مقالات وآراء

رواتب العسكريين والأمنيين.. أولوية وطنية لا تحتمل التأجيل

بقلم: فضل القطيبي

يتجدد في الأوساط الشعبية والرسمية مطلبٌ لا يقبل المساومة: صرف مرتبات الموظفين، وبالأخص العسكريين والأمنيين، بصورةٍ منتظمة ودون تأخير. فالرواتب ليست امتيازًا ظرفيًا بل حقٌ مكفول وركنٌ أساسي من أركان الاستقرار المعيشي والأمني على حد سواء.

خلال الأشهر الماضية، أدى تعثّر صرف المرتبات إلى تآكل القدرة الشرائية للأسر، وارتفاع مديونيات المواطنين، وتفاقم الضغوط على الخدمات الأساسية. غير أن الكلفة الأثقل تقع على كاهل منتسبي القوات العسكرية والأمنية الذين يواصلون أداء واجبهم في ظروف ميدانية حساسة، ما يستدعي وفاءً حكوميًا سريعًا بالتزاماتها تجاههم.

يرى خبراء الاقتصاد أن انتظام الرواتب ينعكس مباشرًا على تنشيط الحركة التجارية، إذ تُضَخّ السيولة في السوق وتنتعش قطاعات النقل والمواد الغذائية والخدمات الصغيرة، بما يخلق دورة اقتصادية مصغّرة تحدّ من الركود. وفي المقابل، فإن استمرار التعطيل يدفع إلى هجرة الكفاءات وتراجع الانضباط الوظيفي، ويضعف الروح المعنوية لدى حماة الأمن والجبهات.

وبينما يحمّل مواطنون الحكومة برئاسة رئيس الوزراء مسؤولية الإسراع في تأمين الموارد وتفعيل قنوات الصرف، يدعون إلى خطة شفافة وقابلة للقياس تتضمن الآتي:

1. تقويم فوري للفجوات التمويلية وإعلان جدول زمني واضح لصرف المتأخرات.

2. توسيع التحصيل والإيرادات عبر ضبط المنافذ والجباية ومنع التسرب المالي.

3. رقمنة كشوفات المرتبات وربطها بالرقم الوظيفي للحد من الازدواج والعبء الوهمي.

4. تحييد الملف المعيشي عن التجاذبات السياسية، فكرامة المواطن واستقرار الجبهة الداخلية أولوية تتقدم على أي حسابات أخرى.

5. إشراك الجهات الرقابية والمجتمعية في المتابعة والنشر الدوري للتقارير، ترسيخًا لمبدأ الشفافية.

في هذا السياق، يؤكد ناشطون ونقابيون أن رعاية أوضاع العسكريين والأمنيين ليست فقط وفاءً للتضحيات، بل شرطٌ لازم لتعزيز أمن المدن وخطوط الإمداد وحماية المصالح الاقتصادية. فحين يُطمأن الجندي إلى قوته وقوت أسرته، تتعزز الجاهزية وتترسخ الثقة بين المجتمع ومؤسسات الحماية.

إن تلبية هذا الاستحقاق العادل تمثل اختبارًا حقيقيًا لفاعلية الإدارة العامة وقدرتها على إدارة الأولويات. والمعالجات هنا لا تبدأ من الخطاب، بل من إجراءات عملية تُرى آثارها في حسابات الناس وبطاقاتهم المصرفية وكشوفاتهم الرسمية.

ختامًا، يجدد أبناء شعبنا دعوتهم للحكومة إلى صرف المرتبات فورًا وبانتظام، وخصوصًا مرتبات العسكريين والأمنيين، وترجمة ذلك إلى مسار دائم لا يتعطل عند كل أزمة. فاستقرار الراتب هو مفتاح استقرار المجتمع والاقتصاد والأمن معًا.

زر الذهاب إلى الأعلى