حفيدات نجوى مكاوي

كتب / نادرة حنبلة
تعالت الأصوات المنادية بتحسين الأوضاع وقيام الحكومة بمسؤولياتها من سنوات. وفي كل تظاهرة يحدت العكس تماماً، تردت الأوضاع إلى مستوى رهيب، فلا راتب يقبض بموعده وإن قبض لا يفي بمقتضيات الحياة البسيطة جداً. تفاقمت الحرب ضد المناطق المحررة لترتقي لمستوى الإبادة، عن طريق تردي الخدمات ورفع الأسعار وتعويم الريال والبيع بالسعودي والدولار، فضاقت بجنوب الجياع وصرخ الجوع “كفى” لا ضمير، لا مسؤولية، لا إحساس، يحمل أملاً بقليل من العدالة.
ضاعت سنوات الحراك وتصفية محاولات إنعاش القضية الجنوبية، بعدما وصلت إلى مداها في سماء السياسات الدولية، محاولات بائسة وبائسة جداً، وكأنما قولهم “اتركوا قضيتكم وسنعيد كل شيء”. الشعب قدم شهداء وجرحى لن يقبل أبداً بالمساومة الفاشلة. امعنوا في التعديب فأمعن الشعب في الثبات والإصرار وحمل علمه عالياً.
اليوم هم يحاربون علم الجنوب، يثيرهم هذا العلم لأنه يذكرهم بحجم خسائرهم من ثروات الأرض الجنوبية التي تنهب كل يوم وعائدها لجيوبهم، وإلا لماذا هذا الحقد على علم حملناه صغاراً ثم شباباً ثم شيوخاً، رمز الجنوب الحر رمز الأصالة والقوة.. فهاجت الأنفس من كثرة الضغط لندفع بحفيدات نجوى مكاوي للخروج والمطالبة بعيشة كريمة، عدالة اجتماعية، ولا للإبادة بقطع الماء والكهرباء ورفع الاسعار وغياب الراتب. خرجت نساء عدن ليرفعن مطالبهن ويسمعن العالم صوتهن: نحن من قاد التظاهرات ضد الاستعمار البريطاني، وخيرات سيدات عدن سجنَّ ومنهن من قمعن، وظلت المرأة في عدن تطالب بالاستقلال ومن ثم وبعد الاستقلال توجهت لبناء الدولة الجنوبية بكل اقتدار وإصرار لبلوغ النجاح، وكان قانون الأسرة خير مثال، ومساواتها بالرجل في الحقوق مثّل مفترق طريق لتبلغ الساحات الدولية بكل احترام وتقدير.
نكبتنا الوحدة التي أضاعت مكتسبات كل شيء، وأضاعت رونق الجنوبيات بحرب ذكية ضد المجتمع الجنوبي المتقدم علمياً وثقافياً، لكن عادت المرأة للنضال ضمن الحراك وتلقت الكثير من الانتهاكات والمطاردات من قبل جحافل الأمن المركزي التابع لصنعاء اليمنية، وانتصرت وعادت المرأة لتكون قوة لا يستهان بها. خرجت بعد أن طالها التعذيب وصبرت، فهي أم الشهيد والجريح والجائع والسجين، نعم لا للتعذيب.
حكومات متعاقبة فاشلة، أكثر ما فعلته تنصيب الأهل، ومحاولة تركيع الجنوب، وتعبئة الجيوب، ووضع سماعة الأذون، هذه حكوماتنا المتعاقبة، واليوم تلميع نظام أغلق علينا الحياة، لا ولن تقبل، وعلمنا سيظل يرفرف ليذكركم بشعب طحنتموه لتبقوا، جهلتموه لتظلوا، اوجعتموه لتسموا، أشبعتموه صبراً، وهنا عجزتم، ففي الأصل شعبنا صابر ولن ننالوا منه.
حقيقة، ثباتنا أمل في صدورنا بأن نستعيد دولتنا، ونعمل لنهضتها ونعالج الأخطاء ونصحح المسار..
تحياني لنساء عدن حفيدات نجوى مكاوي من القلب، كنتن وما زلتن اللآتي يعتمد عليهن، بلغتن سماء العالم لصرخاتكن.