الجنوب على صفيح صيف ساخن يفسد فرحة العيد

بقلم اللواء/ علي حسن زكي
إن شعب الجنوب يعاني أسوأ وأقسى مرحلة في حياته المعيشية والخدمية، لم يشهد لها مثيل من قبل: مجاعة وعطش ومرض وفقر وظلام، تدهور مريع في قيمة العملة المحلية الشرائية، وارتفاعات سعرية أثقلت كاهل الأسر، وغياب للخدمات العامة واستمرار أزمة الكهرباء والماء، وعدم تسليم الموظفين لرواتبهم في وقتها المحدد على ضعفها، وغياب الوظيفة العامة للشباب وأثر ذلك على التعليم والتحصيل العلمي والتسرب، وطفح مجاري الصرف الصحي وانتشار الحميات، والقائمة تطول.
إن أوضاع معيشية وخدمية كهذه فضلاً عن عدم قدرة الأسر على شراء أضاحي العيد، ليس بسبب ارتفاع أسعارها ولكن لقلَّة ما باليد أيضاً، إن كل ذلك قد وضع شعب الجنوب على صفيح صيف ساخن وأفقد الأسر والأطفال فرحة العيد، ولسان حالهم يقول (عيد بأية حال عدت يا عيد؟!).
إن خروج حرائر الجنوب قبل أحراره إلى ساحات وميادين النضال السلمي لم يكن ترفاً، ولكن نتيجة لجور المعاناة، فيما خروج الأم المرضعة وترك ولدها الرضيع في البيت، والحامل وهي تعاني آلام الحمل، والمسن وهو يمشي ويترنح، وصياح المتزوجة ونواح الأرملة والثكلى “وامعتصماه أولادنا يتضورون جوعاً”، إن ذلك لم يكن فائض وقت وللتسلية، لقد عكس الشعار الذي تم رفعه بالاحتجاجات واختزل كل تلك المعاناة وعبّر عنها (الشعب يُريد حياة كريمة).
وفقاً لصحيفة “الأيام” الغرَّاء، في عددها ليوم الإثنين ١٩ مايو 2025، أكد الشيخ عبدالرحمن شيخ عضو هيئة التشاور والمصالحة الوطنية، وكيل العاصمة عدن لشؤون المديريات أن “الأزمات المعيشية والخدمية بعدن تستوجب تغيير وإعادة هيكلة السلطات، بما فيها الرئاسي وتشكيل حكومة كفاءة مهنية، وتغيير السلطات المحلية في المحافظات وإعطائها صلاحيات حكم واسعة، هو المدخل للتنمية والبناء واستعادة كرامة الناس المهدورة من قبل الفاسدين”.
وأضاف بأن “التظاهرات الاحتجاجية التي شهدتها عدن، قد كشفت عن تجاوز المواطنين مرحلة الغضب من تردي الأوضاع المعيشية إلى مرحلة أسوأ تتسم بالكُره لكل المكونات المشاركة في السلطة الغارقة في الفساد” حد قوله.
وفي اجتماعه الأخير يوم الأحد ٢٥ مايو 2025، وبمشاركة عدد من ممثلي الفعاليات المدنية، أعلن اتحاد نقابات عمال الجنوب عن منح الحكومة مهلة لمدة أسبوعين إلى ما بعد عطلة عيد الأضحى لتنفيذ معالجات حقيقية للأزمات المتفاقمة، وتحسين أوضاع الموظفين والعمال في الجنوب، وما لم يتم تنفيذ ذلك فقد توعَّد – وبحسب بيانه الصادر عن الاجتماع الذي أعادت نشره صحيفة الأيام المواكبة للحدث في عددها الصادر يوم الإثنين ٢٦ مايو 2025 – توّعد بتصعيد الاحتجاجات الميدانية حيث سيتم خلال المهلة وضع آلية مُزمَّنة لذلك.
لقد نفد الصبر وأحوال الناس لم تعد تحتمل المزيد.