بداية ملامح الدولة ترتسم.. إياكم العودة إلى الخلف

بقلم: أ. وليد الجعشاني
في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي عاشتها البلاد خلال السنوات الماضية، بدأت ملامح الدولة تعود لتتجسد على أرض الواقع، ويبرز الأمل في استعادة دور المؤسسات وهيبة القانون. إن هذه المرحلة الحساسة تتطلب السير بوتيرة عالية نحو تثبيت أسس الدولة وعدم السماح بعودة الفوضى أو التراجع.
لا يمكن لأي اقتصاد أن ينهض في ظل تقلبات حادة في سعر العملة المحلية. من هنا تأتي أهمية تكثيف الحملات الرقابية على سوق الصرف، وردع المضاربين والمتلاعبين، والعمل على استقرار سعر العملة عبر التنسيق بين البنك المركزي، والجهات الأمنية، والسلطات المحلية. استقرار الصرف هو أساس استقرار الأسعار والمعيشة.
استقرار السوق لا يكتمل إلا بمتابعة دقيقة لأسعار السلع الأساسية والاستهلاكية، ومحاسبة التجار الذين يرفعون الأسعار دون مبرر. يجب أن تعمل فرق الرقابة الميدانية على مدار الساعة لضمان وصول السلع للمواطنين بأسعار عادلة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
القرارات الحكومية ليست حبرًا على ورق، بل يجب أن تتحول إلى واقع ملموس عبر المتابعة الجادة، ومساءلة الجهات التي تتقاعس عن التنفيذ. التطبيق الصارم للقرارات هو ما يمنح الدولة هيبتها ويعيد الثقة بين المواطن والحكومة.
الإصلاحات ليست خيارًا بل ضرورة. من الضروري إعادة هيكلة الإيرادات والنفقات، وتنويع مصادر الدخل، وتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، مع إعطاء الأولوية للمشاريع الإنتاجية التي توفر فرص عمل وتحرك عجلة الاقتصاد.
المؤسسات القوية هي العمود الفقري لأي دولة. يجب إعادة بناء ما تهدم، وتأهيل الكوادر، وتفعيل دور الأجهزة الرقابية والمحاسبية لضمان الشفافية والنزاهة في إدارة الموارد.
لا إصلاح دون عدالة، ولا عدالة دون محاسبة. على الدولة أن تثبت جديتها في محاربة الفساد عبر إحالة الفاسدين، مهما كانت مناصبهم، إلى القضاء، واستعادة الأموال المنهوبة.
غاية كل إصلاح هي الإنسان. لذلك، ينبغي التركيز على تحسين الخدمات الأساسية من كهرباء ومياه وصحة ونقل، وضمان حصول المواطنين على احتياجاتهم بكرامة.
التعليم هو بوابة المستقبل. إعادة فتح المدارس وصيانتها، وتوفير المناهج والمعلمين، يشكل استثمارًا حقيقيًا في بناء جيل قادر على النهوض بالوطن.
لا عيب في التعلم من تجارب الدول التي مرت بظروف مشابهة ونجحت في تجاوزها. الاستعانة بخبرات وتجارب ناجحة سيسهم في تسريع عملية الإصلاح والبناء.
ختامًا، إن هذه المرحلة هي فرصة تاريخية لاستعادة هيبة الدولة وتعزيز ثقة المواطن. التراجع يعني العودة إلى الفوضى والفساد، والتقدم يتطلب الإرادة، والرقابة، والشفافية، والعمل بروح الفريق الواحد. إياكم العودة إلى الخلف.