الجنوبيون الكتابة في صفحات مسيرتهم، مُجسدين إرث الشهادة والكفاح في كل احتفالية تُضيء سماءهم، إحدى علامات النصر الأبدية على قوى الظلام.