مقالات وآراء

تحرير الاقتصاد من هيمنة المتحكمين بلقمة الشعب

بقلم: عبدالكريم أحمد سعيد

الواقع الاقتصادي الذي نعيشه اليوم ليس مجرد نتيجة لأزمات عابرة، بل ثمرة مباشرة لتحالف طويل بين السلطة السياسية ورأس المال المتنفذ، وعلى رأسه مجموعة هائل سعيد أنعم. فهذه المجموعة لم تنمُ في بيئة تنافسية، بل تحت مظلة امتيازات سياسية مكنتها من احتكار مفاصل الاقتصاد، وتحديداً في مجالات الغذاء والدواء، وهو ما انعكس بوضوح على حياة المواطنين، خصوصاً في الجنوب الذي تحول بعد عام 1990 إلى ساحة مفتوحة للنهب والإقصاء والتهميش.

استمرار هذا الاحتكار لم يعد مقبولاً. فالتلاعب بالأسعار، والتحكم في السوق دون حسيب أو رقيب، ومضاعفة معاناة الناس في ظل تدهور العملة والخدمات، يكشف عن ضرورة إصلاح اقتصادي عاجل يعيد للدولة دورها الرقابي ويحرر السوق من الهيمنة.

ولذلك، فإن تأسيس شركتين وطنيتين: واحدة للاستيراد وأخرى للتوزيع، إلى جانب إحياء التعاونيات الاستهلاكية وصندوق دعم السلع الاساسية، يمثل خطوة عملية نحو ضبط الأسعار ومنع الاستغلال. وفي قطاع الدواء، لا بد من إعادة تفعيل شركة الأدوية الحكومية لتتولى حصرياً استيراد وتوزيع الأدوية، حماية لصحة المواطن وضماناً للجودة والسعر العادل.

لقد أكد الرئيس القائد عيدروس الزبيدي مراراً على أهمية استقرار العملة والأسعار، لكن هذا لن يتحقق ما لم يكسر احتكار المتنفذين الذين يتصرفون ككيانات فوق الدولة، ويرفضون الانصياع لأي توجيه.

المرحلة تتطلب شجاعة في القرار وفتح المجال لرأس المال الوطني للمشاركة في بناء اقتصاد أكثر عدالة واستقراراً، ومايقوم به الرئيس القائد يصب في هذا الاتجاه. فلا نهضة تبنى في ظل تحكم قلة بثروة بلد كامل، ولا يمكن تحقيق سيادة حقيقية دون تحرير القرار الاقتصادي من قبضة الاحتكار.

زر الذهاب إلى الأعلى