مقالات وآراء

عودة التلاعب بسوق الصرافة.. من يتحمل مسؤولية نهب أموال الناس؟!

كتب-عبدالرقيب السنيدي

تابعنا بشغف واهتمام بالغ ما اتخذته حكومة البلاد والبنك المركزي من إجراءات حاسمة، والتي حظيت بدعم كبير من قيادة المجلس الانتقالي، في إطار مسيرة الإصلاح الاقتصادي المنشود. وقد كانت ثمار هذه الإجراءات إيجابية ومبشرة، حيث شهدنا تحسناً ملحوظاً في سعر صرف العملة المحلية، أعقبه انخفاض ملموس في أسعار المشتقات النفطية، وكذلك في أسعار السلع الغذائية والتموينية، مما أعاد الأمل إلى نفوس المواطنين.

غير أن هذه الآمال تعرضت لصدمة عنيفة، حينما فوجئنا خلال اليومين الماضيين بعودة عجلة المضاربة والمتلاعبين بأسعار الصرف إلى الواجهة. فعادت ممارسات تحديد السعر بشكل تعسفي، وتهاوت أفئدة المواطنين بين صراف وآخر، وبنك ومصرف، كل يعلن سعراً مختلفاً مخالفاً للتعليمات. لقد سُلب أموال الناس على مرأى ومسمع من الجميع، بل وصل الأمر إلى تداول تعميم مزيف منسوب للبنك المركزي – يا لهول السخرية والاستهتار بمقدرات الشعب!

إن هذا التهاون الواضح من قبل الجهات الرقابية، وعلى رأسها البنك المركزي، يعد بمثابة تفريط في الأمانة الوطنية، وتخاذلاً عن القيام بالدور المنوط به في حماية الاقتصاد الوطني ومدخرات المواطنين. إننا نحمل البنك المركزي المسؤولية الكاملة عما حدث من مضاربات جشعة ونزيف لأموال المساكين من أبناء هذا الشعب المنكوب. إن السكوت عن هذه الأفعال، ولو للحظة، هو تواطؤ صريح مع عصابات الفساد التي أوصلت البلاد إلى ما وصلت إليه.

إننا، وبالفم المليان، نطالب الجهات العليا في الدولة بالتحرك العاجل والتحقيق الشامل في هذا التقصير المالي الفادح، ومحاسبة كل متهاون أو متورط، بدءاً من البنك المركزي. فإما أن نكون جادين في إصلاح ما أفسدته السنوات، وإما أن نعترف بأننا أمام لعبة سياسية تتكرر فصولها على حساب معاناة شعبنا.

السؤال الذي يفرض نفسه الآن: هل ستتخذ إجراءات رادعة وحاسمة ضد كل من تسبب في هذه الفوضى المتعمدة؟ وهل ستستمر عجلة الإصلاح الاقتصادي بلا هوادة لتحقيق الاستقرار والتنمية المنشودين؟ أم أن المعنى سيظل حبيساً في بطون الشعارات دون تنفيذ؟

إننا نؤمن بأن مسؤولية حماية اقتصاد الوطن وكرامة المواطن هي مسؤولية تاريخية، لا يجوز التفريط فيها، والمواطن ينتظر من قيادته خطوات جادة تعيد الثقة وتضمن عدم تكرار هذا العبث.

زر الذهاب إلى الأعلى