مقالات وآراء

التحكيم في مسابقة الشعر الشعبي..مسؤولية صعبة ومهمة شاقة..!

كتب: د. علي صالح الخلاقي

التحكيم في مسابقة كبرى للشعر الشعبي، يشارك فيها مئات الشعراء الطامحين للفوز بلقب “أمير الشعر الشعبي”، ليس بالأمر السهل على أعضاء لجنة التحكيم، مهما بلغت خبرتهم ومكانتهم الأكاديمية.
أقول ذلك من واقع تجربتي الشخصية حين كُلّفت عام 2007 من قبل وزير الثقافة حينها، الدكتور محمد أبو بكر المفلحي، بعضوية لجنة تحكيم “مهرجان الشعر الشعبي اليمني” بصنعاء، ثم أسند لي الزملاء رئاسة اللجنة، بحكم اهتمامي بالشعر الشعبي وإصداراتي في هذا المجال. وقد شعرت يومها بثقل المسؤولية، رغم أن عدد المشاركين لم يتجاوز 150 شاعراً، وليس كمثل المسابقة الحالية التي بلغ عدد المشاركين فيها أكثر من 500 شاعر، ناهيك عن أولئك الذين تم استبعادهم لعدم التزامهم بشروط المسابقة.
وحقيقةً، فإنني أكاد أشفق على الزملاء الأساتذة: د. سالم السلفي ، د. علي الزبير، د. سعيد بايونس، لما يتحملونه من عبء ثقيل ومسؤولية كبيرة، وهم الذين نعرف عنهم النزاهة وسعة الاطلاع والتجرد الأكاديمي.
ومع إدراكنا لحجم الجهد المبذول، فإننا نتفهم أيضاً مشاعر أولئك الذين لم يحالفهم التوفيق، وقد يرون أن اللجنة أغفلتهم، أو اختارت من هو، في نظرهم، أقل موهبة أو تجربة. ومثل هذا النقد، وإن بدا قاسياً أحياناً، يظل طبيعياً في مثل هذه المنافسات المفتوحة. لكن النقد ينبغي أن يكون في حدود الأدب الذي يعد الشعراء من أربابه.
ومع ذلك فإننا نؤمن أن هذه المسابقة، مهما بلغ صيتها، لن ترفع من قدر شاعر موهوب فوق مستواه الحقيقي، كما أنها لن تُنقص من قيمة شاعر آخر لم يحالفه الحظ، أو ممن لم يشارك فيها وهم كثيرون وأكثر حضوراً وتأثيراً على الساحة الشعرية ممن تقدموا للمسابقة. فالشعر، كما يُقال، لا إمارة له، وهو ميدان مفتوح، يفرض فيه المبدع نفسه بإبداعه، لا بالألقاب ولا بالأوسمة.
وعليه، نأمل من كل شاعر لم يوفق أن يتعامل مع النتائج بروح رياضية، وألّا يقسو في أحكامه على من تصدوا لهذه المهمة الشاقة، التي قد يصيبون وقد يخطئون في بعض التقييمات، وجُل من لا يخطيء، ولو كان أحدهم في مكانهم، لرُبما واجه انتقادات مماثلة، فإرضاء الجميع غاية لا تُدرك.
وفي النهاية، ستظل ساحة الشعر مشرعةً لكل من يمتلك الموهبة والتميّز، فالمبدع الحقيقي يضيء طريقه بنفسه، وتصل كلماته إلى القلوب دون حاجة إلى مسابقة أو تصويت أو القاب.

21 يوليو 2025م

زر الذهاب إلى الأعلى