مقالات وآراء

جنوب ينتصر وشمال يشتعل.. رؤية من قلب الأزمة اليمنية

كتب: ناصر علي العولقي

في خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها اليمن، أجد نفسي مضطرًا إلى تسليط الضوء على التباين الصارخ بين ما يعيشه الجنوب والشمال من واقعين مختلفين تمامًا. فبينما يحتفل أبناء الجنوب بانتصاراتهم ويشيدون بقيادتهم التي قادتهم إلى بر الأمان رغم التحديات والمؤامرات، يعاني إخواننا في الشمال تحت وطأة القصف والمعاناة الإنسانية التي لا تُطاق.

في الجنوب، نشعر بالفخر بما تحقق من إنجازات على الرغم من الصعوبات التي واجهناها. لقد استطعنا، بتضحيات أبنائنا وجهود قيادتنا السياسية، أن نحقق استقرارًا نسبيًا في مناطقنا. هذه الانتصارات ليست مجرد كلمات تُقال، بل هي نتاج سنوات من الكفاح ضد التحديات التي واجهت أمننا واستقرارنا. لقد واجهنا مؤامرات عديدة، لكن إرادتنا كانت أقوى، وها نحن اليوم نحصد ثمار جهودنا.

لكن هذا لا يعني أن الطريق أصبح مفروشًا بالورود. فما زالت هناك تحديات كبيرة تواجهنا، وما زالت المؤامرات تُحاك ضد أمننا. ومع ذلك، فإننا واثقون من أن قيادتنا قادرة على مواجهة هذه التحديات وقيادتنا إلى مستقبل أفضل.

في المقابل، فإن الوضع في الشمال يختلف تمامًا. فتحت سيطرة مليشيات الحوثيين، يعاني الشمال من ويلات الحرب التي لا تُطاق. الأهالي هناك يصرخون من شدة الانفجارات، والمدن تتفجر حممًا. صنعاء، العاصمة التاريخية لليمن، تتعرض لقصف عنيف، مما يؤلمنا جميعًا. فصنعاء ليست مجرد مدينة، بل هي رمز للتاريخ والثقافة العربية.

ومع ذلك، فإننا لا نستطيع أن نغفل عن حقيقة أن الحوثيين يمثلون تهديدًا لنا في الجنوب. فهم يوجهون أسلحتهم نحونا ويحشدون قواتهم على حدودنا، استعدادًا لاحتلال أراضينا. كما أنهم يحاولون طمس عقيدتنا ونشر طقوس لا نتفق معها، مما يزيد من تعقيد الأزمة.

في خضم كل هذا، تبقى الأزمة الإنسانية هي الأكثر إلحاحًا. فملايين اليمنيين يعانون من نقص الغذاء والدواء والمياه النظيفة. الأوضاع الإنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم، والمدنيون هم الذين يدفعون الثمن الأكبر لهذا الصراع.

لقد شهدنا مؤخرًا تصعيدًا عسكريًا كبيرًا، حيث تشن القوات الأمريكية غارات جوية على مواقع الحوثيين ردًا على هجماتهم على السفن التجارية في البحر الأحمر. هذه الغارات، وإن كانت تستهدف الحوثيين، إلا أن تأثيرها يطال المدنيين أيضًا، مما يزيد من معاناتهم.

في النهاية، فإن الحل الشامل للأزمة اليمنية يتطلب معالجة هذه التعقيدات المتداخلة. نحن بحاجة إلى جهود دولية وإقليمية لوقف العنف وإيجاد حل سياسي شامل يضمن الأمن والاستقرار لجميع أبناء الشعب اليمني.

كما أننا بحاجة إلى دعم إنساني عاجل لتخفيف معاناة المدنيين الذين يعيشون في ظروف لا تُحتمل. فاليوم، أكثر من أي وقت مضى، يجب أن نعمل معًا لإنهاء هذه الأزمة التي طال أمدها.

في رأيي، فإن الحل الأمثل لهذه الأزمة المعقدة يتمثل في تلبية مطالب الجنوبيين بالإسراع في إعلان دولة الجنوب مستقلة. هذا الحل ليس مجرد خيار سياسي، بل هو ضرورة تاريخية وواقعية تفرضها الاختلافات العميقة بين المنطقتين في الثقافة، التاريخ، وحتى التطلعات السياسية.

فالجنوب، بقيادته وتضحيات أبنائه، أثبت قدرته على تحقيق الاستقرار النسبي وإدارة شؤونه بشكل مستقل. أما الشمال، فيحتاج إلى إعادة بناء مؤسساته بعيدًا عن سيطرة المليشيات، لضمان مستقبل آمن لأبنائه.

إعلان دولة الجنوب المستقلة لن يحل فقط مشكلة الصراع الحالي، بل ستفتح الباب أمام تعاون بناء بين الجنوب والشمال، يعتمد على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، بدلًا من الصراع والتدخلات الخارجية.

ختامًا، فإنني أدعو الجميع إلى النظر إلى اليمن ليس فقط كساحة صراع، بل كبلد غني بالتاريخ والثقافة، يستحق أن يعيش أبناؤه في سلام واستقرار. فلنعمل معًا من أجل تحقيق هذا الهدف.

ناصر علي العولقي
16 مارس 2025

زر الذهاب إلى الأعلى