مقالات وآراء

وداعًا لبيع البُن بـ”الطاسة والربعي”.. آن الأوان للارتقاء بمحصول الذهب الأحمر!

كتب: محمد عوض العيسائي

في ظل التحديات التي تواجه زراعة البُن في اليمن، وأمام الفرص الذهبية التي تلوح في الأفق، بات من الضروري وقف أساليب البيع التقليدية لمحصول البن، مثل البيع بـ”الربعي والطاسة”، والانطلاق نحو أسواق العالم بجودةٍ واحتراف.
لقد آن الأوان لمزارعي البن أن ينهضوا بمنتجهم، ويقدموه إلى السوق مقشرًا، مدرجًا، لامعًا، خاليًا من الشوائب، ومعبأً في عبوات راقية تعزز قيمته التسويقية وتُدخله حلبة المنافسة العالمية، وهذا يتطلب تبني التقنيات الزراعية الحديثة من مرحلة البذرة إلى لحظة ارتشاف فنجان القهوة.
الخيار الأول: العمل التعاوني المنظم
أمام المزارعين طريقتان لا ثالث لهما؛ الأولى هي تشكيل جمعيات تعاونية متعددة الأغراض، كحل جذري لما تعانيه الزراعة في وديان اليمن. وندعو هنا جميع المزارعين إلى الإسراع في تشكيل هذه الجمعيات وفقًا لقانون التعاونيات رقم (39) لسنة 1998م.
يتم تأسيس هذه الجمعيات برأس مال من الأسهم.
تستقبل الدعم من الدولة والجهات المانحة وفقًا لنظامها الداخلي.
تعمل بشكل علمي ومنظم، بما يضمن تطوير العمل التعاوني، والارتقاء بمزارعي البن، وحل مشاكلهم بطريقة مستدامة وجذرية.
الخيار الثاني: تجهيز المحصول ذاتيًا واحترافيًا
الطريقة الثانية تتجسد في أن يقوم المزارع بتجهيز محصوله بنفسه، وذلك عبر:
شراء ماكينة تقشير صغيرة ومنخل تدريج (مقاسات 8، 7، 6، 5).
فرز وتلميع وفحص الحبوب الجيدة وبيعها مباشرة للأسواق العالمية عبر الإنترنت.
بيع الحبوب ذات الجودة العالية بالدولار للمقاهي العربية والعالمية.
الحبوب من المقاس 4 وأقل، تُحمص وتُطحن وتُعبأ في عبوات راقية تحمل العلامة التجارية والموقع الجغرافي للمزرعة، وتُسوق محليًا وعربيًا.
بهذا النهج، يتحول البن من مادة خام رخيصة إلى منتج فاخر مربح، ونفتح بوابة ثراء لن تُغلق بإذن الله.
التقنيات الزراعية والحقول المدرسية
لن نحقق النجاح إلا من خلال تطبيق التقنيات الزراعية الحديثة المبنية على التجربة والقياس. ومن هذا المنطلق، فإن المدارس الحقلية تعدّ الطريق الأمثل لنقل المعرفة الزراعية، شريطة التزام المزارعين المستهدفين بحضور الجلسات التطبيقية وتحولهم إلى خبراء ينقلون التجربة إلى مجتمعهم.
موسم مبشر.. فلتستعدوا جيدًا
موسم البن القادم، بحمد الله، يبشر بالخير. والمزارعون في عموم وديان اليمن يبذلون قصارى جهودهم. وندعو الله أن يسقي البلاد والعباد بالغيث، فالأمطار الموسمية هي المصدر الرئيسي لمياه هذا المحصول النقدي الوطني.
لكننا نحذر:
> بيع البن مجعّرًا بالكأس والطاسة، وتركه في المنازل عامًا كاملًا حتى يتحول إلى “خشب” بلا طعم ولا نكهة، هي جريمة اقتصادية في حق هذا المحصول الذهبي!
المادة الخام والمزارع الضحية
هل تعلم أخي المزارع أن أي محصول بعد الحصاد هو مجرد مادة خام؟
تقوم الشركات التجارية بشرائه بأسعار بخسة، ثم تحوله إلى منتجات استهلاكية مربحة، فيكسبون الملايين، بينما تبقى أنت -صاحب الأرض والجهد- أفقر الناس!
كيف نصنع الجودة ونربح؟
لضمان جودة عالية وتحسين المذاق، لا بد من:
فرز الثمار وتنظيفها من الشوائب والتالفة.
غسل الثمار وتجفيفها على أسرّة مرتفعة لتقليل الرطوبة.
رفع نسبة الجودة لأكثر من 90% وتقليل نسبة الفطريات والبكتيريا.
التخزين في أماكن جافة وباردة.
التحميص الدقيق لتحسين المذاق والرائحة وإطالة العمر الافتراضي.
كل هذه العمليات تعزز قيمة البن وتمنحه النكهة المميزة التي يعشقها الذواقة حول العالم.
تنبيه هام للجهات الداعمة:
ننبه مركز البحوث الزراعية ومنظمة الفاو وجميع الشركاء إلى ضرورة مراعاة مواسم الإزهار والحصاد:
حصاد البن الصيفي يبدأ في أكتوبر ونوفمبر 2025م.
حصاد البن الخريفي يبدأ في مارس وأبريل 2026م.
هذا الجدول الزمني يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار عند إعداد الخطط والمشاريع، لتفادي الأخطاء السابقة.
ختامًا…
أخي المزارع، رسالتنا إليك واضحة:
محصولك ليس مجرد ثمار، بل ذهب أحمر، فاحرص على تعلّم كيفية تحويله إلى منتج ذي قيمة حقيقية.
احفظه، حضّره، عبّئه، سوّقه، وارفع رأسك عاليًا، فأنت تزرع الكرامة والاقتصاد والهوية في آنٍ واحد.

زر الذهاب إلى الأعلى